الخبر وما وراء الخبر

عن الرموز شعبا وقائدا ونصرا

60

بقلم | هاشم أحمد شرف الدين

يقال في التراث العربي “خير الكلام ما قل ودل”، وفي الأمثال الشعبية “كلمة قصيرة نفاعة”.

ويقال في علم الإعلام “ليس من سمع كمن رأى، وإن صورة واحدة قد تكون أبلغ من عشرات الكلمات، وإن بالإمكان سماع دوي طلقة مدفع – من على بعد كبير – وليس أزيز مئات من طلقات الرصاص”.

ويمكننا القول إن كل ذلك قد طبق يوم أمس في ميدان السبعين حين نصب أبناء الشعب اليمني بأجسادهم أضخم سارية على الكرة الأرضية ورفعوا عليها علم الجمهورية اليمنية، مشكلين لوحة بشرية عملاقة هي الوحيدة التي كان بالإمكان مشاهدتها من على سطح القمر، والتي من المؤكد أنها لم تتح لهذا العالم أن يواصل ادعاء عماه وصممه وخرسه طيلة ثلاث سنوات رغم وجود الأقمار الاصطناعية التي ظلت القنوات التلفزيونية تبعث عبرها يوميا صورا متفرقة من مجازر العدوان على اليمن ومن بشائر النصر اليماني دون التفات المجتمع الدولي.

لقد تساءل الجميع عن دلالات احتواء شعار المناسبة على صاروخين وليس صاروخا واحدا وعن السر وراء أن كتب على أحدهما بركان2 فيما لم يكتب على الآخر أي اسم، لكني أجزم الآن أنهم باتوا يعرفون تلك الدلالات.

فبالنسبة للصاروخ الثاني غير المسمى فقد تم الكشف عمليا عن منظومة صاروخية باليستية جديدة أسميت (بدر)، وتدشينها بإطلاق الأول منها على شركة أرامكو النفطية في نجران، كما أوحى عدم وجود اسم على الصاروخ الثاني في الشعار بأن أنواعا جديدة من المنظومات الصاروخية – غير بركان وبدر وما سبقهما – ستدخل الخدمة أيضا مما استلزم ألا يتم حصره في اسم واحد فقط.

ودل وجود صاروخين في الشعار أيضا على التوجه نحو إطلاق مكثف لأكثر من صاروخ في وقت واحد، وهو ما تم عمليا عشية السادس والعشرين من مارس بإطلاق صلية من الصواريخ الباليستية (دفعة واحدة) وقبل مضي ساعتين من خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله الذي أكد خلاله أن العام الرابع من العدوان الأمريكي السعودي سوف يشهد تطورات عسكرية كبيرة تخترق أنظمة الحماية الأمريكية التي يستخدمها تحالف العدوان على اليمن.

يمكننا القول إن ‏الجيش اليمني قد سجل اسمه في موسوعة غينيس بضرب الرقم القياسي في إطلاق عدد من الصواريخ الباليستية (دفعة واحدة) في حرب حقيقية وليس في مناورة عسكرية للتمرين، ودون اسمه قبل ذلك في سجل الإعجاز العسكري بتصنيعه وتطويره العسكري والصاروخي خلال فترة قياسية وفي ظروف استثنائية ورغم الحصار المطبق وعدم وجود قاعدة متينة في هذا الشأن.

لقد فرضت الصواريخ الباليستية حضورها على الإعلام الدولي وعلى منصات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت، ولم يتمكن الأعداء من تغييب الصورة، فعلى سبيل المثال ‏علق ناصر الدويلة عضو مجلس الأمة الكويتي – في تصريح لقناة الجزيرة – على صلية الضربات الصاروخية الباليستية اليمنية بأن “الشعب اليمني ربح جولة الحرب، وأن على العالم البدء بجولة السلم”.

كما فتحت مشهدية الصواريخ اليمانية نوافذ عديدة أمام العالم ليدرك حجم الفشل والعجز الأمريكي والسعودي وحلفائهم في عدوانهم على اليمن، فقد ذكرت بتصريح العسيري ناعق التحالف حين قال في الأسبوع الأول من بدء العدوان بأن ما تسمى عاصفة الحزم تمكنت من القضاء على 95 % من القدرة الصاروخية اليمنية.

وذكرت تلك المشهدية الصاروخية بحكمة قائد الثورة التي فرضت نفسها على الأكاديمات السياسية والعسكرية ومراكز البحوث الاستراتيجية لتكون محل دراسات متعمقة للوقوف على أسرار هذا الثبات والصمود الأسطوري اليماني أمام أعتى عدوان عسكري واقتصادي عرفه العالم، بدءا بالصبر الاستراتيجي، مرورا بالتصنيع والتطوير الصاروخي، وانتهاء بالمعجزات التي لم يكشف عنها بعد.

وإذا كنا قد نجحنا في نهاية العام الثالث بتقديم صورة ما مضى من صمودنا، فإن هذه الجمل التي قالها السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله في كلمته بالمناسبة هي باختصار ما سيكون عليه المشهد في العام الرابع من صمودنا، حيث قال:

“إننا معنيون بتعزيز وضعنا من الداخل كما ينبغي، وأن نتعامل كأولوية بكل ما يعزز هذا الصمود، وأن نستمر في تطوير قدراتنا العسكرية، والحمد لله هناك منعة مكتسبة مع الاستمرار وهناك توجه وبناء من واقع صعب وهذا أحسن بناء، البناء الذي يكون في الواقع الصعب وفي مواجهة تحديات كثيرة هو الذي يكون عادة بناءً مستحكماً وبناءً قوياً لأنك تبني بحسب هذا الواقع، بحسب ما تواجه وبحسب هذا التحدي ومستوى هذه الأخطار عادةً يكون بناءً قوياً وبناءً متماسكاً.

ومما لا شك فيه أن العالم كله سيقف مطولا إزاء هذه الجملة تحديدا:

“قادمون للعام الرابع بتفعيل غير مسبوق للمؤسسة العسكرية، قادمون ورهاننا على الله وحده آملين منه التأييد والنصر”.

إنها بشارة نصر الله تعالى القائل:

“أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير”.

فالحمد لله رب العالمين، وأعان جميع أحرار الشعب ووفقهم إلى ذلك..