( نص + فيديو ) محاضرة ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام – المحاضرة الرمضانية السابعة عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1439هـ
https://www.youtube.com/watch?v=1vRGu8J7J90&index=2&list=PLRhimuOBL8-DI3qz6OPAn66-
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
شهدت ليلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك حدثا يمثل فاجعة كبرى في تاريخ أمتنا الإسلامية، حيث أقدم من أسماه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأشقى الأمة على تنفيذ جريمة اغتيال الإمام علي عليه السلام في مسجد الكوفة، الإمام علي عليه السلام بكل ما يمثله كرمز عظيم وولي للأمة، الإمام علي عليه السلام بمنزلته العظيمة في الإسلام ودوره المحوري في الإسلام منذ بزغ فجر الإسلام وامتداد هذا الدور إلى نهاية تاريخ الأمة مثل استهدافه في تلك الليلة والعمل على اغتياله، حيث أصيب في تلك الليلة، وفي ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان التحق بالرفيق الأعلى شهيدا عظيما، مثل كارثة ونكبة كبيرة على الأمة استهدافه، فعلا مثل خسارة عظيمة لم تعوض أبدا على هذه الأمة.
ونحن عندما نتحدث عن الإمام علي عليه السلام فنحن نتحدث عمن تربطنا به كمؤمنين صلة الإيمان ورابطة الإيمان، وبمنزلته ومقامه العظيم الذي تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لقد سعى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مقامات متعددة ومواطن متعددة وبشكل كبير إلى الحديث عن الإمام علي عليه السلام، الحديث المتميز المعبر عن مقام الإمام علي عليه السلام، عن دوره عن منزلته، وعن أهمية هذا الدور بالنسبة للأمة، والرسول صلوات الله عليه وعلى آله بسعيه ذلك، باهتمامه ذلك كان يتحرك في هذه المسألة كما في كل المسائل الأخرى ذات الصلة بهداية الأمة، ذات العلاقة بإرشاد الأمة، ذات العلاقة والصلة بتحديد معالم الهداية للأمة في مستقبلها إلى قيام يوم الدين، كان يتحرك وفق الخطة الإلهية، وفق التعليمات الإلهية، وفق التوجيهات الإلهية، كل اهتماماته كل سعيه، كل حركته، كانت محكومة بالهداية، وكانت تقدم هداية لهذه الأمة، فلم يكن ذلك الحديث في تلك المقامات، بتلك العبارات المهمة والعظيمة الدلالة، حديثا عاديا أو حديثا هامشيا أو حديثا ترفيا، لا، وحتى العبارات التي تحدث بها عن الإمام علي عليه السلام لها دلالته العظيمة والمهمة، فهو فعل ذلك وقدم ذلك وتحرك في ذلك في نفس السياق الذي يتحرك فيه وهو يقدم الهدى للأمة كل الأمة من بعده إلى قيام الساعة.
من الأحاديث المهمة التي نقلتها الأمة بالتواتر وباتت قطعية في موثوقية نقلها عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، في تأكيد صحتها عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، من النصوص العظيمة نص يبين منزلة الإمام علي عليه السلام، هذه المنزلة المتصلة بموقعه في الإسلام، موقعه في حركة الإسلام، موقعه في حركة الرسالة الإلهية، موقعه بالنسبة للأمة بالنسبة للمؤمنين حين قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي”، هذا النص نص مهم، والمهم فيه أن نتفهم دلالته، الكثير من الناس يسمع النصوص، يسمع الأحاديث المهمة ولكنه لا يستوعب دلالتها، ما تدل عليه، إننا كأمة إسلامية، كمسلمين يجب أن ندرك أن هذا النص يحدد لنا طبيعة العلاقة مع الإمام علي عليه السلام، كيف هي علاقتنا كمسلمين وكأمة إسلامية، كأمة محمد بالإمام علي عليه السلام، لأنها حددت موقعه في نفس الوقت قدمت لنا طبيعة العلاقة به من هذا الموقع المحدد، من هذه المنزلة المحددة.
الكثير من الناس نتيجة المشاكل المذهبية، نتيجة التعبئة الخاطئة، نتيجة الجهد الكبير الذي بذلته حركة النفاق في الأمة ينظر إلى الإمام علي عليه السلام نظرة عادية، شخص عادي مثل بقية الصحابة، صحابي من بقية الصحابة، المسألة ليست كذلك أبدا، أبدا، وإلا كان هذا النص نصا لا معنى له ولا دلالة له، أن يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم للإمام علي عليه السلام هذا النص، وهذا النص موثوق ومؤكد ومروي لدى الأمة ولدى باقي الأمة وفي أهم المصادر لدى فرق الأمة، يقول له: “أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي”، هل كان هارون في أمة موسى حاله حال أي شخص من أمة موسى؟ حال أي واحد من أولئك الذين كان لهم تلك الهفوات والانحرافات والأخطاء والمشاكل، أم أن موقعه كان موقعا مهما جدا! نتحدث أو نرجع إلى القرآن الكريم لنرى كيف كان مقام هارون عليه السلام، الذي كان وزيرا بالنص القرآني، هو كان نبيا لكن مقام النبوة ليس للإمام علي، لأنه لا نبي أبدا بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هو خاتم النبيين، فما من نبي من بعده أبدا، لكن نأتي إلى بقية الأدوار بقية المقامات بقية المهام والمسؤوليات الدور الذي كان لهارون، تجد أنه كان الوزير، وكان المعاضد، كان الشريك في الأمر في طبيعة النهوض بالمسؤولية، كان الخليفة في القوم، كان كان كان، دور كبير جدا، فالنص هذا المقطوع بصحته، المؤكد الواضح هو يقدم دلالتين مهمتين جدا، منزلة الإمام علي من جانب، وطبيعة العلاقة به بالنسبة للأمة بمستوى هذه المنزلة وبطبيعة هذا الموقع، وفي نفس الوقت يقدم دلالة قاطعة على المقام الإيماني للإمام علي عليه السلام، بمثل ما يقدم موقعه في حركة الرسالة، في طبيعة المسؤولية في النهوض بهذه المسؤولية، في علاقة الأمة به كيف يجب أن تكون، يقدم دلالة قاطعة على أن أكمل الأمة، أعظم الأمة إيمانا ومنزلة، أعظم من جسد مكارم الأخلاق، أعظم من جسد تعاليم الإسلام، أعظم من اكتملت فيه كل الصفات الإيمانية وكل المقومات ومكونات الشخصية المسلمة والمؤمنة من أتباع رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الإمام علي عليه السلام، لأن هذا هو كان مقام هارون وحال هارون في أمة موسى، وأكمل أمة موسى إيمانا، أعظمهم كمالا إيمانيا بكل المواصفات الإيمانية، بكل العناصر التي تتكون بها الشخصية الإيمانية، وهذا أمر واضح في هذا النص العظيم، والإمام علي عليه السلام بحسب النصوص الأخرى كذلك عندما نأتي إلى حديث الولاية الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الغدير وهو يخاطب الأمة: “إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه”، هذا المقام للإمام علي عليه السلام، الذي أيضا في النص يقول: “اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله”، بهذا المقام العظيم، بهذه العلاقة المفترضة بيننا وبين الإمام علي عليه السلام، “فمن كنت”، يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، “مولاه فهذا علي مولاه”، لا يكتمل لك التولي للرسول إلا بالتولي للإمام علي عليه السلام، يصبح التولي للإمام علي عليه السلام امتداد للتولي للرسول، جزء من التولي للرسول صلوات الله عليه وعلى آله لأنه سيمثل حلقة الوصل والامتداد إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله في تقديم هذا الدين في القدوة في هذا الدين، في النقل لهذا الدين، في الأمانة على تقديم هذا الدين، في تقديم النموذج الفعلي والحقيقي والموثوق والعظيم والأصيل لهذا الدين، والإمام علي عليه السلام قدم الرسول صلوات الله عليه وعلى آله حبه كعلامة فارقة وهذه من أهم النقاط على الإطلاق، على الإطلاق، علامة فارقة بين الإيمان والنفاق، عندما قال له :”لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق”، وهذه النصوص من النصوص التي تناقلتها الأمة، وبحكمة إلهية وبإقامة من الله للحجة على عباده وعلى هذه الأمة نفسها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله عندما بذل جهدا كبيرا في إيصال هذا الهدى إلى الناس في تقديم هذه الحقائق والنصوص المهمة جدا إلى الأمة، الله أيضا تكفل بحفظها لتبقى في تراث الأمة تتناقله الأمة جيلا بعد جيل في أهم مصادرها وكنصوص تجمع وتقطع بصحتها، علماء الأمة المعتبرون لديها مصادرها المعتبرة لديها تؤكد بصحتها وتجمع على صحتها وتتناقلها كلٌ من عنده يتناقل هذه النصوص وتُخلد لدى لأجيال لتكون حجة لله سبحانه وتعالى على هذه الأمة التي هي بأمس الحاجة إلى هذه المسألة.
الأمة بحاجة ماسة جدا والواقع يشهد واقع الأمة شهد على حاجة الأمة إلى كل هذا إلى معلم يمثل علامة فارقة عند اختلاف الأمة عند تضاربها حينما تختلف الأمة على المنهج حينما تختلف على النموذج حينما تختلف على ما يعبر عن الشخصية الإسلامية الحقيقية التي تعبر عن حقيقة الإسلام، حينما تختلف وتتعدد الطرق حينما تختلف وتتشوش التفسيرات والتقديمات وتتضارب الآراء والأهواء تحتاج الأمة إلى علامة فارقة تحتاج إلى معالم واضحة تحتاج إلى أعلام بينة هل تركها الله من دون ذلك؟ هل تركها الله لتعيش حالة الحيرة والتضارب هذه؟ لا، فالرسول صلوات الله عليه وعلى آله هو تحرك ضمن الخطة الإلهية وما قدمه كان ضمن حركته في هداية الأمة وحركته في هداية البشرية وقدم ذلك على أرقى مستوى وبأعظم ما يكون وضمن السنن الإلهية مع كل الأنبياء.
رسول الله حينما قال للإمام علي عليه السلام لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، قدم للأمة علامة فارقة تبقى للاستفادة منها إلى قيام يوم الدين إلى يوم القيامة إلى نهاية أمر هذه الأمة وهذه البشرية هذه الأمة هي آخر البشر هي في الحقبة الأخيرة للتاريخ البشري ختام النبوة ختام الكتب الإلهية هو يعني ذلك و يدل على ذلك، النصوص القرآنية هي تؤكد ذلك، فرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله يُدرك أن أكبر مشكلة للأمة في داخلها ستكون من خلال حركة النفاق التي يمكن أن تتزايد أنشطتها وأن تتقوى حركتها في داخل الأمة فتشكل خطورة بالغة على الأمة في كل شيء، تصنع حالة من التشويش حالة رهيبة من التظليل على المستوى الثقافي والفكري تسعى إلى الانحراف بمسار الأمة تسعى حركة النفاق واحدٍ من أخطر ما تفعله بالأمة أن تسعى بالانحراف بمسار الأمة عما يمثل المنهج الإسلامي الأساس والصحيح عن الإسلام المحمدي الأصيل، وحركة النفاق أخطر ما فيها أنها في ظاهر الحال تعلن إقرارها وتعبر عن إسلامها وإيمانها بكل المعالم الرئيسية البارزة جداً في الإسلام التي تمثل علامة فاصلة بين الإيمان والكفر فتعلن مثلاً إسلامها وإيمانها بالقرآن بالإسلام جملة بالرسول صلوات الله عليه وعلى آله تقدم نفسها كحركة مسلمة تنتمي للإسلام وتقدم نفسها ضمن الوسط الإسلامي داخل الصف الإسلامي (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه) هكذا كانوا في زمن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله يقولون نشهد إنك لرسول الله فالمنافق يشهد الشهادتين لا يجرؤ على أن يعلن كفرهُ برسول الله محمد صلى لله عليه وآله وسلم لأنهُ في واقع الحال لو كفر برسول الله خلاص خرج من الصف الإسلامي وهو لا يريد أن يخرج من الصف الإسلامي هو يدخل ضمن هذا الصف ينتمي إلى الأمة يتحرك في أوساطها ينتسب إليها وفي نفس الوقت لا يجي ليقول أنهُ كافراً بالقرآن ولا أنهُ مُنكر لأركان الإسلام ولا ولا جملة من الأشياء بل يمكن لبعض المنافقين لأن المنافقين هم أصناف هم أنواع بحسب التصنيف القرآني بحسب التصنيف القرآني، وتحدثنا في هذا في كلمات كثيرة منهم من يتحركون تحت عناوين دينية منهم أصحاب مسجد الضرار (الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْل) هؤلاء صنف من المنافقين حركتهم حركة مساجد حركة عناوين دينية من يقولوا آمنا بالله وباليوم الآخر ويتحرك تحت العنوان الإيماني هؤلاء صنف من المنافقين تحدث عنهم من؟ القرآن الكريم فضحهم من؟ القرآن الكريم كشفهم من؟ القرآن الكريم صنف آخر لا يتحدث تحت عناوين مصلحية إما عنوان وطني أو عنوان قومي أو أي عنوان ولكنهُ يركز على عنوان المصلحة العامة إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ القرآن هو الذي تحدث عنهم بهذا (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) فالعنوان المصلحي والإصلاحي هو عنوان رئيسي لبعضهم يتحركون من خلاله وينشطون من خلاله ولهم أنشطتهم وبرامجهم وحركتهم الواسعة في داخل هذه الأمة، ثم كذلك البعض منهم لا قد يكونون إلى درجة المجاهرة بالشك المجاهرة بالحديث عن عناوين رئيسية في الإسلام للتشكيك حولها هذه فئة منهم معينة فئات كثيرة تحدثت عنهم سورة التوبة سورة المنافقون سورة باسمهم في القرآن الكريم حديث واسع عنهم في سورة البقرة الله تحدث عنهم بأكثر وفي نفس الوقت الحديث في القرآن عنهم أسوأ من الحديث عن الكافرين وهذه من أهم المسائل التي ينبغي على كل مسلم أن يفهم عنها بالحد الأدنى يفهم عنها نقاط عامة نقاط أساسية نقاط ضرورية، لأن هذه المسألة تشكل خطورة كبيرة في واقع الأمة.
فالرسول صلوات الله عليه وعلى آله قدم ضمن عمله لهداية الأمة وحركته لهداية الأمة، ما يمثل ضمانة، ضمانة أساسية لها لمواجهة الزيف لمواجهة التحريف لمواجهة التشويش لمواجهة كل مساعي الانحراف التي ستتحرك بها قوى النفاق في داخل الأمة من بعد وفاته وفي كل زمن إلى قيام الساعة، فقال عن الإمام علي عليه السلام ( لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) فالمنافقون لا يستطيعون أن يعلنوا موقفاً عدائياً أو أن يتحدثوا عن بغضهم لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله لأنهم لو فعلوا ذلك خلاص حد فاصل بين الإيمان والكفر بين الإسلام والكفر، يصبح خلاص خارج من الإسلام ومن الأمة الإسلامية مادام يتحدث عن بغضه لرسول لله أو عن كفره برسول الله، وكما قلنا القرآن قدم شهادة مؤكدة لهم باعترافهم بنبوة رسول الله وإقرارهم بها ( نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ) عاد معهم زيادة اللام أحياناً أما هم، ولكن لابد من أن يكون هناك أيضاً علامات فارقة الأمة بحاجة إلى هذا علامات فارقة تكشف ليس فقط المسلم من الكافر، المسلم من المنافق، داخل الأمة لابد من حالة فرز، الله سبحانه وتعالى من أعظم ما قدمه من هدى في كتابه الكريم أنه أكد لنا سنة من سننه سنة إلهية ضمن أسلوب الله – إن صح التعبير – ضمن الطريقة التي يعتمدها الله مع عبادة هي حالة الفرز حالة الاختبار حالة الغربلة حالة التنقية حالة الكشف للحقائق، أن يميز الله الخبيث من الطيب، الله قال في القرآن الكريم ( مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )، ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).
الله لا يقبل لا يقبل بالتضليل بالدجل بالتزييف وأن لا يكون هناك ما يميز ما يفرز ما يبين ما يكشف ما يجلّي يجلّي الناس يجلّي الحقائق يجلّي المسارات حتى يكون كل شيء واضح، هذه من حكمة الله ومن عدله ومن عزته، ما يترك الأمور كذا يجو الناس مخبوصين يجي لك بعض الناس مخبوص ومشوش، يقول يا أخي ماعاد درينا وين هو الحق الله ينصر الحق ويش هو ذاك، لا، الإسلام أرقى من هذا، طريق الهداية الإلهية أعظم وأسمى، الله جل شأنه الذي هو نور السماوات والأرض لا يمكن أن يترك عبادة الذين ينتمون إلى دينه في حيرةٍ من أمرهم في حالة التباس، في حالة تشويش في حالة اضطراب ،ما هناك نور ما هناك معالم ما هناك أعلام ما هناك حقائق، حالة ملتبسة، ما الذي أسمى الله به كتابه القرآن الكريم؟ الفرقان (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) ما الذي أسمى به حتى حوادث تاريخية مثل يوم بدر (يوم الفرقان).
القرآن الكريم هو نور، الإسلام في قرآنه وفيما قدمه نبيه ورسوله خاتم الأنبياء وسيد الرسل محمد صلوات الله عليه وعلى آله قدم للأمة ما يبين لها ما ينور لها ما يكشف لها معالم الطريق إلى الجنة، إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى إلى الحق، قدّم من البصائر والدلائل ما يوضح ما يبين ما يجلّي ما يضمن للإنسان السير في الصراط المستقيم، هذا هو الله سبحانه وتعالى في نوره في هديه في رحمته في عدله في عزته في حكمته.
الذين يتهمون المنهج الإسلامي بالتشويش والاضطراب والالتباس وليس فيه ما يميز ولا يبيّن والأحداث كذلك والواقع كذلك وأن الأمة هذه تركت في هذه الحالة من العمى والتخبط هم يتهمون الله يتهمون الله في حكمته يتهمونه في عدله يتهمونه في رحمته يتهمونه في علمه، لأنهم يرون أنه تركنا هكذا نحن عبيده المساكين المستضعفون المبهذلون ما ندري ايش هو الحق وين نسير ويش هي المسألة وين هو الصح من الغلط وكل الأمور ملتبسة وماعاد درينا من هو الصحيح والغلط ومن هو الرجال الجيد والرجال الفسل ومن هو المؤمن ومن هو المنافق ..لا، لا ليست المسألة كذلك أبداً، إنما هذا نتاج الجهل أو أحياناً القيود المكبلة من العصبية والعمى تجعل الإنسان على هذا النحو.
الإمام علي عليه السلام يقدم هو في حبه في نهجه في شخصيته في منهجه في ما جسده من قيم هذا الدين ومبادئ هذا الدين وفي أخلاق هذا الدين وتعاليم هذا الدين هو يمثل الامتداد الأصيل للإسلام النموذج الأصيل للإسلام، وحركة النفاق هي حركة تزييف تعمد إلى أن تأخذ من الإسلام ما يلائمها وما يلائم الطاغوت، وترمي عرض الحائط من الإسلام من تعاليمه من مبادئه من قيمة مالا يناسب الطغاة والظالمين والمستكبرين ومالا يناسب الطاغوت والاستكبار وتتأقلم بما بقي لها من طقوس وشكليات فُرِّغت وفصلت عن الجوانب الأخرى من الإسلام والدين تتلائم مع الطاغوت وتولف وتقدم شكلاً معيناً عن الإسلام ينسجم يعني مسلم ينسجم كل الانسجام مع ترامب ونتنياهو مع إسرائيل مع أمريكا، وقد يكون حتى إماماً للحرم المكي ويذهب ليزور إلى أمريكا ويبارك قيادتها للبشرية ويعتبر ذلك يعني في سياق التوفيق الإلهي الكبير للبشر.!! ما شاء الله العظيم يعني يكون قائدهم مثل ترامب ومثل ذولاك الأمريكيين وذولاك الطغاة هكذا أيضا.
فحركة النفاق هذه ماهو أعظم ما يكشفها؟ ماهي العلامة الفارقة السهلة القريبة التناول؟ ( الإمام علي عليه السلام ) لا يستطيع المنافقون أن ينسجموا أبدا مع الإمام علي عليه السلام هم لا يحبونه يبغضونه، المنافق لا ينسجم مع الإمام علي عليه السلام قد يستطيع منافق معين وقد يكون حتى بطبيعة مساره في هذه الحياة يقدم نفسه على أنه متدين قد يطيل لحيته عملية سهلة جداً عملية إطالة اللحية ما تحتاج يعني إلى مشكلة كبيرة خاصة بعضهم كثيف الشعر مشعر بايجي له لحية طويلة لو بده تصل إلى ركبته، قد يتخذ إجراءات معينة قد يتقن عملية السواك قد يتقن بعضا من الأمور وقد يظهر عابداً متنسكاً وقد يجيد تلاوة القرآن وشكليات كثيرة قد يكون خطيباً في مسجد قد يكون إماماً في مسجد قد يكون تحت اسم داعية ويتقن فن الخطابة، ويكاد أن يحطم مكبرات الصوت في المنابر ووو إلى آخره..
ولكن سيصل عند علي بن أبي طالب ويواجه مشكلة، يواجه مشكلة خلاص، ما يتحمل يعني وهذه أصالة الإمام علي عليه السلام أصالة الإمام علي التي لا تقبل النفاق والمنافقين أصالة عجيبة جداً وآية هذه آية ما يتحمل حتى لو جامل مجاملة يشوبها الكثير من التنقص، يعني إذا أضطر اضطراراً يقولك الإمام علي صح رجل جيد ولكن ولكن ولكن وانتبهوا من حبه لأنه خطير جدا يجعل من محبة الإمام علي عليه السلام مسألة خطيرة للغاية ومحفوفة بالمحاذير ويجب أن تنتبه ولا تزيد ولا تسوي ولا وقائمة طويلة من المحاذير التي لا يقدمها عند الحديث عن أي شخص آخر يحتاج يطلع أن معه مشكلة مع الإمام علي مع أن حركة النفاق افتضحت في سعيها الدؤوب لتغييب الإمام علي من المشهد نهائيا، هي تسعى لذلك ولكنها فشلت عبر التاريخ فشلت عبر التاريخ بكله وإلا هي تسعى وكلما كان هناك جهة في الأمة أكثر نفاقا وأسوء نفاقا كانت أشد سلبية في موقفها من الإمام علي عليه السلام، أشد سلبية أو أكثر سلبية وتبدو في جفائها وتنكرها للإمام علي عليه السلام بشكل أكبر وأوضح ولهذا ندرك حاجتنا في كل زمن للإمام علي عليه السلام بمقامه بمنزلته التي حددت علاقتنا به منزلته في هذه الأمة منزلته من رسول الله منزلة هارون من موسى مقامه في موقع القدوة والقيادة والهداية امتداده الأصيل المعبر عن أصالة الإسلام عن الإسلام في أصالته في نقائه في سلامته، تجسيده في تلك المبادئ والقيم وتقديمه لأرقى وأعظم نموذج مسلم مؤمن قرآني، هذا مهم جدا لنا أن نعيه أنه لا بد منه في كل زمن في كل مرحلة في كل عصر أنت بحاجة إلى أن تكون متطلعا إلى علي عليه السلام لترى فيه النموذج الأرقى في اتباع رسول الله في التمسك في القرآن وفي الاهتداء بهذا الإسلام في الاقتداء برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، الإمام علي عليه السالم حلقة وصل تصلك برسول الله يوم يأتي الآخرون ليقول قال رسول الله وكان رسول الله وفعل رسول الله وهذا يقول شيئا وهذا يقول شيئا مختلفا وهذا حتى تكون متشوشا من الذي يعبر فعلا عن رسول الله أرقى تعبير أصدق تعبير من الذي يمثل القدوة في الاتباع والاقتداء والاهتداء؟ من هذا أو ذاك أو ذاك أو ذاك؟ الأمة ملان زحمة هناك معلم واضح جدا أصيل أصيل لا يقبل الغش لا يقبل الزيف ليس ملوثا ولا بنسبة ضئيلة أبدا، كاملا في نقائه في أصالته في نظافته في سلامته ثقافيا فكريا أخلاقيا عمليا مدرسة متكاملة ونموذج يحق للمسلمين أن يفتخروا به حتى في أوساط كل البشرية، يقولون شفوا ما علمه الرسول محمد وما عمله في القرآن وما عمله القرآن هذا نتاج ونموذج وصناعة لهذا الإسلام في علي بن أبي طالب هذا جانب، جانب آخر فيما يتعلق بحادثة استشهاد الإمام علي عليه السلام هي بالفعل مثلت نكبة كبيرة للأمة هي عبرت عن حالة انحراف كانت قائمة وكانت تتصارع مع الإمام علي عليه السلام وتلك الحالة من الانحراف هي تعبر عن النفاق بالتأكيد ثم هي أيضا مثلت نكبة كبيرة جدا لأنها أتاحت الفرصة وفتحت الطريق للتسلط الأموي الذي مثل كارثة كبيرة ورهيبة على الأمة، التسلط الأموي الذي عبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما أعظم ما قاله وما أجمع ما قاله وما أحكم ما قاله وما أدق ما قاله عن التسلط الأموي أنه عندما يتمكن ماذا سيفعل بهذه الأمة قال عن بني أمية: (اتخذوا دين الله دغلا وعباد الله خولا وماله دولا) هذا نص عميق جامع معبر ودلالته دلالة كبيرة جدا وخطيرة للغاية وكشف عن طبيعة الدور الأموي ماذا فعله بالأمة وما مستوى تلك الجناية الهائلة على الأمة وذلك كله تمكن على نحو كبير منذ استشهاد الإمام علي عليه السلام ما بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام وإلى إقصاء الإمام الحسن عليه السلام وما حدث، فبني أمية هم استفادوا من ذلك وعندما نلاحظ فيما روي عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أنه سمى قاتل الإمام علي عليه السلام قاتل الإمام عليا سماه بأشقى الأمة ووصفه بأشقى الأمة وشبهه بعاقر ناقة صالح الناقة في ثمود الذي كان أشقى ثمود وجلب الشقاء على تلك الأمة هذا التشبيه لم يأت من فراغ كلمات الرسول دقيقة معبرة هادية حكيمة صادقة وعظيمة ومهمة جدا فيها هداية فيها هداية للأمة هو هادي الأمة، هو عندما شبهه بعاقر الناقة لأن ذلك جلب شقاء كبيرا على أمته وهذا جلب شقاء كبيرا على الأمة الإسلامية وإلا ما هناك فائدة أنه يوصفه بهذا التوصيف ويشبهه بهذا التشبيه يصبح كلام فارغ لا معنى له لو لم يكن إلا هذه الدلالة هذا المعنى، والشقاء الذي نكبه أو جلبه على هذه الأمة ونكب به هذه الأمة ابن ملجم لعنه الله قاتل الإمام علي عليه السلام بدسيسة من معاوية هو أنه مكن التسلط الأموي من رقاب الأمة وأتاح الفرصة إزاحت الإمام علي عليه السلام من الساحة أتاح الفرصة للتسلط الأموي على رقاب الأمة هذا هو الشقاء هذا هو الشقاء، الشقاء للأمة وكيف لا يكون شقاءً وتمكين من يتخذون دين الله دغلا يحرفون مفاهيم هذا الدين يحرفون مسار الأمة يلعبون ويشوهون بالمفاهيم الإسلامية حتى يقدمون مفاهيم محسوبة على الإسلام يتدين بها الكثير على أنها تمثل الإسلام يتقربون بها إلى الله وهي منحرفة وخاطئة وليست من الإسلام في شيء، ودينه دغلا وعباده خولا يحولون الأمة إلى عبيد وفعلا حولوها إلى عبيد وبلغ ذلك ذروته في أيام يزيد الذي ختم واليه وقائده العسكري على رقاب أهل المدينة مدينة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وطلب منهم البيعة على أنهم عبيد خالصون ليزيد بن معاوية، هكذا نقل التاريخ التاريخ نقل هذا كحقائق ثابتة وحالة الاستعباد استمرت أيام التسلط الأموي وامتدت لبعدهم لأن من أتى بعدهم مثلا في الفترة العباسية وما تلاها امتدوا على نفس النهج ساروا على نفس الطريق على نفس الأسلوب أصبحت طريقة في الحكم في الساحة العربية والإسلامية، الاستبداد الاستغلال الظلم القمع إلى آخره، فكان فعلا أشقى الأمة وأتاح الفرصة لاؤلئك الذين سيطروا واستحوذوا وتمكنوا من إحداث تحول خطير جدا في مسار الأمة امتدت نتائجه السلبية إلى عصرنا هذا ومننا هذا، وعلى كلٌ يبقى الإمام علي عليه السلام يمثل الامتداد الأصيل والنقي والراقي والنموذج الكامل في الأمة ويمثل ضمانة عظيمة وفارقة في مواجهة حركة النفاق المتلبسة بالإسلام والمخادعة للأمة والمشكلة لخطورة كبيرة على الأمة في واقعها والتي تمثل أيضا ذراعا لقوى الطاغوت ولأعداء الأمة من خارج الأمة تضرب بها في داخل الأمة، بل تمثل معول هدم بيد أعداء الأمة واليوم هي معول هدم في يد أمريكا وإسرائيل.
يبقى لنا أن يكون ضمن اهتماماتنا التثقيفية والتعليمية وتربيتنا حتى لأجيالنا أن يكون ضمن اهتماماتنا هذه هو عليٌ عليه السلام فيما قاله الرسول صلى الله عليه وآله عنه فيما قدمه هو في حركته في هديه في علمه للأمة فيما قدمه التاريخ عنه وفي كل مراحل حياته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقا ومخلصا ومقدما لأرقى نموذج في الاتباع والاقتداء والتمسك والطاعة والاهتداء والالتزام وفيما بعد ذلك كعلامة فارقة يمثل امتدادا أصيلا للإسلام ومنهجه ورسالته ونبيه صلوات الله عليه وعلى آله، حلقة وصل ومنزلته في منزلة عظيمة التي تستثنى منها النبوة (إلا أنه لا نبي بعدي) كما يقول رسول الله صلى عليه وآله وسلم.
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم وأن نكون من عباده المؤمنين المتقين المهتدين بهديه إنه سميع الدعاء وأن ينصرنا بنصره وأن يرحم شهدائنا الأبرار ويشفي جرحانا ويفرج عن أسرانا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،