البصيرة والنصر!
بقلم د/ مصباح الهمداني
الدنيا مقلوبة من انسحاب ترامب من الاتفاقية الدولية الأممية، لكني لم أنقلب مع من انقلب، ولم أعر الموضوع أي أهمية، إنما أمضيتُ وقتًا أُقلِّبُ بصري وبصيرتي في أمرين مهمين؛
الأول أني خاطبتُه؛
في قبره!
في قصره!
في منزلته!
وهو عندَ جدِّه وسألته:
-من أنبأك بهذا قبلَ أكثر من عقدٍ من الزمان؟
-أيُّ بصيرةٍ لديك، وأيُّ حسٍ عرفاني كنتَ تمتلكه؟
يا أعزائي: لقد تحدَّثَ قرين القرآن عن هذه الاتفاقية قبل أكثر من عقدٍ من الزمان، وهو يخاطبُ إيران ويُعاتبها في محاضرة له.. ويشير لها أنَّ الاتفاق مع هؤلاء لا يُجدي ولا ينفع، مادامت إسرائيل الصهيونية لم تدخل في الاتفاقية، وأنه يجب حذو كوريا الشمالية والتي رفضت الاتفاقية…
وأنا هُنا لا أُلمحُ لحديث قرين القرآن إلاَّ لنعلمَ علم اليقين أن لدينا قيادة عِرفانية عارفة، وبقليل من المراجعة نُدرِكْ أنَّ ما قاله القائد الشهيد، منذ عقد من الزمان؛ مثل البذور المدفونة والتي نبتت في زماننا حينَ حلَّتْ ظروفها…
ولكي لا يستغرقنا ترامب وانسحابه؛ والذي لا أرى فيه إلا خطوة جريئة من تاجرٍ جبان لاستنزاف البقر الحلوب بشكل كبير، وشفط(7000 مليار) كما صرَّحَ سابقًا؛ ومثلَ هذا الرقم؛ يستدعي مثل هذه الفقاعة الكبيرة، والتي ستنتهي بالشفط ثم المفاوضات مع إيران -أذكى المفاوضين- والوصول إلى صيغة جديدة لا تختلف عن الأولى إلا شكلاً، وقد يصاحب هذه الشفطة الكبرى، حزمة من الصواريخ هُنا وهُناك، كتدليكٍ مدروس لاحتلاب البقر المتعوس…
والثاني أهم من الأول؛ وهو ماذا يجري؟
حدثوني عن عظماء الجبهات، عن تلكَ الأقدام التي شرفُ مسحُ غبارها أكبر من كرسي الرئاسة كما قال الرئيس الشهيد..
ماذا يفعلون، ماذا يحققون، كيف يُنكلون؟
إنها حلقَاتٌ من الإنجاز والإبداع.. من جيزان إلى نجران وعسير، ثم إلى الساحل وما أدراك ما الساحِل!
تتحدَّثُ الأنباء المؤكدة أنَّ حوالي 100 مرتزق هلكوا في عمليةِ التفافٍ واحدة، وأن هُناكَ قبيلة جنوبية تكاد أن ينتهي رجالها وهم يتساقطون قتلى في وحَل العمالة والارتزاق!
في الساحِل اجتمعت قطعان البقر مع الغنم مع الحمير مع الفئران؛ ليركبَ أحدهم مدرعة وآخر دبابة، وثالث طقم، فلا البقر تُطيق الحمير، ولا الحمير تأتمرُ بأمر الغنم، ولا الفئران ترتضي السير مع البقر، خليطٌ رديء لا يجمعه سوى العَلفْ.
وفي المقابل كانت البصيرة حاضرة، والسواعدُ مشمرة، وتم الصيد بطرقٍ متعددة، وجديدة، حيرت القطعان القادمة، وأصبحَ كل فصيل يتهمُ الفصيل الآخر بإلقائه في التهلكة، فالبقرُ تتهم الحمير، والغنمُ تتهم الفئران…
والحقيقة أنهم وقعوا في مصيدةِ أولي البأس والقوة، وأولو البصيرة والبرهان..
وقعوا أمامَ عُظماء لا يرونَ سوى الوطن، ولم يدنسوا جيوبهم بريالِ غازٍ أو درهمِ طامع..
وقعوا أمامَ أشبال وأسود ورجال اليمن الحُر الأبي…
وكانت المُحصلة أن ذاقَ نعالُ الغزاة، وعبيد المُحتل؛ وبال أمرهِم ومنوا بهزائم منكرة…
وترافقت هزائمهم بازدهار تجارة السلاح الجديد في الأسواق المحيطة بشكلٍ كبير، وبأسعارٍ زهيدة، في مفارقةٍ لا تحدثُ إلاَّ في اليمن…
وترقبوا الإعلام الحربي، وهو يزف لنا الأخبار المظفرة، بالصوت والصورة…
إننا نثق بالله؛ ثقةً توازي الجبال، ونثقُ برجالنا العظماء في كل جبهة؛ من الصاروخية إلى التصنيع إلى البحرية إلى الجوية إلى البرية؛ بأنهم نُخبةُ هذا العصر، ورجال هذا الزمن، وقادةُ هذه المرحلة، ولهم حساباتهم الدقيقة، ونظرتهم البعيدة، وخططهم المُحكمة، والتي تُعدُّ عدتها وتسدد ضربتها، في الوقت والزمان المناسب، وما ضربات الساحل الجبارة من حيس إلى موزع، وإحراق معسكر الدفاعات الجوية في جيزان؛
إلا واحدة من مئات العمليات التنكيلية المسددة..
وإنَّا لموعودون بإذن الله بنصرٍ كبير!
اللهم احفظ القائد العلم، والرئيس البطل، وجميع الأشداء الأقوياء العظماء في جبهات العزة والبطولة والعرض والأرض والشرف!