الخبر وما وراء الخبر

من يريد إفشال المفاوضات، الرازحون تحت وطأة القصف؛ أم الجالسون في قصور الرياض؟

102

قبل أن تشن السعودية حربها علی الیمن، اختارت حركة أنصارالله الیمنية والكثير من التيارات الاخری التي تحرص علی سلامة الیمن، مسير المفاوضات لحل الخلافات وإنهاء الأزمة الطاحنة في البلاد آنذاك، بهدف تشكيل حكومة منتخبة، تشارك فيها جميع المكونات السياسية الیمنية.

لكن لم يمضي سوی فترة وجيزة علی المشروع التفاوضي والحواري الیمني، حتی أفقنا علی الغارات السعودية وهدير الطائرات الإماراتية، التي أخذت تقصف وتدمّر البيوت السكنية علی رؤوس المواطنین الیمنیین دون إنذار مسبق.

لكن ورغم هذه الاحداث المريرة التي أوجدتها السعودية للشعب الیمني، بات الفشل السعودي، أكثر وضوحا مما كان عليه، في مواجهة حركة أنصارالله و حلفائها علی الأرض، وتتضح صورة هذا الفشل من خلال عدم إستطاعة الرياض علی الاقتراب من «صنعاء» العاصمة الیمنية، التي يسيطر علیها الجيش واللجان الشعبية، التابعة لحركة أنصارالله. وفي ظل هذا العجز العسكري السعودي، باتت تحاول الرياض من جديد، تحقيق ما عجزت عن تحقيقه عسكريا، عبر المفاوضات السياسية. لكن و قبل أن تبدء الجولة الجديدة من المفاوضات الاممية، بين فريق جماعة أنصارالله وحلفائها، و بين اعضاء الحكومة المنتهية ولايتها التي تقيم في الرياض، بدءت الرياض و الرئيس المنتهية ولايته، «منصور هادي»، يشككون في جدية مشاركة حركة أنصارالله في المفاوضات المرتقبة، ومساعيها لانجاح هذه المفاوضات.

فمن هو الذي يحاول إفشال المفاوضات، هل هي حركة أنصارالله أم حلفاء  الرياض؟

ثمة من يعتقد أن السعودية والشخصيات الیمنية مثل «منصور هادي» و«خالد بحاح» الذين رموا بانفسهم في حظن الرياض، لا يمكن أن يوافقوا علی المفاوضات، مع حركة أنصارالله، إلا في حالة واحدة، وهي عندما يشعروا بانهم ليسوا قادرين علی إلاستمرار في الحرب العسكرية، وهذا ما بات تواجهه السعودية وحلفاءها، اليوم في الیمن. لكن ورغم هذا الإنكسار العسكري الذي أصاب آلة الحرب السعودية الضخمة، فان الرياض لازالت غير مستعدة، لإنهاء عدوانها علی الشعب الیمني، وسيذهب الطرف الیمني الموالي لها، مرغما للمشاركة في المفاوضات القادمة، وسط تشكيكات واتهامات لحركة أنصارالله بان برنامج الحركة ليس جديا لإنهاء الحرب، عبر المفاوضات.

وسمعنا هذه التشكيكات من قبل رجال «منصور هادي»، وفي مقدمتهم «رياض ياسين»، كما نقلت عنه فرانس برس الذي قال: «نريد الذهاب الى المفاوضات في جنيف، لكن ما يفعلونه في تعز ومحاولاتهم الهجوم مجدداً على أماكن في الجنوب تظهر أنهم ليسوا جديين».

نحن من جانبنا نسأل السيد ياسين، كيف يمكن الجزم بان لا تريد حركة أنصارالله، المفاوضات، في حال أن استمرار القصف السعودي، يفقد الحركة الكثير من أنصارها، ويدمر مقراتها، ويلحق بها خسائر فادحة.

هذا كلام ليس في محله، و لعله يصدر من قبل ياسين، لغرض افشال هذه المفاوضات المرتقبة، كما افشلت الضغوط السعودية، مفاوضات جنيف السابقة. ولعل من لا يريد هذه المفاوضات، هم الذين تستضيفهم السعودية، في افخر فنادقها، دون أن تؤذي أصوات الطائرات آذانهم، ودون أن تتعرض اجسامهم الی السرطانات، كما هو الحال بالنسبة لاطفال الیمن، اثر استخدام الاسلحة المحرمة دوليا من قبل السعودية.

كما لا نفهم لماذا ينتقد ياسين، الجيش الیمني وأنصارالله، لمحاولاتهم تطهير المناطق الجنوبية، طالما تاتي هذه المحاولات لتطهير المدن الیمنية من الغزات السعوديين والاماراتيين، والمرتزقة الكولمبيين والسودانيين والتشاديين، الذين يحتلون جنوب الیمن، و يدمرون المنشآت والبنی التحتیة فيها، باعتبارها أفقر الدول العربية.

وكيف يمكن أن نصدق مزاعم رياض ياسين حول عدم جدية انصارالله للتوجه الی المفاوضات، بينما تسعی الحركة الی انهاء معاناة الشعب الیمني، الذي بات يعاني من كارثة إنسانية، وفقا لتقارير الامم المتحدة، اثر تدمير المستشفيات، ونشوب مجاعة واسعة في مختلف مدن الیمن. وبعد هذه الحالة المأساوية التي بات يعاني منها الیمن، ليست هي حركة انصارالله لوحدها من تريد ايقاف العدوان عبر المفاوضات، بل خلال الفترة السابقة طالبت أكثر من ٥٤ منظمة وتحالف حقوقي، من ١٢ دولة عربية، بضرورة إيقاف المجازر السعودية في الیمن.

وبينما تستمر هذه التشكيكات من قبل حلفاء الرياض، حول جدية انصارالله للمشاركة في المفاوضات، أعلن الناطق باسم القوات المسلحة الیمنية اللواء «شرف غالب لقمان» اليوم كما نقلت عنه وكالة «سبأ»، أن الائتلاف السعودي يستعد لبدء عملية عسكرية بعد حشده معدات عسكرية في الشاطيء الغربي لليمن، «بهدف احتلال تعز والحديدة بالتعاون مع مرتزقته في الداخل وذلك لتحقيق مكاسب وإنجازات على الأرض».

وعلی عكس مزاعم حلفاء الرياض، فان هذا التحمس السعودي لصب مزيدا من الزيت علی نار الحرب في الیمن، نصل الی هذه النتيجة أن الرياض وحلفائها، ليس من المعلوم أنهم يريدون المفاوضات لانهاء عدوانهم علی الیمن.

واخيرا، وبالرغم من الكم الهائل من التهويلات الاعلامية ضد الجيش الیمني وحركة انصارالله، في وسائل الاعلام العربية والدولية، فان الرأي العام الدولي، اضحی يعرف جيدا أن الشعب والجيش واللجان الشعبية التابعة لحركة انصارالله، هم المتضررين من استمرار الحرب، فلهذا لا يمكن أن يسعوا الی افشال المفاوضات القادمة او عرقلتها، وهم جادون للوصول الی حل لانهاء العدوان من خلال المفاوضات، اذن علینا أن نتريث قليلا، رغم استمرار نزيف الدم الیمني، لنری ماذا يحمل فريق الرياض في جعبته لانهاء عدوان الائتلاف السعودي علی الیمن.

*وكالة مرصد