هنا صنعاء هنا هيروشيما اليمن
بقلم / محمد الحاضري
في صبيحة يوم بدت زقزقة العصافير كئيبة والشمس حزينة تحجبها قطع من الغيم الأسود وسمع نعيق غربان الشيطان السوداء في سماء صنعاء.
العمال وأصحاب المحال وطلاب المدارس كلا قد بدأ يومه المعتاد غير مكترثين بنعيق الغربان الذي اعتادوا عليه مذ أشهر مضت.
هذا المشهد على الأرض لم يرق لغربان الشيطان فألقت قنبلة ملعونة تحمل سموم أفاعي الصحراء القاتلة، توقفت الحركة فجأة وعلا الدخان المكان وحل الخراب، وأقبلت رائحة الموت
وبين الدخان لا تسمع إلا صراخ الدعوات الممتدة إلى السماء، وترى من بقي حيا يحاول أن يحمل من أصيب بجواره.
وسرعان ما بدأ الدخان ينقشع شيئا فشيئا وكأن ملائكة جاءت من السماء لترفعه وتوقف نهر الدماء الجارف الذي أراد شيطان نجد ألا يتوقف.
انقشع الدخان وبدأت أشعة الشمس تعود إلى شوارع وأزقة امتلأت بجثث الضحايا كبارا وصغارا فلم يميز الموت بين أحد، وعلى أطلال أحياء حل بها الدمار والخراب، سُمعت سيارات الإسعاف لتعج المستشفيات بآلاف القتلى والجرحى.
أُطلقت نداءات الاستغاثة لم يجب أحد فالعالم ذو الوجه الباهت والشهية الشرهة منهمك بالأكل من مائدة المجرم الذي يحاول تجميل وجهة القبيح.
العالم صامتا ظل مستمعا لترانيم الشيطان الكاذبة، مديرا ظهره مطأطئ راسه محاولا عدم الاكتراث بما يجري وكأن ما حدث ويحدث لا يعني البشرية وكأن الضحايا ليسوا بشرا.
اليوم اكتملت ثلاث سنوات على الفاجعة ولا زال المجرم يحاول الإفلات من العقاب بمزيد من الصراخ والقتل، محاولا طمس هذه المدينة ناسيا أن الحياة خرجت من هنا، وأن ما طرأ في الصحارى القاحلة من غابات موحشة للحديد والزجاج سيعود كما كان حيث لا حياة.
وستبقى صنعاء منبعا للحياة وستزهر أوراقها من جديد كما كانت عبر التاريخ ولن تستطيع ثقافة الموت القادمة من أن تهزمها
سيكتب التاريخ وستتذكر الأجيال أن الموت القادم من صحراء نجد حلّ هنا، هنا صنعاء هنا هيروشيما اليمن.
تخليدا لأرواح ضحايا القنبلة النيتروجينية التي ألقاها التحالف الأمريكي السعودي على صنعاء في 20 أبريل 2015 وأحدثت هزة أرضية بلغت 3.7 درجات على مقياس رخيتر ودمرت 57 ألف منزل، وبلغت نسبة الإشعاعات سبعون ضعفا وحصدت أكثر من 730 شهيدا وجريحا في لحظات الانفجار الأولى.