الخبر وما وراء الخبر

التورط الأمريكي المباشر في الحرب على اليمن..الأسباب والنتائج

61

بقلم / مروان حليصي

الدعم الأمريكي في الحرب على اليمن من خلال صفقات التسليح المقدمة للسعودية والدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي تقدمه الولايات المتحدة لتحالف العدوان عموما ، هو من الثوابت التي حافظت عليها إدارة الرئيس ترامب طيلة الأعوام الثلاثة الماضية من العدوان ، إلا ان الأمر المفاجئ اعتراف الولايات المتحدة على لسان المتحدثة باسم وزارة الدفاع الامريكية «البنتاجون» رسميا عن مشاركة قواتها في الحرب على اليمن “لتوفير الدعم لحماية الحدود السعودية” ،إلى جانب قوات التحالف.

والأكثر منه طبيعة المشاركة نفسها لهذه القوات التي يُعتبر وجودها نتيجة فعلية لاستنفاد خبرات دول التحالف برمتها ، وإمكاناتها العسكرية والتكنولوجية الحديثة في القيام ببعض المهام التي أفشل إنجازها الاستراتيجية العسكرية الحديثة التي يتبعها الجيش اليمني في عملياته العسكرية وتحركاته في مواجهة التحالف ، والتكتيكات العسكرية التي يستخدمها المقاتل اليمني في الحدود عموما.

ومن أبرز تلك المهام وقف الضربات الصاروخية الباليستية للجيش واللجان الشعبية على المملكة عبر تدمير مخازن ومخابئ تلك الصواريخ ومواقع إطلاقها ، وهي من ضمن مهام القوات الامريكية كما جاء في تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية «تدمير مخابئ الصواريخ التي يمتلكها المتمرّدون الحوثيون والمواقع التي يستخدمها هؤلاء لمهاجمة الرياض ومدن سعودية أخرى».

وحسب تقديري أن مشاركة قوات امريكية في القتال إلى جانب قوات التحالف يعود إضافة لما سبق لعدة اسباب، خصوصا في ظل الدخول الامريكي المباشر في معركة الساحل الغربي، وأهمها ثلاثة أسباب رئيسية :

الأول: أن أمريكا وليست السعودية وحدها من باتت تشعر بخطورة الموقف على الحدود السعودية اليمنية في ظل عجز الجيش السعودي وبكل عتاده عن منع المقاتل اليمني من التوغل في الأراضي السعودية ودك المواقع والمعسكرات السعودية واستهداف جنودها ، الذين باتوا يقتلون بنيران الجيش واللجان بشكل شبه يومي ، وان التدخل الامريكي البشري هو لمنع ذلك الاختراق الكبير من قبل المقاتل اليمني ، واستهداف كل المقومات التي تساعده في عملياته العسكرية من مواقع عسكرية ومخازن ومواقع تطلق منها القذائف الصاروخية ، كي لا يصل اختراقه الى حد اقتحام المدن السعودية الهامة والسيطرة عليها واستغلال ذلك من قبل حكومة صنعاء كأوراق ضغط في المفاوضات القادمة ، وذلك في ظل تحشيد التحالف لمعركة الحديدة القادمة التي تحتل أولوية لدى الامريكان ، وبالتالي لا يراد لتقدمات الجيش واللجان الشعبية في الحدود السعودية ان تفشل الآمال المعقودة على تلك التحشيدات في الساحل الغربي ، واستخدمها كأوراق ضغط من قبل صنعاء.

والسبب الثاني : وهو أن القوة الصاروخية اليمنية اثبتت فاعليتها وباتت تشكل هاجسا للسعودية عقب وصولها إلى عاصمتها الرياض مرات عدة ، مستهدفة مطاراتها وقصر ملكها ، علاوة على استهدافها للعديد من المنشآت العسكرية والحيوية والاقتصادية في جدة وجيزان وعسير وغيرها من المدن ، وما خلفته من أضرار جمة على كافة المستويات، بينما القوة الصاروخية اليمنية لم تستنفد كل مخزونها الصاروخي ، وما زال في جعبتها الكثير من المفاجآت التي تتوعد بها السعودية والإمارات العديد من قيادة الدولة ، وما مشاركة قوات امريكية في “الدفاع عن الأراضي السعودية” والقتال إلى جانب قوات التحالف إلا آخر الأوراق التي تعقد عليها المملكة الأمل لتعمل حدا لكل ما طاولها من اضرار نتيجة الباليستيات اليمنية ، والتي عليها استخدامها كبرهان اخير تقتنع به ، على استحالة وقف الصواريخ اليمنية عن بلوغ اهدافها داخل الأراضي السعودية ، قبل أن تتخلى عن عنادها وتنزل من على الشجرة إلى الأرض لتبحث عن حلول سياسية وسلمية لملف عدوانها على اليمن.

السبب الثالث: هو أن القدرات الصاروخية الباليستية للجيش واللجان الشعبية أصبحت مصدر قلق للإدارة الأمريكية التي ترى فيها عاملا رئيسيا في كسر هيمنتها المعتادة على المنطقة ، باعتبارها عززت من الصمود اليمني ، ومكنت اليمنيين من خلق معادلة ردع لا يمكن تجاوزها ، إضافة إلى كونها تشكل خطراً على الاقتصاد الامريكي ومصدر إزعاج كبير لصناع القرار في العاصمة واشنطن لأنها فضحت عجز منظومات الدفاع الصاروخي الامريكية “باتريوت” الأمريكية التي تستخدم السعودية عدداً منها لحماية أراضيها، في اعتراض الصواريخ اليمنية المصنعة والمحدثة يمنياً ، وهي التي تعد جوهرة المنظومات الصاروخية عالميا وتجني من وراء بيعها الشركات الامريكية لدول الخليج مليارات الدولارات ومن بقية الدول التي ستتجه بدلاً عنها للبحث عن منظومات اخرى لشرائها ، وإن محاولة تدمير مخابئ تلك الصواريخ الباليستية ومواقع إطلاقها في المناطق الحدودية من قبل قواتها سيبطئ مفعولها وسيجعل من السهل اعتراضها وعدم وصولها إلى اهدافها داخل الأراضي السعودية في حال أُطلقت من أماكن بعيدة عن الحدود، وهو ما سيحفظ ماء الوجه لمنظومات “الباتريوت” ، وسيمنع تدهور سمعتها و فضح أدائها المبالغ فيه.

وهي مجرد محاولات يائسة لن يكون نفعها سوى للأمريكان من خلال حلبهم الخزينة السعودية مزيداً من الأموال ثمناً لتلك المشاركة ، وذلك ما تأكد للجميع من خلال إطلاق القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية يوم السبت الفائت لدفعة من صواريخ “بدر1” الباليستية قصيرة المدى على عدة اهداف اقتصادية في نجران ، وذلك بعد أقل من 72 ساعة على إفصاح “البنتاجون” عن مشاركة قواتها في العدوان على اليمن .