الخبر وما وراء الخبر

روافض الحوار اليمني اليمني

153

د. ياسر الحوري

سيذكُرُ التأريخُ أن أبخسَ ثمن سياسي هو الذي اشترى به نظامُ آل سعود مواقفَ مَن كانوا لسنوات خلت في واجهة المشهد السياسي الـيَـمَـني المتواجدين حالياً في الرياض من قيادات أحزاب المؤتمر والإصلاح والناصري ومن لحق بهم من الاشتراكي والمحسوبين على حراك هادي وبعض المستجدين على العمل السياسي ممن لا يمثلون رقماً يُذكر في المشهد، أمثال الحميقاني وجباري، وهذا الأخير كان قد ادعى اعتزالَ العمل السياسي ثم عاد من بوابة رئاسة اللجنة التحضيرية لحفلة الشاي المزعوم عقدها في الـ 17 من الشهر الجاري بالرياض، معظمُ هؤلاء رفضوا الحوارَ الـيَـمَـني الـيَـمَـني مذ كان منعقداً في الموفمبيك ومهَّدوا للعُـدْوَان السعودي مذ قاموا بزيارة هادي إلى عدن في فبراير 2015م وعادوا إلى صنعاء وحضروا حوارَ موفمبيك وامتنعوا أن يصرّحوا بما دار في لقائهم مع هادي بل وعطّلوا كُلّ ما تلا ذلك من لقاءات لاستكمال الحوار، ولا شك أنهم كانوا على دراية بالحرب أَوْ ما يشير إليها، المهمُّ أن المنتفعين السياسيين لم يتركوهم لوَحدهم وانضموا إلى ركب المنبطحين لآل سعود أَوْ بالأصح لمحمد بن سلمان.

كيف تذهبون لحوار في بلد تشن حرباً على بلدكم؟ هل دعوى محاربة التحالف “الحوعفاشي” وإن صدقت وهي كذب محض طبعاً– تسمح لكم أن تكونوا هناك في الرياض التي تسفك دماء الـيَـمَـنيين دون تمييز؟ ألم تقولوا في مواقفَ وأوقاتٍ متفرقة أن هادي خائن والسعودية سبب مشاكل الـيَـمَـن؟! هل صدقتم الكذبة المشتركة التي اخترعتموها وهي أنكم تحاربون إيران؟! ها هي مواقفُكم تؤكد أنكم ضد شراكة الآخرين وأنكم ساهمتم في منع تنفيذ مخرجات الحوار التي وضعت في رَفّ هادي لعام كامل دون اعتبار إلا لما يريد استخدامه هو وجلال المدلل!.

لقد سقطت كُلُّ أسباب الدعوة لما يسمى بمؤتمر الرياض منذ أول يوم تم اختراع الدعوة إليه للتشويش على الحوار الذي كان قائماً في الموفمبيك بصنعاء، الملفتُ أنكم قد وافقتم على مخرجات الرياض قبل انعقاده وطالبتم في رسالتكم لأوباما وليس أي شخص آخر بدعم تنفيذه قبل انعقاده!، أية قذارة سياسية تتمتعون بها يا هؤلاء؟ أنتم تؤكدون المؤكد بأنكم روافض الحوار الـيَـمَـني الـيَـمَـني الذي لا يخضع للتدخل أَوْ الوصاية، أنتم تبرهنون أنكم مع تسليم رقابكم لمن يشتريكم، ومع تسليم القرار الـيَـمَـني لأسيادكم وقد فعلتم ذلك من قبل مراراً وتكراراً، وأفلحتم على المستوى الشخصي وكنتم متفرقين ومجتمعين سبباً في المهانة التي عاشها ويعيشها الـيَـمَـن لكن ذلك لن يستمر بعد اليوم.

ذهابُ البعض للرياض وحضورُ مَن قد يفاجئُنا مشاهدتُهم في الـ17 من مايو -هذا إن لم تكن هناك مستجداتٌ تعصف بكل ما يخططون له ويريدون إعلانه في 21 من مايو ليلة الذكرى الخامسة والعشرين لإعلان الوَحدة الـيَـمَـنية-، ذهابهم هذا قد نفسره أَوْ يفندوه بأنه تماشيا مع القرارات الدولية (!) أَوْ أنه خوفاً من أن يتعرضوا لكيد أَوْ مكروه من النظام السعودي الضليع في هذا الجانب وهو ما قد تتذرع به قوى اليسار بالذات لكن هل كان ذلك خوفاً على مصالحهم الشخصية و أمنهم الشخصي؟ أم خوفاً على مستقبل أحزابهم؟، فالفرقُ كبيرٌ هنا؛ لأن الحقيقة هي أن كُلَّ من أعلن حضورَه الرياض أَوْ تواجد سلفاً هناك ومعظمهم من هذا النوع لا يحظى بقبول لدى قيادات وقواعد حزبه في الـيَـمَـن، فالكثيرُ منهم يشارك في معظم فعاليات رفض العُـدْوَان وتجريمه وتجريم مَن تواطأ معه واعتباره خائناً لوطنه، عدا الإصلاح الذي يستخدم آل سعود واليمين واليسار والمسلمين والكفار لتحقيق أَهْدَاف خَاصَّـةً به ويستخدمونه هم أَيْضاً بطريقتهم.

على كُلّ حال لم ولن يخسر الـيَـمَـن شيئاً؛ بسبب انقلابكم عليه وتمريركم لمشاريع المعتدين عليه؛ لأنكم لن تفلحوا وإن كنتم تفهمون شيئاً في السياسة أَوْ الحرب أَوْ سنن الحياة فإنكم ستعلمون يقيناً أنكم فقط بعتم أنفسَكم وخسرتم أنفسكم وأن الـيَـمَـن التي تدينكم اليوم ولا شك ستحاسبكم على مواقفكم المرفوضة شعبياً طال الزمن أَوْ قصر قد غدت الجماهير بعد العُـدْوَان أقوى من قبله في المضي نحو التأسيس لمستقبلها الذي ستتخذ فيه قراراتها باستقلال وتبني فيه المؤسسات بعيداً عن الوصاية الخارجية، كما أن خصومَكم الذين تبرّرون ما فعلتموه وتفعلونه الآن بسببهم وهم كما تدّعون أَنْصَـار الله -لأن الزج بعلي صالح الذي أحرق كُلَّ أوراقه هو من باب المكيدة- قد أصبحوا أقوى من ذي قبل وقد خدمتموهم في كُلّ شيء فهم الآن الأقوى عسكرياً، الأكثر انتشاراً ميدانياً، الوحيدون الملتحمون بالجيش والأمن، واليد الطولى التي ستحسب لها بصورة أساسية وإلى جانبها الجيش الوطني الحر العظيم تلك الانتصارات الكبيرة على القاعدة المحمية من الجو والبحر، وما سيحقق من انتصارات على تحالف الشر المعتدي على الـيَـمَـن الذي تشترك فيه دول كبيرة مثل أَمريكا وأنظمة صغيرة وحقيرة مثل نظام عُمَر البشير الذي اكتفى بسماحهم له بإعادة إنتاج نفسه رئيساً تعيساً وثم صمت بخزي حين أغار الطيرانُ الصهيوني على بلده السودان الشقيق لأكثر من مرة خلال هذا الأُسْبُوْع ولم يصدر تحالفهم المزعوم حتى بيان إدانة أَوْ رفض أَوْ حتى إشارة إلى ما حصل!!.