أنصار الله ومشروع الدولة (3)
بقلم | حمير العزكي
بدأت معطيات معادلة الساحة السياسية الداخلية تتغير مع انتهاء مؤتمر الحوار الوطني و تسارعت الأحداث بصورة كبيرة, فمع تدهور الوضع الأمني و محاولات الحكومة تلافي الانهيار الاقتصادي بفرض إصلاحات اقتصادية من خلال رفع الدعم عن المشتقات النفطية (جرعة جديدة) خرج الشعب بمظاهرات احتجاجية انتهت بثورة الـ21 من سبتمبر 2014م والتي تلاها توقيع اتفاق السلم والشراكة بين جميع الأطراف السياسية اليمنية وبرعاية أممية وتشكيل حكومة جديدة ،ذلك الاتفاق الذي تباطأت بعض الأطراف في تنفيذه محاولة الالتفاف عليه بداية بمحاولة فرض مسودة الدستور الجديد غير المتوافق عليها وانتهاءً باستقالة رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية بهدف خلق حالة الفراغ والفوضى.
عندها تصدر انصار الله المشهد وتولت اللجنة الثورية العليا مهام السلطة لتبدأ مرحلة جديدة من علاقة انصار الله بالدولة، فاللجان الثورية منذ تأسيسها كانت ضرورة وحلا بديلا لمحاربة الفساد بعد ان رفضت السلطة تمكين الثوار من الأجهزة الرقابية وكذلك الحال في توليها مقاليد الحكم وذلك تفاديا لحالة الفوضى التي خططت لها القوى الخارجية ونفذتها القوى الداخلية العميلة.
وكانت فرصةً قوية لأنصار الله لإثبات رؤيتهم فيما يخص الدولة وقد نجحوا في ذلك فحافظوا على ما تبقى من مؤسسات الدولة المنهكة بالأزمات والمثقلة بتركة الفساد المستشري في أجزائها، كما قاموا بالعديد من الخطوات في مسار الحفاظ على الدولة وترميم كيانها ابتداءً بفرض هيبتها وسيطرتها على كل أراضيها وتجفيف منابع الإرهاب في بعض المحافظات التي كانت قد أعلنت بعض مناطقها إمارات لداعش والقاعدة وكذلك القضاء على الفساد المالي والإداري بترشيد الإنفاق الحكومي وتفعيل دور الرقابة الشعبية.
لم يترك أعداء اليمن الفرصة لأنصار الله لإكمال مشروع إحياء الدولة وإنقاذ ما تبقى منها فسرعان ما شنوا عدوانهم الغاشم على اليمن بتحالف عربي ودعم ورضى أمريكي وصمت ومباركة أممية ورغم كل ذلك ظلت الدولة قائمة واستمرت مؤسساتها تؤدي خدماتها وتقوم بواجباتها في حدود إمكانياتها وما تبقي لها من موارد تحت سيطرتها، مقاومة بكل صمود ضراوة العدوان وشدة الحصار ومواجهة في كل الجبهات باستبسال وثبات.
لم يكن ورادا في تفكير انصار الله في يوم من الايام او مرحلة من المراحل الاستئثار بالسلطة او الاستحواذ عليها مهما كانت الظروف مواتية لذلك بدليل اتفاق السلم والشراكة بعد نجاح ثورة الـ 21 من سبتمبر وكذلك ايضا الاعلان الدستوري الذي أصدرته اللجنة الثورية العليا والذي تضمن إنشاء مجلس وطني يتشكل من 551 عضواً الاولوية للراغبين المشاركة فيه من أعضاء مجلس النواب الحالي والبقية من كافة القوى والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ولكن لم يكتب للإعلان الدستوري الاكتمال وتم تجميد العمل به بعد ان توصل المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله إلى اتفاق الشراكة الذي نتج عنه تشكيل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني كإثبات آخر على حرص انصار الله على الشراكة الوطنية كأساس من أسس البناء والحفاظ على الدولة.