عن الصرخة وشعار أنصار الله
بقلم | عباس الديلمي
لفت نظري ماتدور من أحاديث وملاحظات حول شعار حركة أنصار الله “ألله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام” ويبدو لي أن تلكم الأحاديث والملاحظات لا تتعدى عاملين رئيسين أولهما سياسي خلافي مع الحركة تهدف إلى تشويهها والنيل منها كمن يصف الشعار بالعدمية أو التطرف الديني وعدم القبول بالآخر الخ، أما ثانيهما فيعود إلى قصور في البحث والانطلاق من مفهوم سطحي متسرع.
وللتوضيح المختصر نقول: لقد وضع هذا الشعار مؤسس الحركة الشهيد حسين بدر الدين الحوثي وهو كما عرفناه من محاضراته وملازمه، صاحب باع وتبحر في علوم الدين والقرآن الكريم وله اجتهاده الواضح الذي مكنه من تأسيس هذه الحركة وانتشارها وتكاثر من تلقفها عقائديا إلى درجة التضحية بالغالي والأغلى كما نشاهده في هذا التصدي للعدوان التحالفي على اليمن.
من هنأ وددت اختصار ما توصلت اليه في تأملي للشعار من مفهوم لغوي وديني ففي اللغة ما يأتي على صيغة دعاء أو تمنّ أو تأكيد مثل “الخلود للشهداء، النصر للشعب ، البقاء للوطن الخ وكما جاء في الشعار النصر للإسلام وما هو حتمى في النهاية كالعزة لله وللرسول.
انتهينا من هذا الأمر لنأتي لكلمة “الموت” التي وردت في الشعار فهي من الناحية اللغوية لا تعني الدعوة إلى قتل أو هلاك دولة أميركا أو الكيان الإسرائيلي: لأن كلمة الموت في اللغة وفي السياق القرآني وردت بمعان كثيرة منها: الموت هو التوقف غير الدائم للحياة والنماء والحركة سواء للإنسان أو الأرض أو الشجر وكل ما فيه حركة وتفاعل ونماء ولهذا قال الله تعالى “يحيي الأرض بعد موتها” وكما قال تعالى “ومن كان ميتاً فأحييناه” كما أن كلمة “الموت” تعني الجهالة كما جاء في القرآن الكريم “وإنك لتسمع الموتى أي من فقد قوته العاقلة بالجهالة والموت تعني الخروج عن الحق كما جاء في الحديث الشريف “أول من مات أبليس فهو من عصى..”.
والموت لغة تعني فقدان أو زوال القوة الحسية لقوله تعالى “ياليتني مت قبل هذا..” أما في التوراة فقد وردت كلمة الموت استعادة عن الأحوال الشاقة ومنها الفقر كما ورد على لسان موسى عليه السلام أن هامان قد مات فلقيته فسأله ربه فقال له: أما تعلم أن من أفقرته فقد أمته” “هامان، وآمون وأمين من الهة الفراعنة”.
نكتفي بهذا ونأتي على كلمة “اللعنة ومعانيها لغويا ودينيا فاللعنة تعني الإبعاد والطرد من الخير وقيل تعني الطرد والابعاد من الله سبحانه قال تعالى “ويلعنهم الله بكفرهم”أي يبعدهم ويطردهم من رحمته ومحبته ورعايته واللعين هو المطرود وقد وصف الشيطان باللعين لأنه طرد من السماء وأبعد من رحمة الله واللعنة هي المسخ قال سبحانه في القرآن الكريم، ونلعنهم كما لعنا أصحاب السبت أي نمسخهم كما مسخ بعض اليهود إلى قردة عقابا لما ارتكبوه وتمادوا فيه كما أن اللعنة في القرآن تعني العذاب.
وهنا نشير إلى أن الموت لأميركا والموت لإسرائيل كما جاء في الشعار تعني أن سياسة تلكما الدولتين جعلتهما تفقدان إحساسهما إزاء ما هو خير ولا تسمعان نداء ضمير إنساني وتتماديان في كل ما ينزع عنهما آجلا أو عاجلاً رعاية الله ورضاه.
وأن” اللعنة على اليهود” تعني لغويا ودينيا أنهم ابتعدوا عن الخير فأبعدوا عن احترام ومحبة الشعوب ومسخوا جراء ما تبنوه دينيا وسخروه لنزعتهم العنصرية الاستعلائية والتوسع في الهيمنة بعد أن وضفوا التوراة لتلك الأهداف وما يؤكد هذا أن التوراة لم تكتب أو تدون إلاّ بعد مئات السنين وجعلوا منها كتاب تاريخ بنسبة ثمانين في المائة ولخدمة اغراض ومخططات من قام بذلك وهذا وفقاً للمراجع وما أثبته الباحثون الاختصاصيون .
أمل أن أكون قد وضحت مفهومي لشعار أنصار الله حسب اجتهادي وأنه لا يدل على العدمية والعدوانية والتطرف كما يحلو للغلاة من خصومهم أن يصنفوه بل هو وصف لنهج سلكته تلكما الدولتان فجعلهما محط انتقاد وكراهية عالمية.