السعودية تلجأ لمجلس الأمن.. الأبعاد والدلالات
بقلم | علي الدرواني
مع الصواريخ التي ضربت شركة أرامكو في جيزان في اليومين الماضيين يصل عددُ الصواريخ البالستية اليمنية على أهداف عسكرية واستراتيجية في العمق السعودي، حسب اعتراف الرياض، إلى أكثر من مائة وعشرة صواريخ، ثلاثة عشر صاروخاً منها في العشرة الأيّام الأخيرة فقط، ويأتي الاعتراف السعودي بعد أن ظلت قرابة العامين تتحدث عن تدمير المخزون الاستراتيجي اليمني من هذه الصواريخ.
السعودية كانت في المراحل الأولى تنتهج سياسةَ الإنكار؛ للتغطية على فشل اعتراض هذه الصواريخ وتعيد أسبابَ دوي الانفجارات الهائلة التي كانت تُسمع في الرياض أَوْ ينبُع أَوْ غيرها تارةً إلى انفجار محول كهرباء وتارة إلى هزة أرضية وما شابه.
وبعد أن خرجت تقاريرُ الخبراء العسكريين الأمريكيين عقب ضرب مطار الملك خالد في العاصمة السعودية، وأكدت وصول الصواريخ إلى الرياض وينبُع وتمكّنها من تجاوز بطاريات الباتريوت الدفاعية، لجأت البروباغندا السعودية في مواجهة الصواريخ اليمنية إلى اتجاهين متضادين، فإلى جانب الاجتهاد في التقليل من القدرات الصاروخية البالستية اليمنية والادّعاء باعتراض كُلّ هذه الصواريخ من قبل دفاعاتها الجوية فإنها في نفس الوقت تسعى إلى تضخيم مخاطرها.
فحين تتحدث الرياض عن قدرة دفاعاتها الجوية على اعتراض الصواريخ اليمنية التي لطالما وصفتها بالبدائية والمتهالكة وَغير الدقيقة، يناقض متحدثها المالكي نفسه عندما يحاول إخافةَ المجتمع الأوروبي بالقُدرات النوعية التي باتت في حوزة من يسميهم الحوثيين، ويتساءل معهم: ماذا لو وصلت الصواريخ إلى لندن أَوْ باريس أَوْ برلين؟
التناقض الذي تمارسُه الرياض يقود إلى حقيقة مهمة يقرأها المتابعون ويستنتجون منه أدلةً على خلاف ما تشتهي سفن الإعلام والضجيج السعودي الذي يجتر نفسَه بعد كُلّ مرة يصلُ فيها بالستي يمني إلى هدف سعودي سواء في عاصمة آل سعود أَوْ في غيرها من المدن السعودي.
هذه الحقيقة تقول إن هناك ألماً كبيراً تُحدِثُه الصواريخ اليمنية في المنشآت العسكرية والاستراتيجية التي تستهدفُها، الأمر الذي يجبر السعودية على رفع عقيرتها والبحث عن مَن ينقذها من الصواريخ اليمنية، وجعلها تبعَثُ برسالة لمجلس الامن تطالب بمحاسبة الحوثيين وإيران، حسب تعبيرها، على ما وصفته بالخروقات للقانون الدولي.
ويظهر من رسالة الرياض إلى مجلس الأمن أنها تهدف إلى تكريسِ متلازمة إيران والصواريخ البالستية اليمنية؛ خدمةً للأجندة الصهيونية والأمريكية التي تحاول وضع البرنامج الصاروخي الإيراني على طاولة البحث في مجلس الأمن وإلحاقه بالاتّفاق النووي.
كما تسعى من خلال الرسالة إلى تبرير خنق اليمنيين بحصار وإغلاق ميناء الحديدة كوسيلة من وسائل الحرب القذرة التي تستخدمها الرياض في كسر صمود الشعب اليمني، لكنها، من حيث لا تشعر، تعترف بتوازن الردع والرعب الذي فرضه اليمنيون عليها وباتت أسيرة له.