الخبر وما وراء الخبر

سفينة نوح

59

معاذ الجنيد

البرُّ والبحرُ والأجواءُ تستعِرُ

ونحنُ بالواحد القهَّار ننتصِرُ

الحمدُ لله هادِينا وناصِرنا

أنصارهُ في الورى فازوا بما صَبَروا

تحالُفُ الشرِّ موجوعٌ ومُنهَزِمٌ

وعالَمُ الصمتِ مصدومٌ ومُنبَهِرُ

و(مجلسُ الأمن) .. لم نأبَهْ بموقِفِهِ

فـَ(مجلسُ الأمن) .. ندري أنَّهُ قَذِرُ

يا كُلَّ مَنْ في ذُهُولٍ تنظُرونَ لَنَا

والله ما نحنُ إلا مثلكُم بَشَرُ

لَكِنَّهُ الله آوَانا وأيَّدَنا

وصَرخةُ الحقِّ لا تُبقِي ولا تَذَرُ

وصرخةُ الحقِّ كالطُوفانِ تجرفهُم

كأنَّ في كَفِّها التدبيرُ والقَدَرُ

كان (الحسينُ) كـَ(نوحٍ) وهوَ يرفعها

وكُلَّما مَلَأٌ مَرُّوا بِهِ سَخِروا

واليوم يستمسكُ المستضعفون بها

فيغتلي قلبُ (أمريكا) وينفطِرُ

(الله أكبرُ) بالأفواهِ نُطلِقُها

لكِّنَها فوق ( إسرائيل ) تنفجِرُ

(الله أكبرُ) في المُستكبرينَ سَرَتْ

كنفخةِ الصُورِ من أجداثِهِمْ حُشِروا

لو لم يروا موتَهُمْ يدنو بـِ(صرختنا)

ما حاربوها ولا من رفعها ذُعِروا

هُم يعرفون متى تأتي نهايتُهُم

لأنهُم لوعود الله قد خَبِروا

لأنهُم حسبوها في جداولهم

بما أشارَتْ بِهِ (التوراةُ) و(الزُبُرُ)

لو كان (فرعون) لم يشعُر بموعِدهِ

ما قامَ بالذبحِ للأطفالِ يأتمِرُ

لكنْ هل اسطاعَ دفعَ الموت حين أتى ؟

أم كان بين يديهِ يكبرُ الخَطَرُ !

أبناءُ (فرعون) جاءوا مثل والدهم

وإن تفاوَتت الأزمانُ والسِيَرُ

هُم يعرفون مواعيد الخلاص .. نعمْ

لكنَّهُم إن أرادوا صَدَّها خَسروا

يا (صفقة القرن) .. قرنُ الشرِّ مُنكَسِرٌ

فدورةُ الحقِّ دارَت واستَوَى القمرُ

* * *

(الله أكبرُ) ما دمنا نُردِّدها

فكُلُّ ما كانَ دون الله ينحسِرُ

(الله أكبرُ) واجَهَنا الوجودَ بِها

تفكَّروا يا أولي الأبصارِ واعتَبِروا

متى سيصرُخُ باقي المسلمين بِها

هل ينظرونَ لأنْ تختَصَّهُم سِوَرُ

وحكمةُ الله فينا اليوم بالِغةُ

وفي انتصاراتنا (ما فيهِ مُزدَجَرُ)

(إن لم تكُن آمَنَت من قبلُ أو كسبت

نفسٌ بإيمانها خيراً قُلِ انتظروا)

سيأتيَ الله بالأنصارِ يومئذٍ

مُستَبدِلاً من لدِين الله ما نَصَروا

إنَّ (الشِعارَ) (عصا موسى) التي فلَقَتْ

بسِرِّها البحرَ وانشَقَّتْ بها الحجرُ

فكَبِّري وارفعي يا (قُدسُ) (صرختنا)

لِتَعرفي كُلَّ من خانوا ومن غَدَروا

لأنَّ من آمنوا بالله .. واحتَكَموا

إلى الطواغيت .. قد ضَلُّوا وما شَعَروا

وفَازَ من حارَبَ الطاغوت مُتَّبِعاً

قِيادةً من رسول الله تنحَدِرُ

يستنكِرون على الأحرارِ (صرخَتهُم)

وهُم بها في كتاب الله قد أُمِرُوا

فالله من قالَ (( قُل مُوتُوا )) لِيُرشِدَنا

ونحنُ قُلنا لهُم مُوتُوا أو انتَحِرُوا

* * *

بِكُنيةِ (اليمنِ) اغتَرُّوا .. وما علموا

أنَّ (السعيدةَ) من أسمائها ( سَقَرُ )

أرضٌ بنُصرةِ دين الله قد عُرِفَت

بسِلعةِ الموت في الغازين تشتهِرُ

يعيشُ من فوقها أنصارُ (حيدرةٍ)

ينامُ تحت ثراها (التُركُ) و(التَتَرُ)

تحِنُ كلُّ بلادٍ نحو تُربَتِها

فكُلُّ قومٍ لهُم جُندٌ هُنا اندَثروا

لم يُخطئوا من أتوا كي يأخذُوا صِوَراً

فمن هُنا تُؤخَذُ الأرواحُ والصِوَرُ

ثَبِّت (فِلاشَكَ) يا (رشَّاش) مُلتَقِطاً

تلك الوجوه التي ما زانَها البصرُ

* * *

لقد نُصرنا عليهم رغم كثرتهم

فالواحِدُ الفردُ لا يعنيه إن كثرُوا

حليفُنا الله .. فاعقِل يا تحالُفَهُم

لو جئتَ بالجِنِّ فوق الإنسِ لاندَحَروا

دِفاعُنا الله .. ذُوبِي يا قنابِلَهُم

إلهُ (موسى) وَقَانا شَرَّ ما مَكَروا

نصيرُنا الله .. ماذا يا غُزاةُ إذن !؟

هل من حليفٍ على الجبَّار يقتَدِرُ ؟؟!

ها أنتُمُ الآن في أقسى مراحِلكُم

والموتُ من كلِّ صوبٍ فوقكُم مطَرُ

لا تفرحوا بالمُعدات الثِقالِ .. فمن

طبعِ الحديد .. يرى شعبي وينصَهِرُ

أعياكُمْ الزحفُ ؟ فابقوا في أماكِنكُمْ

إنَّ ( المُسَيَّرَ ) يدري أينَ ينهَمِرُ

وطمئنوا كلَّ من غابوا .. سيُشعِرهُم

(بُركاننا) حين يمضي أنَّهُم حَضَرُوا

* * *

أُسائِلُ البحرَ .. هل شاهدتَ مقتلَهُمْ

يقولُ لم أنتَبِهْ إلا وقد قُبِروا !

كانوا أُلُوفاً .. وصاروا فجأةً عَدَماً

كأنَّهُم قطُّ ما كانوا ولا ذُكِروا

لم أدرِ إلا بأقدامِ الحُفاةِ على

مُدرَّعاتِ الأعادي عندما زأروا

أكُلُّ تِلك الزحوفات التي انتحرت

وذلك القصف والجيشَ الذي حَشَروا !!

من أجل أن يترُكوا هذا السلاح لَكُمْ !؟

لو أرسلوه إذنْ في (الشَحنِ) لاختَصَروا !!

* * *

إعلامُهُم لَفَتَ الدنيا لسوءتِهم ..

أخزاكُم الله يا أعراب فاستَتِروا !

كادَت مُبادرةُ (الأنصار) تُنقِذهم

وحين ربُّكَ أعماهُم .. لها عَقَروا

فالله يعلمُ أنَّا فِتيةٌ صُدُقٌ

والحربُ تشهدُ أنَّا فِتيةٌ صُبُرُ

وأنَّ أعداءنا أخزى الورى خُلُقَاً

إن عاهَدوا أخلفوا .. إن خاصَموا فَجَروا

لو عندهم أيُّ تقديرٍ لأنفُسهم

لأعلنوا الآن وقف الحرب واعتذروا !

فهَلْ تُرى الحربُ مِيعَادٌ لِمَهْلِكِهِمْ ؟

قُلْ إنَّما الغَيبُ للرحمنِ فانتَظِرُوا