هويتنا الإيمانية والحرب الناعمة..
بقلم / هاشم أحمد شرف الدين
استكمالا لما تناولناه في مقال سابق عن الحرب الناعمة نضع بين يدي القارئ الكريم إضاءات على المضامين المهمة الأخرى التي اشتملت عليها كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله بمناسبة جمعة رجب ولم يتسع المقام لإبرازها في ذلك المقال الذي ركزنا فيه على إبرازه هوية المجتمع اليمني التي أكد أنها هوية إيمانية تستهدفها الحرب الناعمة الشيطانية.
ونبدأ بالإشارة إلى المبادئ المهمة والأسس والركائز المتينة في الهوية الإيمانية والانتماء الإيماني كما أوضحها يحفظه الله تعالى:
ـ مبدأ التحرر من العبودية لغير الله سبحانه وتعالى، الذي هو مبدأ التحرر من العبودية للطاغوت، مبدأ عز وكرامة، ومبدأ يقوم عليه الإيمان بكله، مبدأ يمثّل لنا من خلال تمسكنا به مَنَعْة وحصانة وقوة في التصدي لكل مساعي الأعداء في استعبادنا والسيطرة التامة علينا.
ـ مبدأ القيمة الإنسانية والقيمة الأخلاقية من الوجود الإنساني الذي هو وجود مسئول، بإدراك أن الإنسان أتى ليتحمل مسؤولية في هذه الحياة وله كرامة وله قيمة، وإدراك أن الإنسان إذا انحط فهو يمس هو بكرامته الإنسانية، إذ لا ينبغي أن يعيش كالحيوانات الأخرى، لأن عليه التزامات أخلاقية، وتترسخ في نفسه الشعور بالمسؤولية تجاه النفس وتجاه الواقع من حولها وتجاه الأمة بل وتجاه البشرية والإنسانية.
ـ الوعي والبصيرة وأن يكون الإنسان مستنيرا بنور الله، إنسانا ذكيا إنسانا واعيا إنسانا لا يعيش حالة السذاجة في هذه الحياة فيخدع بكل بساطة من قوى الطاغوت التي تعتمد على الخداع والتضليل كأسلوب رئيسي في السيطرة على أفكار الناس ومفاهيمهم.
ـ مبدأ الوعي بطبيعة الوجود البشري، وأننا نعيش في هذه الحياة في ميدان مسئولية واختبار في مقام الاختبار الإلهي، وأن الله يختبرنا، فما نواجه من تحديات هو اختبار، وما يعطينا الله ويمكننا فيه في هذه الحياة هو اختبار ليرى كيف سنفعل هل سنطيعه سبحانه وتعالى؟.
ـ مبدأ الصبر، الذي هو من أعظم القيم، قيمة الصبر العملي، الصبر في مقام العمل والتضحية والعطاء، وفي مقام التحمل للمسئولية والنهوض بها، هي من أعظم القيم العملية.
وبالإشارة إلى ما اختتمنا به المقال السابق وهو توضيح الهدف المتوخى من جهود مواجهة الحرب الناعمة، والذي حدده السيد القائد ب “مساعدة المجتمع على اكتساب الحصانة الإيمانية في مواجهة الحرب الشيطانية الناعمة”، فإن السيد القائد قد طرح بعض الأساليب التي تمكن من تحقيق هذا الهدف تكمن في ترسيخ هوية المجتمع اليمني المعبر عنها بالهوية الإيمانية، والحفاظ عليها، وتعزيز حالة الوعي تجاه أهمية الهوية، للحفاظ عليها جيلا بعد جيل، وللقيام بالدور الذي قام به آباؤنا وأجدادنا على أتمّ وجه، بمستوى جيد جدا.
ويكون ذلك من خلال:
– العمل التوعوي في كافة الأنشطة الثقافية والتربوية والإعلامية والاجتماعية، لتنمية الوعي تجاه هذه الحرب، بالتذكير الدائم بالوسائل التي يستخدمها العدو في هذه الحرب.
– إجراءات بطرق صحيحة وبكل الوسائل المشروعة، (رقابية وغيرها) تساعد على التزام التقوى، والحذر من التورط في الفساد، وللمساعدة في الحد من انتشار الفساد.
– عناية بالضوابط الشرعية في المعاملة بين الرجال والنساء، ويجب أن يلحظ الجميع الالتزام بها في كافة مجالات العمل.
– تنقية الهوية الإيمانية من الشوائب الدخيلة التي تدخل إليها وليست منها، سواء ما كان منها بشكل عقائد أو أفكار أو سلوكيات أو عادات.
– مواجهة الحركة التي تسعى لتجميد الشعب اليمني في ظل الوضع الراهن، فبعض التيارات المحسوبة على الدين والتدين مستمرة في حث الناس على القعود في البيوت كي لا يكون لهم موقف من أي حدث.
فما الوعي المطلوب غرسه لدى كل فرد؟
لقد وضع السيد القائد يحفظه الله إجابة محددة لهذا السؤال إذ قال: يجب علينا أن نجعل كل فرد يعرف هويته، ومن يكون، وما هي ارتباطاته، حتى في ثقافته وتفكيره ونظرته ومفاهيمه.
ويجب علينا أن نربط كل فرد بالقنوات المأمونة والسليمة ليتزود منها بقناعاته بعقائده وبأفكاركه وبثقافته وبتقييمه.
ويجب علينا أن نوعي كل فرد تجاه الآخر، ليعرف من هو هذا الآخر؟ ويعرف من هي قوى الطاغوت؟ وما أهدافها؟ وما مشاريعها؟ وما الذي تسعى له؟ وما الذي تريده منه؟
كما يجب علينا ترسيخ الإحساس بالمسئولية تجاه الآخرين وتجاه الواقع لدى كل فرد، وإفهامه أنه ـ كمؤمن ـ لا يعيش في هذه الحياة حالة من عدم الإحساس بالمسؤولية.
ونختم بأن التوعية المقرونة بإجراءات صحيحة ومدروسة تحقق الوعي بالهوية الإيمانية، الذي يجب أن يحصن المجتمع بالحفاظ على انتمائه لها والحفاظ على التزامه بها أيضا.