الخبر وما وراء الخبر

من تلمس منه رائحة الولاء لليهود والنصارى يجب أن تحمل له روح العداء، الساخط.

64

فهنا تتجلى الحقائق {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} (ال مائدة53) من أجل الحفاظ على مصالحكم من أجلكم {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ} تتجلى المواقف أن الأشياء لم تكن لهذه.

وفعلاً الزمن والأحداث من يراقب الأحداث كل حدث يكشف أحداثاً سابقة، ولو أحداث قبل عشر سنين أو نحوها، ترى كيف يتجلى أشياء تبين لك نفسية هذا أو هذا من خلال الأحداث المتتابعة، لأنه كلما أضمر الإنسان سيأتي بعد فترة أحداث تبينه، أحداث تشهد على واقعه.

فأن نصل إلى هذه الدرجة أحياناً تحصل أحداث في أي بلد إسلامي نحن قد نجمع بين حالتين: أرتاح لأنه ضرب هؤلاء؛ هم أعداء، حقيقة هم أعداء، وهم عملاء وهم من يشوهون صورة الإسلام لكن المسألة من حيث المبدأ خطيرة على الجميع، أليست خطيرة على الجميع؟

عندما اتجهت أمريكا تحت عنوان: متجهة لضرب (طالبان) ألم يخش الناس على إيران، وخشوا على حزب الله؟ أليس كذالك؟ لأن هذا العنوان المفتوح عنوان مفتوح، يبيح لأمريكا تعمل ما تريد بشرعية دولية، وبمعونة دولية عالمية بحيث إذا أطلقوا صاروخاً يسجل على كل دول العالم، لا تخسر أمريكا، لا يلحقها إلا مثل ما يلحق غيرها من التكلفة! لا يلحقها إلا مثل (ما يلحق غارم كما تقول القبيلة) ريالهم واحد.

هكذا يريدون يحققون أهدافهم ولا يخسرون دولاراً واحداً إلا مثلما يخسر الآخرون. قال لنا أحد الفلسطينيين في (الخرطوم): قال لهم يهودي في السجن في إسرائيل: هل تظنون أننا نخسر على أي سجين منكم؟ لو أننا نخسر على أي سجين منكم لما إعتقلنا أحدا، لكننا نربح من ورائكم أيضاً، لأن كل سجين يُعطى من منظمة الأمم المتحدة – من هيئة مختصة فيها – مبالغ نصرف عليه منها ونوفر أيضاً.

هم يستفيدون أيضاً، وهذه هي فكرتهم الخطيرة، هم في هذا الجانب أكثر وعيا منا. لاحظوا نحن على مستوانا الشخصي إذا غضب أحد على احد وقد جمَّع له في الشنطة مائة وخمسين ألف أو أكثر يقول: [والله لَقَرِّح ما معي في رأسه لو أَوَفِّيْ بالجنبية] أليسوا يقولون هكذا؟ (وندق أبوها عند الحاكم) [با نتخابر من خمسين، أنا خمسين وأنت خمسين، با نتخابر من خمسين ألفا، من عشرين ألفا، من…]!

هذه العقلية غير موجودة لديهم، هم يريدون أن يضربوا بأقل تكلفة مادية، أو بشرية، حتى لاحظ عندما ذهبوا إلى أفغانستان هل كان واحد يتوقع بأنهم سينزلون آلاف الجنود؟ مائة وخمسين، مائتين، أربع مائة، أعداد قليلة، معتمدين على آلياتهم الكثيرة، ويدفعون بالمعارضة الشمالية، أفغاني في أفغاني، وفي الأخير سيضربون يمنيا في يمني، وسعوديا في سعودي، ومصريا في مصري، وهكذا.

مخططاتهم رهيبة، وأصبحت الأشياء كلها تتهيأ لهم بشكل عجيب؛ لأنه النفوس فسدت، فسد زعماء وشعوب حقيقة، أصبحنا كلنا فاسدين، لا نحمل أي وعي، لا نحمل أي اهتمام هذه بالقضية، لا نفكر في أي حل فيها، وأصبحنا كلنا نتلقى في تهيئة نفسياتنا من الفساد الثقافي والإعلامي والأخلاقي ما يهيئ لليهود أن يحققوا أهدافاً أخرى أكثر مما وصلوا إليه، أكثر مما وصلوا إليه حقيقة.

تجد أبرز شيء في هذه المسألة والإنسان يتابع التلفزيون، ويتابع الراديو، يتابع الأحداث أن تفهم بأن أي موقف تتبناه أمريكا أو إسرائيل أو اليهود أن تجعل نفسك من داخل ضده وإن رأيتهم يضربون شخصاً يعجبك تحت عنوان مفتوح، الخطورة هنا: مقاومة الإرهاب، قالوا: ما هو الإرهاب؟ يطلب منهم الزعماء فَسِّروا لنا الإرهاب! أصبحت أمريكا تملك حتى تفسير المصطلحات! أليست كلمة (إرهاب) كلمة عربية؟ يريدون أن يفسرها (بوش) الإنجليزي الذي لغته إنجليزية! الإرهاب في اللغة كذا، كذا.

عارفون ماذا يعني إرهاب، هم فاهمون ماذا يعني إرهاب أنه: أي مصالح أمريكية أي غرض أمريكي يتعارض معه أي نشاط يمس أهداف أمريكا ومصالح أمريكا يعتبر إرهاباً. ومعلوم بأنه في عقائدنا ما يتجه نحو أمريكا، نحو اليهود والنصارى هو يسمى في مصطلحنا – في غالبه – يسمى الجهاد، تحت عنوان جهاد، فالجهاد في الإسلام هو الإرهاب نفسه الذي تريد أمريكا أن تقود العالم كله لمقاومته، الجهاد بالسيف، الجهاد بالكلمة، الجهاد بالموقف، هذا كله، تجند كل إمكانياتها تحت مسمى أن هذا هو إرهاب.

لم يرضوا يفسروا الإرهاب، يطلبون منهم أن يفسروا الإرهاب لم يرضوا أن يفسروه، بل يريدون أن تجلس كلمة عائمة، وهم قد ضربوا هناك من أجل أن يخافهم الناس كلهم.

ليس صحيحاً إطلاقاً ولا يمكن إذا كان الناس مسلمين أن يسكتوا على هذا الشيء، أن يصل الناس إلى درجة أن يروا اليهود والنصارى يفسدون كل شيء، ويحاربون كل شيء من ديننا، وقيمنا، ومصالحنا، وخيراتنا، ثم لا يجوز أن نتكلم فيهم، الباري قد قال لنا أن نتكلم في الشيطان، قال: إلعنوه، إتخذوه عدواً، على الأقل تنفس عن نفسك،

وليس إلى درجة أنهم يعملون كل شيء ثم لا تتكلم، لا تتفوه بكلمة، من أين جاء هذا؟ يأتي عن طريق الزعماء نفوسهم، ثم ينزل إلى الشخصيات نفسها! قد تسمع أحياناً حتى من أقاربك، أو من أهل منطقتك من يقول: [والله صحيح أما هذا رئيتم أن هذا عمل عظيم، كان سيحدث كذا لو لم يعمل فلان كذا]!

الذي أريد أن أقول بأننا جزء من المسلمين، والمسؤولية على المسلمين جميعاً، ومعلوم بأن أمريكا وهي على بعد تحسب ألف حساب أن مثل هذا الجمع يمكن أن يكونون في واقعهم بالشكل الذي يخدمهم؛ لأن من مثل هذا الجمع يمكن أن تجند ملايين لأجل تفسدهم، هي لا تقول هذا المجلس طبيعي، أو هذه المجموعة البسيطة ماذا يمكن أن يمثلوا؟ لا، تحرص على مثل هذا الجمع أن تفسدهم بأي ثمن.

فنحن نحرص على أن نحافظ على وعينا، نحافظ على سلامة نفوسنا أمام الله، هذه مسائل خطيرة جداً، مسائل خطيرة جداً، من تلمس منه رائحة الولاء لليهود والنصارى يجب أن تحمل له روح العداء، في كل مشاعرك، وداخل أعماق نفسك، العداء الإيجابي، العداء الساخط، كل من تلمس أنه يوالي اليهود والنصارى، كل من تلمس بأن منطقه وإن كان منطقا تحت عناوين أخرى: مصلحة كذا وكذا، يجب أن تحمل له روح العداء، وأن ترد عليه أن هذا غير صحيح، فليضربونا أشرف لنا، أن يضربونا ولا أن نأتي نحن نُضرب من داخلنا.

هكذا قال الفلسطينيون أنفسهم – كنا نستغرب ونراها فعلاً قضية محرجة للفلسطينيين، حركة حماس، حركة الجهاد الإسلامي، كانت إسرائيل تجند عرفات وحكومته للقبض عليهم – قالوا: نحن وقفنا محتارين أن نقاتل هؤلاء نتقاتل فيما بيننا الفلسطينيين، ونكون الضحية كلنا، وتكون النتيجة في صالح إسرائيل، أو أن نسكت رأينا الباطل، رأينا القهر، نقاد إلى السجون، ولم نعد نستطيع أن نعمل شيئا ضد عدونا، ضد إسرائيل!

إسرائيل تريد أن تصل بكل بلد عربي إلى مثل ما وصلت إليه فلسطين، أن هذا يوظف لصالح توجيهاتها، يمسك هذا، يعتقل هذا يضرب هذا، إن قام الناس وتضاربوا فالشيء نفسه في صالح إسرائيل مثل ما قال عمرو بن العاص: [إني سأضع خطة إن قبلوها اختلفوا وإن ردوها اختلفوا] هي هذه إسرائيل توصلنا إلى هذا الشيء، تريد ما يحصل في فلسطين أن يحصل في كل بلد، وتريد أن تفرضه على ياسر عرفات أن تفرضه على كل زعيم عربي.

إذا لم ننتبه إلى هذه الأشياء، إذا لم نحمل روح اهتمام حقيقي، إذا لم نحارب الفساد، مثل هذه الدشات كما قلنا: الدش نفسه عندما تفسد ابنك ستـجعل ابنك جنديا إسرائيليا، يخـدم إسرائيل، لـم تعد قضية سهلة (لو عاد الدنيا سلامات) لا يوجد هناك من هذه الأشياء، فَسَدَ هو الفسادَ الذي في محيطك الشخصي وآثاره في محيطك الشخصي يعتبر طبيعيا بالنسبة لما هو حاصل الآن. لاكن الآن فسادك يحولك إلى جندي تخدم إسرائيل، ومصالح إسرائيل، زوجتك، بنتك تتحول الشيء نفسه بإفسادها إلى امرأة تخدم – بفسادها النفسي – إسرائيل؛ لأن هذه المرأة عندما تفسد في يوم من الأيام وأنت ابنها تنطلق تريد أن تعمل عملا معيّنا, أو تقول كلمة قاسيه, ستأتي تقول: “بطّل ما لك حاجه” تُهدِّئ أعصابك، وتحاول أن تشكل من نفسها عائقاً أمامك. سواء زوجتك أو أمك أو أي واحدة من أقاربك، كذلك أولادك.

فإذا كانت القضية صحيحة لهذه الدرجة، فمعنى هذا بأن الفساد سيكون إثمه عند الله مضاعف، يتضاعف كما قلنا لكم سابقاً: على حسب الاعتبارات سواء اعتبارات اجتماعية، أو اعتبارات حالياً باعتبار الزمن، أو باعتبار أي شيء آخر في علم الله. وفي الوقت نفسه نكون نحن نصوم – ألسنا الآن خرجنا من شهر رمضان؟ – ويصبح شهر رمضان لا قيمة له، صلاتنا تصبح لا قيمة لها، زكاتنا لا قيمة لها، حجُّنا لا قيمة له، عباداتنا لا قيمة لها، نضربها بقضية واحدة، بقضية واحدة تصبح كل هذه الأشياء لا قيمة لها، ويكون الإنسان في واقعه – ولا سمح الله، ونعوذ بالله – يهوديا من حيث لا يشعر، أو نصرانيا من حيث لا يشعر، فعلاً، هذه حقيقة قرآنية، والواقع نفسه يهيئ الناس لهذا الواقع وعمل اليهود وأولياء اليهود يحولوننا إلى أن نكون يهوداً ونصارى من حيث لا نشعر، بالتولي لهم أو لمن هو متولِّ لهم … إلخ.

أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما فيه رضاه، وينور بصائرنا، ويفرج عن الإسلام والمسلمين.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

(الموالاة والمعاداة)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: شهر شوال 1422هـ

الموافق: ديسمبر2001م

اليمن – صعدة.