الخبر وما وراء الخبر

تفاصيل المعركة بين المخابرات الامريكية واليمنية .. والكشف عن مصير الصماد!!

110

مثلت الاجراءات الأمنية التي رافقت استشهاد الرئيس صالح الصماد ذروة أمنية في المحافظات المقاومة لدول التحالف الرافضة لقوى الغزو والاحتلال، بما أبدته من حس أمني دقيق ومتيقظ بدرجة عالية من الانضباط والإلتزام الوطني.

الأقمار الصناعية رصدت تحركات الصماد من الجامعة الى موقع الاستهداف

كان الرئيس الشهيد صالح الصماد أول من أشاد بالحالة الأمنية المنضبطة التي تعيشها صنعاء والحديدة وعمران وصعدة وذمار وإب وحجة والمحويت وغيرها من المدن التي يديرها المجلس السياسي الاعلى وحكومة الانقاذ الوطني.

وبالرغم من استشهاد الصماد في الحديدة الخميس الماضي، لكن ذلك لا يعني أن هناك خلل أمني كون عملية الاغتيال نفذتها طائرات بدون طيار أمريكية بناء على مخابرات دولية استخدمت أقماراً اصطناعية لرصد تحركاته أولاً بأول منذ مغادرته لجامعة الحديدة بعد أن القى فيها خطاباً خلال اجتماعه بالسطات المحلية للمحافظة.

ومعلوم ان تقنية الاقمار الاصطناعية لاتزال حكراً على الجانبين الامريكي والاسرائيلي ، ولا يتم استخدامها عالمياً من قبل أي دولة إلا بأجر عالي يصل الى مائة مليون دولار امريكي ، وبتصريح سياسي وعسكري امريكي رفيع المستوى.

وبحسب الاصوات الظاهرة في مشهد الفيديو الذي بثته غرفة العمليات المشتركة لعملية الاغتيال ، ” أنه تم انتظار دخول الهدف الى منطقة خالية من السكان وقتله مع جميع مرافقيه هناك”. ما يدل على أن التتبع لحركة السيارتين كان قائماً منذ مغادرتهما جامعة الحديدة. فيما لم تتضح صورة الواقع بعد او يعثر أحد على اجابة عن السؤال العالق في حناجر بعض المراقبين اليمنيين بخصوص الدافع للرئيس الصمود للدخول في تلك المنطقة الخالية من السكان خلف فندق قصر الاتحاد السياحي بمديرية الحالي ، وفي منطقة اراضي سكنية مسورة على شكل مربعات ولا بناءات فيها الا هياكل لعبض المنازل. وطرقها غير صالح لتحرك السيارات أياً كانت. لكونها مغطاة بكثبان رملية كبيرة تجعل اطارات السيارات تغوص فيها وتلاقي صعوبة في التحرك بينها. ما لم تكن سيارات حديثة وقوية.

خمسة أيام تم التكتم فيها على خبر استشهاد الصماد، خمسة أيام من الصبر الاستراتيجي والسيطرة الأمنية على خبر لو تم تداوله في حينه لأحدث إرباكاً أمنياً وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً كبيراً، لكن قيادة البلد أثبتت قدرتها على التعامل بحكمة وحنكة وصبر في مجمل الأحداث، لترتب فيها أوراقها وتعيد تنظيم صفوفها بما يضمن استمرار المواجهة والصمود والتحدي في وجه دول التحالف.

نجاح السلطات اليمنية في التحكم بإعلان خبر استشهاد الرئيس الصماد عكس ما تعيشه تلك السلطات من تنسيق وتعاون ووفاق واتفاق على كل صغيرة وكبيرة، كما كشف عن حالة التخبط واللاتنسيق بين دول الخليج التي تتصدر واجهة العدوان الامريكي على اليمن منذ ثلاث سنوات ، ومثّل إعلان خبر استشهاد الصماد صدمة كبيرة لقيادات تلك الدول وصفعة أمنية واستخباراتية قوية في وجهها أنها لم تكن تعلم أو آخر من يعلم بهذا الأمر..، وكشف بشكل واضح وجلي أنها لا تدري ماذا تستهدف ولا من تقتل في اليمن، وكل ما يهمها هو خوض المغامرة في مهاجمة اليمنيين والتفحيط في سماء بلدهم بدون هدف وبدون خجل، يقتلون أي شخص، يدمرون أي منزل أو منشأة، الأمر عادي بالنسبة لدول لا تمتلك القرار ولا تعرف المسار.

إذ أن هذه الدول الخليجية متمثلة في السعودية والامارات والبحرين تحرك سلاحها الجوي لضرب أهداف تحددها احداثيات أمريكية اسرائيلية مرتبطة بالاقمار الصناعية التي تتحكم فيها واشنطن وتل أبيب ، ولا تدرك شيئاً عن هذه الاهداف سوى أنها مأمورة بالتنفيذ وارسال طائرتها للقصف.

وكما تأتي ردة فعل دول التحالف مع كل عملية اطلاق صواريخ باليستية على السعودية أو الامارات – عندما تعتمد على ما تعلن عنه القوة الصاروخية اليمنية لتنشر بناء عليها أخبار اعتراض الصواريخ الباليستية وكأنها تخوض معركة إعلامية لا عسكرية – جاءت ردة فعل دول التحالف بعد إعلان المجلس السياسي الاعلى خبر استشهاد الرئيس صالح الصماد لتقوم إثر ذلك بالاعلان أنها استهدفت موكبه وتمكنت من رصده وقتله.

المخابرات السعودية الاماراتية لا تعرف شيئا عن الهدف في الحديدة

الفشل الاستخباراتي السعودي الاماراتي على الارض اليمنية جليٌّ جداً في هذه القضية ، وإلا لما تأخر اعلانهم عن استهداف الرئيس الصماد لو كانوا يعلمون حينها أنه هدفهم. فيما لا تزال الجهات الامنية اليمنية تؤكد أن اليد الامريكية في التنفيذ المباشر لجريمة قتل الرئيس اليمني كانت هي الفاعل الاساسي. إذ كان على غرفة عمليات التحالف فقط استقبال الاحداثيات الأولى ثم تصوير المشهد الفيديو للعملية وإرسال احداثيات مباشرة من الميدان الى الطائرة المسيّرة التي تولّت عملية القصف بالغارتين الثانية والثالثة.

ومن أبرز دلالات فشل المخابرات السعودية الاماراتية في اختراق الأرض اليمنية ، أن رئيس دولة يقتل بطيران دول تشاركها الحرب على اليمن ولا تستطيع كشف ذلك ، وأن تسعى هذه المخابرات إلى تنفيذ املاءات امريكية اعلامية ، تحاول الوصول الى يقين في مقتل الصماد ام لا خلال العملية. وهل كان ضمن السيارات المستهدفة. أم لا؟!!..

الموقف الاستخباري الامريكي للتأكد من مصير الصماد

بعد تنفيذ امريكا لجريمة اغتيال الرئيس الصماد بثمان ساعات أصيبت بحالة من الارتباك وعدم اليقين في أن عملية الاستهداف نجحت ام ان الرئيس جريح أم لم يكن ضمن الموكب من الاساس ، فسربت المخابرات الأمريكية تقريراً اعلامياً صيغ بعناية فائقة كان هدفه استفزاز انصارالله بدرجة اساسية لانتزاع ردة فعل اعلامية منهم تكشف عن مصير الرئيس الصماد ، وهذا التقرير نشرته يوم الجمعة الماضية صحيفة الشرق الاوسط اللندنية 20 ابريل 2018م ، وهي صحيفة تتبع المخابرات الامريكية CIA في المنطقة العربية ، يفيد بأن ” مصادر قريبة من الحوثيين قالت للصحيفة أن زعيمهم عبد الملك الحوثي وضع الصماد تحت الإقامة الجبرية ، لكن الصحيفة أشارت إلى صعوبة تأكيد ذلك في ظل الكبت المفروض على وسائل الإعلام بصنعاء”.. وكان هدف التقرير أن يدفع انصارالله الى الرد بالنفي والتأكيد على ان الصماد يمارس عمله بطريقة اعتيادية ، ولا صحة لفرض الاقامة الجبرية عليه. وليس كما يتكهن البعض بأن التقرير اراد شق الصف واثارة الخلافات في اوساط انصارالله فالعدو يعلم جيداً استحالة نجاحه في هذا.

الدهاء الاستخباراتي اليمني في الاستجابة للموقف الامريكي

أجهزة الأمن والمخابرات اليمنية كانت على درجة عالية من اليقظة والمتابعة لكل ما يصدر عن دول العدوان من تقارير اعلامية او تحركات ميدانية متعلقة بالرئيس الصماد ، إذ عمدت المخابرات اليمنية إلى حشد طاقاتها الكاملة والذكية وخبرائها الأمنيين والعسكريين لتحليل الموقف كاملاً بعد حدوث الجريمة ، ومحاولة كشف ملابساتها والاطراف الدولية الضالعة فيها.

استجابة المخابرات اليمنية للتقرير الامريكي الذي نشرته صحيفة الشرق الاوسط اللندنية سدد ضربته في اتجاهين.. من خلال نشر مشهد فيديو مؤرشف لزيارة الرئيس صالح الصماد الى ورشة التصنيع الحربي والاعلان عن سلاح الهاون الجديد ” رجوم” محلي الصنع.

الاتجاه الأول: خلق المزيد من الارباك والتخبط لدى اجهزة مخابرات السي آي ايه والموساد ، بخصوص مصير الصماد. ودفعهم الى اخفاء حقيقة الهدف الذي قصفوه في الحديدة عن حلفائهم في المنطقة ” السعودية والامارات”. والتعامل مع الموضوع كجريمة عابرة استهدفت مدنيين.

الاتجاه الثاني: وهو ما أكده تقرير امني يمني أن مشهد الفيديو كان عبارة عن طعم أمني متمثل في بث مشهد الفيديو لزيارة الصماد لورشة التصنيع العسكري بغرض الكشف عن الدور الامريكي في تنفيذ عملية الاغتيال. وما إذا كانت الامارات او السعودية على دراية بالعملية أو الهدف من الأساس.

المخابرات الاماراتية والسعودية تبتلع الطعم اليمني

وبحسب التقرير الامني اليمني الذي نشرته صحيفة الاخبار اللبنانية صبيحة الثلاثاء 24 ابريل2018 عقب اعلان اليمن استشهاد رئيس المجلس السياسي الاعلى ” إن الرياض وأبو ظبي ابتلعتا الطعم الأمني الذي رمته صنعاء، عبر إظهار الصماد في شريط مصوّر بعد استشهاده، يتضمن جولات الرجل على ورش التصنيع العسكري المحلي. تعمّدت قيادة «أنصار الله» إظهار الشريط لسببين: الأول فضح ضعف السعوديين والإماراتيين استخبارياً، وإفشال أي خطوة مبيّتة للأعداء قد تلي العملية، عبر إيهامهم بفشل الهجوم واتخاذ تدابير الاستعداد اللازم”.

مضيفاً : ” ولم ينشر السعوديون صوراً للهجوم من الجو، إلى أن حدّد قائد «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، أمس، مكان الاستهداف في شارع الخمسين في الحديدة. لدى قيادة «أنصار الله» ملء الثقة بأن الأميركيين شاركوا في الهجوم، أقلّه عن طريق الاستطلاع والدعم الأمني، مع احتمال أن تكون الطائرات السعودية شاركت بما يقتصر على تنفيذ الغارة من دون العلم بالهدف”.

وقد تداولت وسائل اعلام الامارات والسعودية وأدواتهم ممثلة في الرئيس المستقيل هادي فيديو زيارة الصماد لورشة التصنيع الحربي بشكل يؤكد عدم علمهم بالعملية والهدف.

وبذلك تكون المخابرات اليمنية قد وجهت ضربة معلم لأجهزة مخابرات دول العدوان وتوصلت الى حقيقة تؤكد ضلوع الامريكيين مباشرة في استهداف الرئيس الصماد بعد فشل طيران دول التحالف في تحديد موقعه وملاحقته واستهدافه طيلة الاشهر الماضية التي تكرر خلالها نزوله الميداني العلني الى محافظة الحديدة. ما اضطرهم الى استدعاء اليد الامريكية للمشاركة في عملية اخرى. وكانت قوات الدفاع الجوي اليمنية قد أعلنت يوم الاربعاء 18 ابريل 2018 اسقاط طائرة بدون طيار امريكية طراز MQ9 وهي طائرة فريدة وحاملة صواريخ حرارية موجهة بدقة عالية لاقتناص الافراد والعربات.