قرية اضرعة ذمار: عروس يمنية بنقوش آل حمير.
ذمار نيوز | خاص | إستطلاع/فؤاد الجنيد 30 شعبان 1439هـ الموافق 16 مايو، 2018م
محافظة ذمار عشق السفر، ودهشة المنظر، وهي واحدة من أهم المحافظات اليمنية التي تتميز عن غيرها بوجود العديد من المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية والعلاجية، ناهيك عن تميزها بتراثها وموروثها الشعبي الغني بالكثير من العادات والتقاليد العربية الأصيلة.
لـ ذمار نيوز حضور
في هذه الجولة السياحية، عرجت عدسة “ذمار نيوز” وقلمها إلى بلاد عنس، وحطا رحالهما في قرية اضرعة السياحية والجميلة، والتي تبعد حوالي 30 كم عن مدينة ذمار المحمية بالله، وتبرز فيها آثار العصر الحميري بشكل واضح ومميز في مختلف مناطقها، وفي الأودية والجبال تنتشر الكتابات القديمة المدونة على الصخور الصلبة، ولا تخلو من أثر ما، سواء من العصر القديم أو العصر الإسلامي، وهذا ما جعلها قبلتنا الأولى في هذا الإستطلاع التوثيقي والممتع.
أطلال البداية
قرية اضرعة تتبع بلاد عنس كما اسلفنا سابقاً، وتبعد القرية حوالي 30 كم عن مدينة ذمار، وتقع بجانب قرية “هكر” الأثرية، وإلى جوار كل من “الكولة” و “مخدرة” و “المحنشة”. وتعد قرية اضرعة من أهم المناطق المنتجة للخضروات والفواكة والحبوب كعادة أغلب القرى في محافظة ذمار. كما تفيد مراجع تاريخية قديمة أن قرية أضرعة هي موطن ذو القرنين، وبنيت فيها حضارة سبئية عريقة.
وقت مستقطع من الجمال
وأنت تجول بعينيك تلك الطبيعة الخلابة والساحرة، تتمتع ذائقتك بمناظر خيالية وجذابة، ويلف ردائها المبسوط تكوينات منسابة من الروعة والجلال، فمحتواها هندسة فريدة من التكوين الابداعي. ولإن سكانها يعملون في الزراعة، اضحت الحرفة الرئيسية التي تلازمهم منذ أقدم العصور، من هنا، كان بناء السدود وتشييدها أمراً ضرورياً، وحاجة ماسة للسيطرة على مياه الأمطار التي تسقط في مواسم محددة من العام، ولعل سد أضرعة التاريخي، واحد من أهم السدود التي شيدها الحميريون للسيطرة على السيول المتدفقة إلى وادي أضرعة.
سد حميري
تقع القرية بين سدين، يحتوي كل منهما على مصدر للمياه العذبة من باطن الجبل، وهما السد الحميري الكبير ويقع غرب القرية ويسمى “سد النقعة”، “سد اضرعة”، حيث يعتبر السد من الآثار الحميرية الهامة التي تتميز بها القرية، وهو ثالث أقدم سد في الجمهوريه اليمنية، حيث لا تزال آثاره باقية حتى اللحظة، وهو عبارة عن حاجز مائي بين جبلين يبلغ طوله 67 متراً، وارتفاعة 47 متراً، وسمكه حوالى 20 متراً، ويقع بالقرب من السد عدد من السدود القديمة، والتي لا تزال آثارها قائمة أيضاً، وقد بقي منه نحو النصف قائماً كـ المنارة إلى عهد غير قريب.
تحفة فنية تجسد التأريخ
يعتبر السد تحفة فنية رائعة كـ أحد أهم الفنون الهندسية اليمنية، التي تميز وتجسد بإقتدار الطابع اليمني في أغلب المناطق في بلادنا، حيث يتميز السد عن غيره بوجود وحدة معمارية ملحقة بالسد، يتم بواسطتها تصريف المياه المحتجزة في بحيرة السد حسب ما تستدعيه الحاجة، فلا يتم تصريفها مباشرة كما هو الحال مع بقية السدود الأخرى. وهو ما جعل السد يجسد عبقرية الإنسان اليمني القديم، كيف لا؛ و الفن والاصالة الهندسية، والعمارة اللذيذة ميزة لاصقت اليمنيين القدماء منذ الأزل. أضف إلى ذلك الأثار التي يتوشم بها السد، وجميعها تدل على عظمة التأريخ اليمني وعظمة الإنسان، وعقله الفطري الفذ.
سد جبار
ويقع الى الشرق من قرية اضرعة، ولا يزال هذا السد قائما حتى الآن، حيث جرى ترميمه وإعادة بنائه في العام 1990م، وبتكلفة ثلاثة ملايين وأربعمائة وسبعين ألف ريال يمني. ويبلغ طوله نحو ثلاثمائة ذراع، وعرضه أربعة وعشرين ذراعاً، وتبلغ سعته التخزينية من الماء ثلاثة أضعاف السد الغربي “سد النقعة”، وتدل آثار البناء فيه على قدمه بنحو ألف سنة، أما مخزن الماء فنحو ميل مربع، ويبلغ عمق السد ثمانية متر تقريبا،ً ومجرى الماء نحو الميل أو يزيد عنه بين جبلين، وأطوال أحجار البناء تتراوح من 3 – 4 مترات، خصوصا في الأساسات التي ارتكز عليها السد، كما استخدمت مادة الرصاص كمادة رابطة بين الأحجار، وهناك تجديدات وتحديثات متلاحقة طرأت على هذين السدين، وتعتبر سدود أضرعة من أشهر السدود التاريخية التي ترجع إلى فترة ما قبل الإسلام، وينسب للسدين آل حِبَرة، وهي بلدة خاربة قرب السدين.
أحجار وزينة
تتميز اضرعة بوجود الكثير من أنواع احجار البناء والزينة، خصوصا في الجبلين المسميين بـ الروب الأسود، والروب الأحمر، وتستخدم لبناء المنازل والبيوت في أشكال رائعة وساحرة التي تتوزع على عدة مناطق سكنية هي : الجاهلي، المدينة السكنية “زراقة”، باب المصراع، أبلة، الركح، الخرابة، القرية القديمة وتمتد ما بين السد القديم “سد النقعة” والسد الاخر “سد جبار”، جبار، الضيعة، الركبة، الحمة العليا والحمة السفلى، والعديد من التجمعات السكنية المستحدثة.
مسك الختام
تمتلك محافظة ذمار مقومات سياحية متنوعة، وعلى مستوى عالمي، لاسيما السياحة التاريخية والأثرية، فقد تم اكتشاف أكثر من “500” موقع أثري داخل المحافظة، ولا يزال الرقم يتصاعد كل يوم، وتغطي آثار محافظة ذمار كافة المراحل التاريخية، وتتنوع ما بين مدن حميرية كاملة، وسدود ومنشآت زراعية قائمة إلى الآن، إلى جانب عدد كبير من المساجد الأثرية، وهجر العلم، والحصون والقلاع العالية التي شيِّدت في العصر الإسلامي على أنقاض حصون وقلاع حميرية غالباً، وجميعها سنتناولها تباعاً في هذه الزاوية السياحية في زوايا هوية موقعكم المتميز “ذمار نيوز”.