لماذا أدار العالم ظهره لجريمة اغتيال الرئيس ..؟! فتش عن الديبلوماسية القذرة
بقلم | أبو بكر عبدالله
سوى مواقف لبعض الدول والقوى السياسية العربية والدولية التي دانت بوضوح جريمة الاغتيال السياسي للرئيس صالح الصماد كانت الأمم المتحدة وواشنطن وأكثر العواصم الأوروبية مسرحا لتفاعلات ديبلوماسية على صلة بجريمة الاغتيال لكنها أنتجت مواقف خجولة ومرتعشة بدت استجابة لضغوط ديبلوماسية باشرتها واشنطن ولندن منذ اليوم الأول لإبقاء العالم صامتا حيال جريمة الاغتيال وغيرها من جرائم الحرب التي كشفت الجانب الأكثر سوداوية في طغيان أميركا وحلفائها بالشرق الأوسط.
مخطئ من يعتقد أن واشنطن ودول تحالف العدوان السعودي الإماراتي لم تكن تعرف بجريمة الاغتيال فالجريمة لم تكن ضربة حظ بل كانت جريمة اغتيال سياسي مكتملة الأركان راهن تحالف العدوان عليها كثيرا لتحقيق أهداف أمل في أن تتجاوز الآثار التي خلفها عدوانه الهمجي وحصاره المستمر على اليمن منذ 3 سنوات.
وتأخر دول العدوان في إعلان مسؤوليتها وبثها فيديو يوثق للجريمة غداة إعلان صنعاء وقائعها، أراد فقط استثمار الجريمة في إطار درامي للتأثير على اتجاهات الرأي العام الدولي على طريقة أفلام هوليود، في حين أن أسبابا قانونية وسياسية وأخلاقية على صلة بحساسية الموقف الديبلوماسي للدول الكبرى الضالعة بجريمة الاغتيال مخابراتيا ولوجيستيا هي من أرغمت العدو السعودي على التزام الصمت لعدة أيام إفساحا في المجال لتحركات باشرتها واشنطن من اليوم الأول استهدفت محاصرة أي تداعيات ديبلوماسية دولية حيالها.
وفقا لذلك بدت أصداء الجريمة في المحافل الدولية والعواصم الغربية مرتعشة لكنها أفصحت في النهاية عن حال سخط دولي برز إلى العلن باتصال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن السيد مارتن غريفت بخارجية الإنقاذ ناقلا تعازي الأمين العام للمنظمة في استشهاد الرئيس الصماد الذي وصفه بأنه “رجل سلام” في تلخيص ديبلوماسي لم يخل من معاني الإدانة المحاصرة بمحاذير الخطوط الحمر.
حجم الضغوط التي مارستها واشنطن ولندن على الأمم المتحدة لمحاصرة تداعيات جريمة الاغتيال السياسي للرئيس لم يختلف كثيرا عن الضغوط التي مورست على عواصم العالم وقد كشفت الرسائل والتوضيحات التي أصدرتها سفارات أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات في عواصم العالم حجم هذه الضغوط التي تزامنت مع تحركات ديبلوماسية واسعة استهدفت حمل الحكومات على إقفال ملف الجريمة وكبح أي محاولات للتعاطي معها قانونيا أو سياسيا أو حتى أخلاقيا.
زاد من ذلك توزيع القنوات الديبلوماسية التابعة لواشنطن وعواصم دول العدوان على ناطق واسع مقاطع فيديو للرئيس الشهيد يظهر فيها وهو يهدد العدو السعودي بعام باليستي وإطلاق الصواريخ اليومية على أراضيه في إطار محاولاتها تبرير جريمة الاغتيال في المحافل والعواصم الدولية.
التحركات الديبلوماسية لدول العدوان وداعميها الدوليين وطابور السفراء التابعين للفار هادي نجحت في أربعة أيام بقطع الطريق أمام أي مواقف دولية للتنديد بالجريمة، وذلك يفسر ظهور مواقف مرتعشة وخجولة ظلت تراوح بين كواليس الديبلوماسية دون مواقف واضحة تدين الجريمة التي كان واضحا أن تحالف العدوان وداعميه انتهكوا فيها القوانين الدولية والإنسانية وقوانين الحرب بل وسائر المواثيق والاعراف الديبلوماسية التي تمنح الرؤساء الحصانة في ظروف الحرب ناهيك عن القوانين التي تجرم عمليات الاغتيال من الجو أيا كانت الذرائع.
مواقف العواصم الأوروبيه حيال الجريمة كانت أيضا خجولة ولم تتجاوز سقف التحفظ الصامت بعدما وجدت نفسها في خضم صراع بين نهجها المعلن في الدفاع عن القوانين والمواثيق الدولية وقيمها الإنسانية والقيود التي كبلتها بها الولايات المتحدة في القرار الأممي 2216 ناهيك عن مطامعها في الحصول على حصة من الكعكة الخليجية.
بدا ذلك واضحا في تصريحات الرئيس دونالد ترامب بعيد المباحثات التي جمعته مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون وقوله أن اتفاق واشنطن مع طهران كان يفترض أن يشمل محاور في علاقات طهران بدول عربية وبينها اليمن ناهيك عن إعلانه ما يشبه الاتفاق مع باريس بأن على دول الشرق الأوسط التي لا تستطيع الصمود أسبوعا دون حماية أميركا لها أن تدفع مقابل تلك الحماية.
ومع أن هذه التفاعلات لم تعد تعني اليمنيين الذين حسموا خياراتهم بسرعة فاقت التوقعات إلا أنهم كانوا ينتظرون تعاطيا مختلفا من الأمم المتحدة يتجاوز اتصال العزاء إلى إعلان الموقف الذي تقتضيه القوانين الدولية والأعراف الديبلوماسية بشأن الحصانة خصوصا وأن المنفذ لجريمة الاغتيال طالما ادعى أنه ليس طرفا في النزاع الدائر ناهيك عن أن الرئيس المغتال كان طرفا رئيسا في جهود الحل السياسي التي تقودها الأمم المتحدة بدعم من المجتمع الدولي.