الخبر وما وراء الخبر

بن سلمان في بريطانيا : زيارة الحفيد لـ “رب الجد المؤسس”.!!

66

اعداد /فؤاد الجنيد

في الوقت الذي كان الإعلام البريطاني يسدل الستار عن شوارع لندن وهي تكتض بالإحتجاجات الشعبية ضد زيارة ولي عهد مملكة الشر، كان وزير إعلام حكومة الفنادق يكشف النقاب عن حقارته ووقاحته وهو يتغزل بفارس أحلامه كما يبدو، واصفا إياه بفارس الخطوة والنظرة، ومغردا ومجاهرا بغزله بالتزامن مع يوم المرأة العالمي، الذي كان لـ بن سلمان منه نصيب الأسد، على لسان الطامعين بمصروف الارتزاق الشهري.

إنسانية عربية غائبة

لم يكن الشارع البريطاني وحده من وقف شاهدا على دموية “آل سعود” وافراطهم في القتل والقصف وصروف الموت الأحمر، فعواصم دول العالم شهدت جميعها احتجاجات وردود أفعال تندد بالحرب الظالمة على اليمن منذ الأيام الأولى من انطلاقتها، واستمرت طيلة فترة العدوان حتى اللحظة، فالإنسانية القائمة على الفطرة تحركت في ضمائر أولئك الذين لا تجمعنا بهم روابط الدين واللغة ولا التأريخ والجغرافيا، ولفظت أنفاسها في دول تدعي العروبة والإسلام، تقطن مساحات الجوار، وتتخندق وراء مقدسات المسلمين.

البيض يتضامن..

في عام ماض، وأثناء زيارة رسمية لناطق تحالف العدوان اللواء أحمد عسيري، تظاهر محتجون بريطانيون أمام محل إقامته في لندن، منددين بآلة القتل اليومية ضد اليمنيين، ومستنكرين سياسة الدمار والحصار، وثقافة التجويع والتركيع التي ينتهجها العدوان دون رقيب. وأثناء مرور اللواء عسيري رشقه أحد المتظاهرين بالبيض، وانهال عليه بالشتيمة وعبارات الاستياء والاستهجان والرفض، قبل أن يتدخل الأمن البريطاني لاعتقاله. وبصرف النظر عن ردة فعل الغراب السعودي الذي كشفت النقاب عن أخلاقه وسلوكه التي تمثل بلاده برمتها، إلا أننا نستشف مدى الكراهية التي تتربص بـ آل سلول في زوايا العالم الواسع، وندرك يقينا كيف أن المال وحده من يتيح لمملكة الشر تنفيذ مخططاتها واجندتها، وتشتري ولاءاتها وذمم مرتزقتها.

شراكة في قتل اليمنيين

منذ بداية العام 2015 وتحديداً بعد شنّ مملكة العهر عدوانها على اليمن، قامت بريطانيا ببيع أسلحة إلى الرياض بأكثر من ثلاثة مليار جنيه إسترليني. وبحسب تقارير رسمية فأن صادرات الأسلحة البريطانية إلى السعودية تضاعفت خمس مرات في الفترة بين عامي 2015 و 2017، لتصل إلى أكثر من خمسة مليارات يورو، اي ما يعادل أكثر من سبعة مليارات دولار. وشملت هذه الصفقات طائرات حربية من طرازي “تايفون” و”تورنيدو” ومروحيات وطائرات بدون طيار وصواريخ حديثة ومتطورة وقنابل دقيقة التوجيه بما فيها العنقودية المحرمة دولياً التي استخدمت في قتل الشعب اليمني وتدمير بناه التحتية بما فيها المستشفيات والمدارس ومستودعات الأغذية والأدوية وشبكات إيصال الكهرباء والمياه الصالحة للشرب ما تسبب بانتشار الأمراض الخطرة خصوصاً الكوليرا التي أودت بحياة أعداد كبيرة من اليمنيين.

فرصة لا أخلاقية

تسعى بريطانيا جاهدة لبناء علاقات واسعة مع دول نوعية ومختلفة من العالم بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي، وعمدت على إختيار الأقطار ذات التأثير السياسي والقومي في مناطق إقتصادية جالبة للمال والنفط. إضافة إلى رغبة بريطانيا في استثمار خروجها من الاتحاد الأوروبي لتجد الفرصة سانحة أمامها لزيادة مبيعاتها من الأسلحة إلى السعودية، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي يرفض بمجمله استمرار العدوان على اليمن ويطالب أعضاءه بالامتناع عن بيع الأسلحة إلى الرياض. وما يؤكد هذا الخيار هو الإشارة إلى أن السعودية كانت في طليعة الدول التي زارتها “تيريزا ماي” بعد انطلاق إجراءات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2017م.

أهداف زيارة بن سلمان إلى بريطانيا

يدرك بن سلمان جيدا ومن خلفه شركاؤه في النظام السعودي، أن صورته قد تلطخت كثيراً بسبب العدوان على اليمن وقمع المواطنين السعوديين ودعم الجماعات الإرهابية والتكفيرية في المنطقة والعالم، فكان لا بد من تحسين هذه الصورة في العواصم الأوروبية والغربية التي تمسك بزمام الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان. في الجانب الآخر يسعى بن سلمان إلى كسب الدعم الغربي وتهيئة الأرضية للاستيلاء على عرش المملكة فور وفاة والده “الملك سلمان بن عبد العزيز” الذي يعاني من المرض و الزيهايمر. ولا يمكننا إغفال أن بن سلمان يواجه تحديات داخلية كثيرة في كافة المجالات، ويسعى من خلال زيارته إلى بريطانيا للظهور بمظهر المقتدر، لاسيّما بعد الانتقادات الشديدة التي وجهت إليه نتيجة فشل سياساته الاقتصادية والجرائم التي ارتكبها ضد دعاة الإصلاح في السعودية وضد الشعب اليمني. ويعتقد الكثير من المراقبين بأن زيارة بن سلمان إلى بريطانيا تهدف أيضاً إلى مواجهة خطر اندلاع أزمة سياسية حادة داخل الأسرة الحاكمة بسبب الإجراءات التعسفية التي اتخذها ضد الكثير من الأمراء والوزراء واستحواذه على ثرواتهم وممتلكاتهم مقابل إطلاق سراحهم.

أهداف إستراتيجية

تسعى حكومة “تيريزا ماي” إلى تحقيق قفزة في مجال صناعة الأسلحة في بريطانيا من خلال زيادة مبيعات الأسلحة إلى السعودية ودول أخرى في المنطقة، لاسيّما في مجلس التعاون الخليجي، مستغلة بذلك الخلاف السعودي القطري. إضافة الى أن بريطانيا تتماشى مع السياسة الأمريكية، فتسهم بفاعلية في بقاء الأنظمة العربية المتحالفة معها في الشرق الأوسط وفي مقدمتها السعودية، وزيارة بن سلمان إلى لندن تأتي في هذا السياق. وبالمجمل العام نستطيع القول أن أهداف هذه الزيارة لا تقتصر على ما تمت الإشارة إليه، بل تستهدف بالدرجة الأولى عقد المزيد من صفقات شراء الأسلحة الجديدة والمتطورة من بريطانيا لمواصلة العدوان على اليمن من ناحية، والاستمرار من ناحية أخرى في سباق التسلح الذي تخوضه السعودية منذ زمن طويل خدمة للمشروع الصهيوأمريكي الذي يستهدف محاربة الجمهورية الإسلامية في إيران ومحور المقاومة في عموم المنطقة لغرض تمزيق الشرق الأوسط والاستحواذ على ثرواته والعبث بمقدراته.