الخبر وما وراء الخبر

تونسيون ينتفضون بوجه السعودية.. أموال الحج تستغل لقتل المسلمين

68

بينما تستعد الدفعة الأولى من الحجاج التونسيين للمغادرة نحو الأراضي المقدّسة نهاية الشهر الحالي، لاتزال قضية الدعوة إلى إلغاء موسم الحج حديث الشارع والدوائر الرسمية في تونس، بعد تعالي الأصوات التي اتهمت السلطات السعودية باستغلال أموال المسلمين في الحروب لقتلهم ولاسيما في اليمن وسوريا.

نقابة الأئمة التونسيين بدورها دعت مفتي الجمهورية عثمان بطّيخ إلى الإفتاء بعدم جواز فريضة الحج للعام الحالي، لأن النظام السعودي يستغل أموال الحج لقتل المسلمين في أكثر من بلد ولاسيما اليمن، وأكدت نقابة الأئمة التونسيين أن الأموال الباهظة يستخدمها نظام آل سعود لتمويل حربه العدوانية على اليمن، وطالبت بصرف الأموال التي يتمّ إنفاقها على الحج لتحسين أوضاع التونسيين.

وبحسب النقابة فقد لاقت دعوة المقاطعة استجابة قوية لدى العديد من التونسيين الذين عبّروا عن مساندتهم لإلغاء موسم الحج بمواقع التواصل وعلى وسائل الإعلام، مشيرة إلى أن ذلك يعكس حالة من السخط الشعبي على سياسات السعودية في شنّها حروباً بالمنطقة.

كذلك دعا الكاتب العام لنقابة الأئمة في تونس الفاضل عاشور، في تصريحات إعلامية نهاية شهر يونيو، إلى “توعية الحجيج بأن فريضة الحج تؤدى مرّة في العمر وأن هناك عائلات تستحق مساعدات وشباباً عاطلاً عن العمل يستحق التشغيل ودولة تعاني من المديونية”، مقترحاً “تحويل هذه الأموال إليهم حيث يكون أثرها جماعياً وأجرها أعظم”.

وعاب عاشور على وزارة الشؤون الدينية إرسال بعثة رسمية للسعودية بقصد “استعطافها” لخفض تكلفة الحج بعد فرض ضرائب إضافية، معتبراً أن الوصول لاتفاق يقضي بخفض مئتي دولار على تكلفة كل حاج هو مجرد ذرّ رماد على الأعين ولا يخفف أعباء الحج.

مفتي تونس يرد

ديوان الإفتاء التونسي سارع إلى الرد على هذه المطالبات، ونشر على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك فتوى جديدة للمفتي بطيخ أكد فيها أن الحج “فريضة وركن من أركان الإسلام وشعيرة دينية، وحكم الحج الوجوب على كل مسلم بالغ عاقل مع شرط الاستطاعة، والاستطاعة بدنية ومالية، ولذلك فإنّ من تعذّر عليه بدنياً أو مالياً بألّا تتوفّر لديه تكلفة الحج، يصبح غير مطالب بهذه الفريضة إلى حين توفّرها”.

وأضاف المفتي: إنّ الدعوة إلى إبطال موسم الحج لسنة 1439هـ الموافق لسنة 2018 م لا تجوز شرعاً لأي سبب كانت، وذلك باتفاق كل علماء المسلمين بدليل الكتاب والسنّة، ولا يمكن تعطيل أو إبطال موسم الحج، وكل دعوة إلى ذلك تُعتبر حراماً شرعاً، ومن شأنها أن تثير البلبلة والتشويش على قاصدي بيت الله الحرام، وهي فتنة والفتنة أشدّ من القتل، والذي روّج لفكرة إبطال الحج لا يعرف من الشرع الإسلامي شيئاً وهو يعبّر عن رأيه الخاص ولا يُلزم إلا صاحبه.

فيما أصدرت وزارة الشؤون الدينية بلاغاً أكدت فيه: أن دعوة بعض الأطراف لإلغاء حج هذا الموسم غير صادرة عن أي جهة رسمية، ولا تُلزم الحكومة التونسية في شيء، وأشارت الوزارة إلى أن هذه الدعوة لم تؤثّر سلباً على “الإقبال الكبير” من قبل التونسيين لأداء فريضة الحج هذا العام.

ولم تكن قضية استغلال النظام السعودي لأموال الحج لقتل المسلمين هي السبب الوحيد لرفع الصوت في تونس، بل إن تسعيرة الحج التي فرضتها السلطات السعودية لهذه السنة شهدت ارتفاعاً مقارنة بالموسم الماضي بزيادة بنحو ألفي دينار تونسي -760 دولاراً- وتجاوزت التكلفة الإجمالية 11 ألف دينار تونسي أي ما يعادل 4 آلاف دولار.

وقال غسان العليوي مدير إدارة الحج والعمرة بشركة الخدمات الوطنية والإقامات – شركة حكومية تنظم إجراءات الحج والعمرة – إن السعودية بدأت خلال هذا الموسم بتطبيق إجراءات مالية جديدة منها الزيادة بـ 5 بالمئة في الضريبة على القيمة المضافة للحج وتطبيق أداء بلدي 5 بالمئة عن السكن فضلاً عن انهيار سعر الدينار التونسي مقارنة بالعملات الأجنبية وارتفاع سعر تذاكر الطائرات بنحو 10 بالمئة، وأكد العليوي: “وجود ارتفاع في الطلب على الحج خلال هذه السنة من قبل التونسيين وقد بلغ العدد الإجمالي للمرسمين لهذا الموسم 10 آلاف وتسعمئة و82 حاجّاً، بزيادة 608 حجاج مقارنة بالسنة الماضية”، مشدداً على ما وصفه بـ”متانة العلاقات السعودية التونسية” وعدم إلغاء أي حجوزات خاصة بموسم الحج لهذه السنة من قبل التونسيين.

وكانت السعودية رفعت العام الماضي رسوم تأشيرة دخول وخروج إلى السعودية على جميع القادمين والوافدين للزيارات أو الحج والعمرة، وبحسب بعض المراقبين فإن السعودية تريد تعويض جزء من خسائرها في العدوان على اليمن من جيوب فقراء المسلمين، ما أدّى إلى ارتفاع تكاليف الحج بشكل غير مسبوق هذا الموسم.