الخبر وما وراء الخبر

“طب خلودا أيها الخيواني”

68

بقلم |أمين النهمي.

في ذكرى اغتياله الثالثة، صانع صباحات الحرية، ورجل بحجم الوطن، وصاحب البصمات الكبيرة، والإسهامات المتنوعة في السياسة والشعر والثقافة، ورفع سقف هامش الحريات الصحفية في اليمن، وحصد جوائز العالم تقديرا لمواقفه الفولاذيه، ووصل إلى أعلى مراتب النجومية الصحفية كسفير للنوايا الحسنة.

وحده الشهيد الخيواني من استطاع أن يفشل مشروع التوريث؛ الذي كان يعمل عليه نظام علي عبدالله صالح منذ منتصف التسعينيات، وفي وقتٍ لم يكن يجرؤ فيه أحد على أن يمسّ قدسية ذلك النظام، وواجه ذلك الطغيان بشجاعة، وحاول النظام السابق إسكات صوته الهادر بأساليب شتى وفشل في ذلك، بل وجد نفسه أمام صحفي فولاذي، وحين لم تجد السلطة نفعا في استقطابه وشراء مواقفه بالمال والمناصب؛ لجأت إلى استخدام كل أساليب البطش والقهر والتعذيب.

تعرض الخيواني للاعتقالات المتكررة، ومحاولات الاغتيال، ومورست ضده أبشع وسائل القهر والضرب المباشر، وأشكال مختلفة من التعذيب، وانُتزع من بين أولاده بالملابس الداخلية ليساق إلى زنازن الجلادين، بعد أن فتح ملف التوريث، وملف حرب صعدة العبثية، وملفات أخرى عن فساد تلك القوى، ولم يفت كل ذلك في عضده.

وليس صدفة أن يتزامن استهداف الخيواني مع ذكرى «مجزرة الكرامة» التي ارتكبها النظام مع انطلاق الثورة في 2011؛ وهو أحد مهندسي تلك الثورة، ويحمل أسرار ملف تلك المجزرة، كما كان له دورا محوريا في ثورة 21 سبتمبر التي قضت على كل هوامير الفساد والعمالة، ولذلك سعى الجبناء إلى اغتياله في محاولة بائسة منهم لاغتيال الثورة، وإيقاف مسيرة التغيير الشامل الذي كان ينادي به الشهيد.

وطوال مسيرته الحافلة بالشموخ ظل الخيواني صحفيا فولاذيا أمينا على شرف الكلمة، وسياسيا عصيا على التطويع ترغيبا وترهيبا؛ إلى أن مات واقفا كالأشجار بحسب ماقال ذات مرة في لقاء صحفي له عقب خروجه من المعتقل (أحب أن اموت حرا واقفا كالأشجار).

ما يقوم اتحاد الإعلاميين اليمنيين والجبهة الثقافية لمواجهة العدوان، من جهود كبيرة تستحق الشكر والإشادة، في إرساء واستمرار إحياء فعالية الذكرى السنوية لاغتيال الشهيد عبدالكريم الخيواني، توثيقا لمسيرته وأعماله، ومواقفه وأشعاره، وشهادات أصدقائه وزملائه، وإعلان جائزة سنوية تحمل اسمه.
رحم الله الشهيد الخيواني، ولانامت أعين القتلة.