محاضرة التقوى 3 المتقين- المحاضرة الرمضانية الثالثة عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1439هـ.(نص+فديو)
https://youtu.be/iv4rYgTm-lo
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نواصل الحديث عن المتقين على ضوء الآيات المباركة في أول سورة البقرة، وبالأمس كان الحديث مركزا على ما يتعلق بالاهتداء بالقرآن الكريم، وبعض المسائل المتصلة بذلك، يقول الله سبحانه وتعالى عنهم، عن عباده المتقين: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، المتقون مسيرة حياتهم تعتمد كليا في أعمالهم في مواقفهم، في اتجاهاتهم، في مشروعهم في الحياة تعتمد على القرآن الكريم، تعتمد على كتاب الله، على هدى الله سبحانه وتعالى وهم يهتدون بهذا الكتاب الذي هديه واسع، وهديه متجدد، وعطاؤه مستمر لا ينضب، معين لا ينضب، وفي نفس الوقت يواكب مستجدات الحياة، ومتغيراتها في كل زمن وفي كل مرحلة، وهم في هذا السياق الذي اتجهوا على أساس الاهتداء بكتاب الله والاعتماد على دين الله، على الحق الذي هو من عند الله سبحانه وتعالى يسعون إلى الاستفادة من هذا الهدى إلى معرفة هذا الهدى ولكن لا يتجهون فقط ويكسبون هذه الهداية ويحصلون عليها من خلال فقط الجهد النظري، الجهد الذهني، حالة التلقي والتلقين، حالة البحث والإصغاء والاستماع التعليمية والعملية والتثقيفية هي واحدة من الوسائل المهمة، التي يستفيدون منها، ولا بد منهما في أن نهتدي بالقرآن الكريم، ولكن مسألة الاهتداء بالقرآن الكريم لها جوانب متعددة لأن المسألة في نهاية المطاف هي أخذ بأسباب الهداية ووسائل الهداية، أما الهادي فهو الله سبحانه وتعالى، وهو القائل عن القرآن الكريم نفسه: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ)، فأنت لا تحصل على الهداية بالقرآن والاهتداء بالقرآن من خلال التعامل مع القرآن الكريم منفصلا عن اتجاهك إلى الله، وعن توجهك نحو الله سبحانه وتعالى، أنت ترجو الهداية من الله الذي هو الهادي إلى سواء السبيل، والذي إليه سبحانه وتعالى مسؤولية الهداية لعباده، فأنت تنشد الهداية من الله، تطلب الهداية من الله، ترجو الهداية من الله، ولهذا علمنا الله في كتابه الكريم في أول سورة منه وهي السورة التي نقرأها في كل صلاة أن نقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، فلا بد أن نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى، وتصور الإنسان أن باستطاعته بالاعتماد على نفسه أو بالاكتفاء بما أعطاه الله سبحانه وتعالى من وسائل المعرفة والفهم، أن يكتفي بها وأن يعتمد عليها كليا ولا يحتاج إلى أن ينشد الهداية من الله، ولا أن يطلب الهداية من الله، ولا أن يأخذ ببقية الأسباب العملية والمهمة التي هي قربة إلى الله سبحانه وتعالى من جانب، وتساعد على تزكية النفس وتهيئة النفس بالمعرفة من جانب آخر، تصور الإنسان أن ذلك ممكن تصور خاطئ، الإنسان في مسألة الهداية لا يكفيه أن يكون ذكيا، ولا أن يكون لديه قدرة ذهنية وقدرة على الفهم عالية، وقدرة على الاستيعاب والحفظ عالية، هذا لا يكفي، هناك الكثير من الناس في هذه الدنيا يمتلكون ذكاءً كبيرا، فهما عاليا، قدرة كبيرة على الحفظ والاستيعاب، البعض يحفظ القرآن عن ظهر قلب، غيبا كما نقول في التعبير المحلي، ولربما البعض لا يهتدي بهذا القرآن الذي يحفظه عن ظهر قلب، لا يهتدي به، فلم يظهر أثر هذا القرآن لا في روحيته ولا في زكاء نفسه، ولا في أعماله، ولا في استقامته، ولا في سلوكياته، ولا في اهتمامه بتحمل المسؤولية، ولا في ولا في، أشياء كثيرة، فالبعض يمكنه أن يكون ضالا بما تعنيه الكلمة ويتجه لما يحمله من ضلال، فهو لم يهتدِ بالقرآن الذي حفظ لفظه، أما المفاهيم التي حملها لم تكن تلك المفاهيم القرآنية الصحيحة السلمية، واقتبسها من هنا وهناك من خارج، من ضُلال وإلا من مصادر ضلال ومن منابع ضلال، ولم يهتدِ بالقرآن الكريم، بالاهتداء بالقرآن الكريم ننشد الهداية من الله سبحانه وتعالى ونأخذ بأسبابها، واحد من هذه العوامل الأساسية للاهتداء بالقرآن قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، الإيمان بالغيب لا بد منه في الاهتداء بالقرآن الكريم ولا بد منه في تحقق التقوى.
القرآن الكريم فيه كثير من الحقائق الغيبية التي لا نشاهدها أو الآتية في قادم الزمن، لم نصل إليها بعد، أو تلك الحقائق المتصلة أو المرتبطة بسنن إلهية فيما يتعلق بأعمال الناس وتصرفاتهم واتجاهاتهم في هذه الحياة وحتى بنفسياتهم، فيه أيضا مساحة واسعة متعلقة بالوعد والوعيد، وعد إلهي لنا إذا فعلنا كذا أن يفعل الله لنا كذا، إذا فعلنا كذا تكون النتيجة كذا، ووعيد إلهي على الأعمال السيئة، على الانحرافات، على الخطيئات، على على، على المخالفة لهدى الله إلى آخره.
كثير من هذه الحقائق التي لم يشاهدها الإنسان بعد أو لم يعشها بعد، إما هو كشخص أو كمجتمع، المجتمع كمجتمع، الأمة كأمة، أو في ظل مرحلة معينة، أو في ظل ظروف معينة تختلف المسألة، يعني يمكن مسألة من المسائل أن تكون مسألة أو حقيقة غيبية لقوم في ظرف معين فيما بعد تتحقق، تتحقق وتصير إلى حقيقة واقعة، تخرج من حالتها الغيبية إلى حالة واقعة تحققت في واقع الحياة، لو نأتي مثلا إلى ما تمثله هذه المسألة من أهمية لأدركنا أن فيما يخص هذه المسألة هناك مشكلة كبيرة في الساحة الإسلامية، في واقعنا كمسلمين.
نحن نقر بالغيب كمسلمين هذه حالة ضرورية حتى للانتماء للإسلام، نقر بالغيب مثلا، نقر بالآخرة، نقر بالجنة والنار، نقر أيضا بما تحدث عنه القرآن الكريم من حقائق كثيرة، ونعترف بصدق وعد الله ووعيده، هذه حالة لا بد منها كحالة أساسية في مصداقية الإنسان في انتمائه للإسلام، وإلا يكون من الجاحدين، من المكذبين تكذيب الجحود والنكران، ولكن لا شك أن هناك ضعفا كبيرا ومتفاوتا في حالتنا فيما يتعلق بالإيمان بالغيب، الإيمان بالغيب هو تصديق بإذعان، تصديق يصل إلى درجة اليقين والتأكد وفي نفس الوقت الإذعان والتقبل، تصبح هذه مسألة مقبولة لدى الإنسان، حقيقة لا شك عنده فيها، والذي يدل على هذا الإيمان ويؤكد هذا الإيمان هو مدى التفاعل مع هذه الحقائق، الحقائق هذه الغيبية التي يتحدث عنها القرآن هي حقائق مهمة جدا، لا بد أن يكون لإيمان الإنسان بها وتصديقه بها وقطعه بها، وتأكده منها أن يكون لذلك أثرا عليه، مثلا، تصديق الإنسان وقطعه ويقينه بالنار بعذاب الله سبحانه و تعالى، بالوعيد الإلهي، لا بد أن يترك فيه أثرا من الخوف من الله سبحانه وتعالى، بقدر ما يكون هذا الإيمان، بقدر ما تكون هذه الحالة قطعية لدى الإنسان مؤكدة لدى الإنسان، يقينية لدى الإنسان، بقدر ما يحمل في مقابلها في تأثره بها، في تفاعله معها خوفا أكبر وأعظم من الله سبحانه وتعالى، هذا يدفعه إلى الاهتمام العملي إلى الالتزام العملي، إلى السعي لما فيه وقاية له من عذاب الله، حين يقول الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، يا أيها الذين آمنوا، أنتم، أنتم الذين آمنوا معرضون لهذا الخطر، لا يقيكم منه إلا أن تأخذوا بأسباب الوقاية منه، قوا أنفسكم، عليكم مسؤولية أنتم تجاه أنفسكم أن تعملوا ما فيه وقاية لكم من هذا العذاب، والذي فيه وقاية لنا من هذا العذاب أعمال معينة نعملها وأشياء معينة نتركها، أعمال إن تركناها وصلنا إلى ذلك العذاب، وأعمال إذا فعلناها دخلنا بها ذلك العذاب، (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، الإيمان والقطع والتأكد واليقين بالحقائق الغيبية لا بد له من تأثير بحسبه، يعني ما يخيف لا بد أن يترك أثرا من الخوف، ما يرغب لا بد أن يكون له أثر من الرغبة، الإنسان إذا أصبح على درجة عالية من الإيمان واليقين بما وعد الله به في الدنيا والآخرة من الخير من الكرامة من العزة، من الفلاح من النعيم، من كل تلك الرغائد العظيمة جدا لا بد أن يرغب إلى الله، لا بد أن يتشوق إلى ذلك الخير، فطرته هي هكذا، فطرة الإنسان، نحن نرى في واقع هذه الحياة كيف الإنسان يميل إلى هنا أو هنا، أو يتأثر بكذا أو كذا، أشياء بسيطة جدا لا تساوي شيئا، تتأثر بها وتتفاعل معها النفس البشرية، كيف لا تتفاعل مع تلك الحقائق الكبرى جدا، والعظيمة والمهمة، أيضا نأتي إلى حقائق قرآنية مهمة تتعلق بالمسؤولية، تتعلق بواقع الحياة، تتعلق بما نعمله، ما نتركه، حقائق كثيرة في القرآن إذا لم نتجاوز مرحلة الإقرار والاعتراف إلى مسألة الإيمان واليقين والقطع والتصديق والوثوق فأزمة الثقة ستؤثر على مدى الإتباع للقرآن وعلى مدى التمسك بالقرآن وعلى مدى الاهتداء بالقرآن، ثم ينتج عن ذلك عصيان لله، أو عدم التفاعل مع تلك الحقائق، ينتج عنه مخالفات في الواقع العملي، تودي بالأمة، تهلك الأمة، تجر على الأمة الويلات والنكبات، والمآسي لأنها تصرفات ومخالفات ينتج عنها آثار سيئة جدا في واقع الناس، في واقع الأمة، تلك الحقائق أين المشكلة، مثلا نأتي إلى أمثلة، حينما يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، الله سبحانه وتعالى يقدم لنا في هذه الآية المباركة طريقة معينة إذا سرنا عليها يتحقق لنا النصر في مواجهة أعدائنا، ونحن أمة لنا أعداء، أعداء حاقدون عليها، أعداء طامعون بها، أعداء متآمرون عليها، أعداء يحاربونها بكل الوسائل والأساليب، أعداء هجمتهم عليها هجمة رهيبة وهائلة في كل زمن ليس في هذا العصر فقط منذ صدر الإسلام وإلى اليوم ما مر بهذه الأمة قرن من الزمان إلا وهناك عدو خارجي وعدو من الداخل أعداء من الخارج والداخل، الله يقدم لنا طريقة ويعدنا بوعده الصادق الذي لا يتخلف ولا يتبدل أننا إنا أخذنا بها انتصرنا ينصرنا هو وهو القائل في آية أخرى {إِن يَنصُركُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُم} [آل عمران: 160] هذه حقائق مهمة والأمة التي تواجه التحديات والأخطار الكبيرة جدا وتعصف بها الأخطار من كل اتجاه هي في أمس الحاجة إلى نصر الله إلى معونة الله إلى أن يدفع الله عنها أعداءها وتلك الأخطار الله جل شأنه الله جل شأنه يقدم لنا في كتابه الكريم طريقة معينة إن أخذنا بها نصرنا، الكثير من أبناء الأمة عندهم أزمة ثقة بالنصر الإلهي أو حتى غفلة إلى أن هذه وسيلة إن أخذت الأمة بها انتصرت حتما بنصر من الله الذي إن نصرها لن يستطيع أي عدو أن يغلبها {إِن يَنصُركُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُم} [آل عمران: 160] ما الذي دفع كيانات من داخل الأمة أنظمة دول جماعات إلى الارتماء في أحضان أعداء الأمة إلى الولاء لأمريكا وإسرائيل لم يؤمنوا بهذه الحقائق رأوا في أمريكا عدوا لا يمكن أن تنتصر الأمة في مواجهته عدوا لا يقهر ورأوا في إسرائيل كذلك عدوا لا يمكن أن يقهر ورأوا أن خيارهم هو النفاق الخيار النفاقي الولاء لأعداء الأمة الارتماء في أحضانهم الارتباط بأجندتهم سياسة الاسترضاء لهم الله يقول في آية أخرى {وَلَن تَرضىٰ عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارىٰ حَتّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم} [البقرة: 120] حقيقة من الحقائق المهمة جدا هم يعتمدون سياسة الاسترضاء وسياسة الاسترضاء لأمريكا هي فكرة قائمة عند كثير من أبناء الأمة الكثير من أبناء الأمة يرى بأنها هيا الطريقة المجدية المفيدة التي يمكن أن تدفع خطر الأمريكيين عن الأمة هذه فكرة يؤمن بها الكثير من أبناء الأمة سياسيون كثر إعلاميون كثر زعماء وقادة كثر عامة كثر يحملون هذه النظرة وهذه القناعة حالة القناعة هي حالة إيمان في اتجاه صحيح أو في اتجاه غلط فأن يحملوا هذه النظرة كقناعة أن سياسة الاسترضاء سياسة مجدية ومفيدة ويمكن أن تحقق نتائج إيجابية للأمة هي قناعة لدى الكثير من الناس يعني هم يؤمنون بها هذه القناعة في نفس الوقت هي تتناقض مع الحقيقة القرآنية فالله يقول ولن ترضى أنت في قناعتك إلا في قناعتك أنهم سيرضون وأنه بالإمكان إرضاءهم بمواقف معينة بسياسات معينة بعلاقات معينة بإجراءات معينة بمواقف معينة تتحقق بها إرضاءهم وهم لن يرضوا لن يرضوا وكثير من زعماء هذه الأمة قدموا أكبر الخدمات وأقصى ما يستطيعون في خدمة أمريكا في لحظة معينة تخلت أمريكا عنهم أمثلة واضحة في هذا الزمن فلان فلان فلان زعماء عرب قالوا هم عن أنفسهم وحكوا عن أنفسهم ما فعلوه لأمريكا ثم تخلت عنهم في مرحلة معينة لم تكن وفية معهم.
كثير من الحقائق القرآنية خارجة عن إطار التفاعل معها في واقع الأمة والكثير معني كل من ينتسب للإسلام بأن يتعامل ويتفاعل وهو متحمل مسؤولية في موقفه من تلك الحقائق القرآنية ما يستطيع إنكارها حقائق مستقبلية ما يتصل منها بعالم الآخرة وما يتصل منها بعالم الدنيا ما يتصل منها بالمسؤولية ما يتصل منها بالسلوكيات ما يتصل منها بأمور كثيرة في واقع الحياة الميزة التي تميز المتقين أنهم آمنوا بتلك الحقائق فعندما قرأوا قول الله تعالى {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم} [محمد: 7] في ظرف مثلا يكونون فيه في حالة كبيرة من الاستضعاف في درجة الصفر من إمكانات من عدة من عتاد من من من ينطلقون من ذلك الواقع الذي لو نظروا إلى الحالة المادية والحالة القائمة في واقعهم وراهنوا عليها وأنها يمكن أن توصل إلى النصر بعيدا عن الإيمان بالله بعيدا عن الإيمان بهذه الحقائق لم يكونوا فعلا لما كانوا منطقيين ولا واقعيين ولا ولا ولا تجد الأمثلة التي لها اليوم حضور كبير في الساحة الإسلامية هي عاشت هذه التجربة الإيمان بالغيب الذي تحقق الذي وصلوا فيه إلى نتائج حقيقية في واقع الحياة حزب الله في لبنان كيف بدأوا تحركهم بعد الاحتلال الإسرائيلي للبنان من أي ظرف من أي مستوى من أي واقع بأي إمكانات كيف كانوا منذ انطلاقاتهم واثقين بالنصر رهانا على ماديات اعتمادا على ماديات، لا، اعتمادا على الله سبحانه وتعالى على هذا الوعد الإلهي الذي كان لديهم وعي عن أسبابه أسبابه الإيمانية وسائله العملية متطلباته في نطاق المسؤولية وفي إطار الممكن فتحركوا بناءَ على ذلك في النهاية تحققت النتيجة الإلهية وتحقق الوعد الإلهي الذي كان وهم في بداية انطلاقتهم غيبا فإذا به تحول إلى واقع فإذا بهم يعيشون الانتصار ويتحقق لهم الانتصار الانتصار الإلهي العظيم والكبير سواءً في عام 2000 أو في 2006 أو فيما بعد ذلك.
شبعنا اليمني المسلم العظيم الذي تحرك في مواجهة هذا العدوان الجائر الظالم بالرغم أن الإمكانات والقدرات التي بيد قوى العدوان بالحساب المادي بعيدا عن الحسابات الغيبية بعيدا عن التدخل الإلهي بعيدا عن النصر الإلهي كفيلة تلك الإمكانات والقدرات فيما يقابلها من ظروف وإمكانات لدى شعبنا أن تحسم المعركة خلال أسبوعين وبالأقصى فيما خططوا لها خلال شهرين.
مرور أكثر من ثلاث سنوات وتكبد قوى العدوان خسائر هائلة وهزائمها في أغلب المعارك في أغلب الزحوف إذا هي تمكنت في معركة معينة فهي في معركة ومعركة ومعركة ومعركة انهزمت وإذا هي نجحت في معركة معينة بسبب خلل أو تقصير أو قصور أو أسباب معينة فقبل تلك المعركة التي حققت فيها نجاحا أو نتيجةً معينة كم انهزمت في معارك ومعارك ومعارك بالرغم من كل ما تمتلك، شعبنا اتجه الأحرار فيه والمؤمنون فيه معتمدون على هذا الوعد الإلهي عندهم إيمان بهذه الحقيقة وعندهم سعي بالأخذ بأسبابها، لو تحققت هذه الحالة من الإيمان بالحقائق القرآنية لكانت هي كفيلة بحد ذاتها أن تتجه أمتنا وأن يتجه المسلمون كافة اتجاها مختلفا في مسيرة حياتهم اتجاها مستقلاً لما كان عالمنا الإسلامي ساحة أمام النفوذ الأمريكي والإسرائيلي لما كان الكثير من أبناء الأمة يعيشون حالة اليأس والهزيمة النفسية وانعدام الأمل أن بإمكاننا كأمة أن نكون أمة مستقلة تنطلق في هذه الحياة تنطلق من خلال مبادئها قيمها مشروعها في هذه الحياة وليس تابعة أو أداة ليد أعدائها ليد أعدائها من أولئك إلا أعداء هذه الأمة بكل ما تعنيه الكلمة ولكن كم كان بعدم الإيمان بالغيب وبتلك الحقائق من آثار سلبية وآثار سلبية كبيرة جدا في واقع الحياة في التقوى كثير مما حذرنا الله منه يحذرنا من أشياء معينة لها نتائج سلبية في واقع الحياة لو تحقق الإيمان بالغيب أو لو لم يكن ضعيفا إيماننا بالغيب لكان الإنسان حذرا من تلك الأفعال التي لها نتائج سيئة نتائج التقصير والتخلي عن المسؤولية والتنصل عن المسؤولية نتيجتها التمكين للعدو هذه حقيقة من الحقائق فرطت بها الأمة في كثير من الأقطار في كثير من المناطق في كثير في الساحة الإسلامية النتيجة تمكن العدو سنن إلهية تحكم هذه الحياة وواقع هذه الحياة تكون قبل أن يعيشها الإنسان كتجربة حقيقة غيبية إن آمن بها وعمل بها وانتبه لها ووثق وتحرك وانطلق بناءً عليها توقى الكثير مما يمكن أن يصل إليه من النكبات والأخطار لو نشخص تشخيصا دقيقا لكثير من نكبات الأمة نجد أن هناك نقصا كبيرا وضعفا كبيرا في مسألة الإيمان بالغيب وإلا كثير من الحقائق الكارثية التي وصلت إليها الأمة كان بإمكانها الوقاية منها لأن من أعظم ما في القرآن هو أن ينذرنا أن ينبهنا على المزالق على النكبات على الكوارث أن يرشدنا إلى ما نتمتع من خلاله بالقوة والمنعة إلى ما يحيمنا ويدفع عنا الكثير من المآسي والنكبات قبل أن تقع قبل أن تحصل ولكن لأن الكثير إما غافلون عنها وإما ضعاف الإيمان بها كحقائق غيبية، تحصل نكبات وكوارث في واقع الأمة والكلام في هذا المجال هو يطول ويطول لاحظوا على سبيل المثال قصة آدم عليه السلام الله أخبره بحقيقة غيبية عندما أسكنه الجنة أخبره أن الشيطان عدو له وأن الشيطان يسعى لإخراجه من تلك الجنة وقال له ولزوجته حواء [فلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ] هذه كانت حقيقة غيبية بالنسبة لآدم ما الذي حصل لآدم نسي قال الله سبحانه وتعالى {فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزمًا} [طه: 115] نسي ذهل عن هذه الحقيقة غفل عنها عمل الشيطان على إخراجه من تلك الجنة في النهاية تحققت المسألة، لو كان متنبها إلى تلك الحقيقة الغيبية لم يذهل عنها لم ينسى لم يغفل بقي مستحضرا لأن حالة الإيمان بالغيب تحتاج إلى ترسيخ وإلى استحضار إلى استحضار أحيانا قد تكون مقرا بحقيقة غيبية ولكنك بحاجة إلى تعزيز الإيمان بها أحيانا قد تكون مشكلتك الغفلة الذهول عدم الاستحضار عدم الانتباه خصوصا في ظرف معين أو أمام حدث معين أو في ضل مرحلة معينة تتطلب وتحتاج إلى الاستحضار تلك الحقيقة الغيبية، فالمتقون هم مؤمنون بالغيب ولذلك تتحقق لهم الوقاية إيمانهم بالغيب يحقق لهم الوقاية من كثيرٍ من الشرور ويساعدهم ويحقق لهم الاهتداء بالقرآن والانتفاع به لأنهم في النهاية قبلوه والتزموا به واعتمدوه بنوا مواقفهم سياساتهم اتجاهاتهم على أساسه الإيمان بالغيب لاحظوا مسألة أساسية جدا في الاهتداء بالقرآن وفي تحقق التقوى الله حين يقول مثلا {وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم} [الأنفال: 46] هذه حقيقة قد تكون لقوم في حالة من الوئام والانسجام والتفاهم حالة غيبية يعني ليست حاضرة في واقعهم البعض منهم قد لا يستوعب النتيجة الحتمية للتنازع الفشل يدخل في هذه التجربة الخاطئة تكون النتيجة الفشل ذهاب القوة إلى آخره الإيمان بحقائق الغيب يساعد على الوقاية على التقوى على دفع كثيرا من الأخطار على الانتباه من الوصول إلى كثير من المزالق و يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ويقيمون الصلاة الإنسان بحاجة ماسة إلى تزكية نفسه حتى تكون نفساً صالحة تتقبل الحقائق تعشق الحق تتقبل الحق النفس البشرية إذا دنست تتنكر للحقائق وتتنكر للحق وتتنكر للقيم وتضعف قابليتها للحق وتفاعلاها مع الحق وتصبح ميالة ومتجهة بشكلٍ أكبر إلى جانب الشر إلى حالة الانحراف تنزلق إلى الشهوات إلى أخره.
الصلاة وسيلة لتزكية النفس لكن إذا أديت قيمة ولهذا لم يقل الذين يصلون الكثير يصلون والقليل يقيمون الصلاة الصلاة القيمة التي تحييها وتستفيد منها أنت في أثرها العظيم في شدك إلى الله سبحانه وتعالى وفيما تتركه من أثر نفسي معنوي فيما تتركه من أثر في تطهير نفسيتك وفي تزكية نفسك في خشوعك لله وفي خضوعك لله سبحانه وتعالى وفي استشعارك للعبودية لله سبحانه وتعالى، الصلاة الشكلية التي لا تترك أثرها في الإنسان الكثير من الناس يصلونها ولكن الصلاة القيمة التي لها هذا الأثر في الإنسان فيساعده على الاهتداء بحقائق القرآن والتقبل لتوجيهات الله وأوامر الله سبحانه وتعالى، لابد منها في تحقق التقوى وفي تحقق الاهتداء بالقرآن.
الكلام عن هذا الموضوع يطول ويمكن إن شاء الله نتحدث عن موضوع الصلاة أيضاً في محاضرة أخرى (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) أهل عطاء الصلاة نموذج يعني في العبادات لأن القرآن يقدم نماذج من الأعمال تدل على ما في نفس الإنسان لها دلالة على اتجاهها في الحياة في أعماله على سلوكه على وجهته في هذه الحياة الصلاة نموذج لعبادات متعددة يدخل وراها ما بعدها العطاء المالي والعطاء بشكلٍ عام مما رزقك الله وأعطاك جانب أساسي أيضاً في تحقيق تزكية النفس الطاعة لله سبحانه وتعالى التحرر من كل المؤثرات السلبية التي تؤثر في مسألة التقوى وتؤثر في مسألة الاهتداء بالقرآن لاحظوا في كثيرٍ من الأحيان البعض قد يسمع أية قرآنية فيها توجيه إلهي معين ليس مستعداً لتطبيق ذلك التوجيه عصا الله سبحانه وتعالى لماذا يعيش حالة نفسية كبلتهُ عن الاستجابة لله عن طاعة الله سبحانه وتعالى حالة نفسية خطيرة مثلاً الشح الشح من أخطر الأمراض النفسية المؤثرة على الاستجابة والطاعة والعمل وسلبيه من أكبر السلبيات سلبية كبيرة جداً الشح حينما يكون لدى الإنسان جشع وحرص مع طمع حرص على الجمع مع طمع لا يحمل روحاً معطاءة ونفساً معطاءة هذه النفسية خطيرة جداً كثير من الأوامر الإلهية قد لا تكون مستعداً لتنفيذها بسبب هذه النفسية الذي يعالج عندك حالة الشُح هو الاستمرار والترويض للنفس على العطاء على العطاء على العطاء حتى تحمل روحاً معطاءة نفساً معطاءة ترغب في فعل الخير ترغب في الإحسان ترغب في العطاء مما رزقه الله سبحانه وتعالى بكل ما رزقها في كل ما رزقها في كل ما يمكن أن تقدمه ترغب أن تقدم ليست نفسيةً جشعة لا تفكر إلا بما تأخذ وإلا بما تستحوذ وإلا بما تحصل عليه وتتجه هذا الاتجاه في الحياة بشكل جشع جداً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ هذا يساعدك على التقوى ويساعدك على الاهتداء بالقرآن ويهيئك نفسين للاستجابة العملية وأنت متحرر من ذلك الضغط النفسي، ولاحظوا نسبة كبيرة من أبناء المجتمع الإسلامي بحاجة إلى أن يربوا أنفسهم بهذه التربية العطاء البذل التقديم الإحسان فكم سببت من نكبات ومشاكل كثيرة روحية الجشع نفسية الطمع لدى الكثير من الناس كم ترتب عليه من جرائم من قتل من مشاكل سياسية مشاكل اجتماعية مشاكل بكل أنواع المشاكل جشع طمع استحواذ، نفسية لا تفكر إلا بما تأخذ بما تستحوذ وكيف تحصل على أي شيء بأي ثمن بأي أسلوب بأي طريقة فكانوا بعيدين عن التقوى والإنسان إذا حمل نفسيته تلك يصبح بعيدا عن التقوى وعن الاهتداء بالقرآن الكريم (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) إيمان بما أنزل الله، إيمان إذعان وقبول ووثوق وتصديق ويقين فحملوه فكرة ورؤية ونظرة وتقييما وحملوه أيضا موقفا واتجاها عمليا في هذه الحياة والتزاما عمليا فيما يفعلون وفيما يتركون، (وما أنزل من قلبك) لأنهم يؤمنون بوحدة المسيرة الدينية ويؤمنون بالله سبحانه وتعالى أنه الذي رعى عباده بالهداية على طول تاريخهم، أنه الرحيم الحكيم العظيم الذي أوصل هديه والدلالة لعباده على مافيه فلاحهم وسعادتهم وفوزهم وخيرهم في كل الأجيال وعلى مر الزمن ليست المسألة أنه ترك عباده حتى قال اقتربت الساعة وجاء لهم برسول وكتاب لا، منذ أن خلق آدم وجعله في موقع التكليف وأوصله إلى تلك الجنة بدا يرشد بدأ ينبه هذا خطر عليك هذا مصلحة لك هذا فلاح لك هذا خسارة لك ( من اتبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) ينبه على مر التاريخ وقدم الهداية لعباده مبينا بأن مسيرة الرسل والأنبياء والكتب الإلهية مسيرة واحدة تنطلق من أصل واحد من توجه واحد إلى الله سبحانه وتعالى.
(وبالآخرة هم يوقنون) واليقين بالآخرة مسألة مهمة جدا لأن حالة الإقرار حالة قائمة في واقع كل المنتسبين للإسلام ولكن الذي يميز المتقين هم اليقين اليقين بالآخرة الذي ترك أثرا عظيما في أنفسهم من الخوف من الله والرغبة إلى الله سبحانه وتعالى فكانوا في توجههم في هذه الحياة نحو طاعة الله نحو الحذر من معصية الله نحو القيام بمسئولياتهم وعندهم هذا الدافع النفسي الكبير خوفا ورغبة خوفا ورجاءً دافع نفسي كبير عظيم هل يؤثر على الناس في كل اتجاهاتهم في هذه الحياة إلا الخوف والرغبة الخوف والطمع الخوف والرجاء فهم إلى الله سبحانه وتعالى في إيمانهم به ويقينهم بالآخرة على هذا المستوى وعند الزلل ينيبون ويتوبون ولا يصرون على المعصية أبدا أولئك بهذه الصفات البارزة والرئيسية التي يتبعها بقية الصفات على هدى من ربهم لأنهم اتجهوا في حياتهم في مواقفهم في مسيرة حياتهم وهم يعتمدون على ذلك الهدى يعودون إليه يسترشدون به يستلهمون منه ما يفيدهم في روحيتهم وما يدلهم في الطريق وعلة مواصلة الطريق الآخرون من حولهم هذا له مشروعه وهذا له فكرته وهذا له رؤيته من هناك وهناك وهناك وهم لم يعتمدوا آرائهم ولا أهوائهم ولا رغباتهم ولا شهواتهم ولا مزاجهم واتجهوا إلى البحث عما يريده الله منهم عما يأمرهم به الله عن المسئوليات التي يحددها الله لهم فاعتمدوا على ذلك والله جل شأنه يمنحهم هو هداية بهذا التوجه غليه وأولئم هم المفلحون هم في النهاية الفائزون.
يقول المفسرون عن تفسير الفلاح وأصحاب اللغة أنه الظفر بالخير ويقولون عنه أنه الفوز بالبغية يعني الوصول إلى ما تبتغيه إلى ما تريده إلى ما تؤمله إلى أهدافك العظيمة والسامية.
الإنسان والبشر بشكل عام في هذه الحياة يخرجون من هذه الحياة إما بربح وإما بخسارة إما بفوز وإما بخسارة عاقبة أمرهم الحتمية هي هذه إما أن يكون كسبك في هذه الحياة سعيك في هذه الحياة مسيرتك في هذه الحياة توصلك إلى الفوز وإما أن تخرج بك إلى الخسارة والله جل شأنه قال في كتابه الكريم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) فالإنسان في هذه الحياة إما أن يكون من المفلحين الناجحين الفائزين وإما أن تكون النتيجة هي الخسارة والعياذ بالله، الإنسان مهما حصل عليه في هذه الحياة هو خارج عن خط الهداية مآله نتيجته أن يخسر كل شيء وأن يتجه إلى عذاب الله الذي هو خسران أبدي أما هم ففلاحهم في الدنيا فيما يتحقق في هذه الدنيا وفلاحهم وفوزهم العظيم في الآخرة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لنكون من عباده المتقين والمهتدين، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا ويفرج عن أسرانا، وينصرنا بنصره.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛