الأطفال الرجال، وتطفل أشباه الرجال
كتب العلامة يونس محمد المنصور*
الناس ومواقفهم في استشهاد قرة عيني ابني أحمد سلام الله عليه
في منشور نعيي لابني الشهيد السعيد البطل أحمد سلام الله عليه، والذي كتبته على صفحتي في الفيسبوك وموقع قوقل بلاس وتويتر، كان المعلقون والمتفاعلون، والمراسلون في الخاص أنواعا كالتالي:
النوع الأول: الأصدقاء والأعزاء والمحبون والمتعاطفون، وهؤلاء تكلموا من دافع الفطرة الإنسانية السليمة، وتراوحت تعليقاتهم بين التعزية، والتهنئة بالشهادة، وإنكار العدوان الإجرامي، والدعاء للشهيد ولي ولأسرتنا وجميع أهله، ولسائر الشهداء بالرحمة وللمجاهدين بالنصر، والدعاء على العدوان وأهله ومرتزقته بالويل والخسران والهزيمة
وكان هؤلاء كثيرين جدا، وتواجدوا بشكل كبير ولافت ومشرّف لي
ولهم أقول:
رعاكم الله وشرف قدركم وأعلى مقامكم، بما شرفتموني وأعليتم مقامي، لقد وصلتني تعزيتكم ومواساتكم جميعا، فردا فردا، حتى لو لم أتمكن من الرد عليها لكثرتها؛ لأنني كلما حاولت فتح جميع التعليقات للإعجاب بها تعلق الصفحة من كثرتها؛ حيث إنها بلغت ألفا ومائة تعليق، فليعذروني إن لم أتمكن من إتمام الإعجاب بتعليقاتهم رغم محاولاتي المستمرة
والنوع الثاني: وهم الذين أبدوا فرحتهم وارتياحهم وسرورهم وسعادتهم وتشفيهم باستشهاده، ممن هم من أنصار العدوان ومرتزقته وعملاؤه صراحة، وهؤلاء لا رد لي عليهم، وليس لدي ما أقوله لهم، كما أنه لا يهمني ما قالوا، فكلامهم انطلق من دافع عمالتهم وارتزاقهم، وذلك فضيحة وعار في نفسه تتضاءل أمامه كل الرذائل الأخرى، ولا داعي للرد على تعليقاتهم لأنها أمور تافهة وصغيرة أمام حقيقتهم البشعة والقبيحة.
إذ أنه لا معنى لأن تقول لمرتزق مجرم عميل لأعداء وطنه ودينه وأمته، يقتل الأطفال والنساء والإنسان ويدمر البنيان، فتقول له: حسن خلقك وقولك!
أو كأن تقول لمن انتهى توا من ذبح طفل بريء بمنشار صدئ: لا تستخدم منشارا صدئا❗
لأن المشكلة ليست في الآلة التي استخدمها في جريمته، حتى تنصحه بتنظيفها، بل في نفسيته الإجرامية المنحطة
النوع الثالث: وهم الذين انتقدوا استشهاده طفلا (حسب وصفهم)، وذهابه للجبهة و (إرسالي له) كما قالوا إليها في هذا السن، لكنهم ممن اشتبه الأمر عليهم، وكانوا صادقين في انتقادهم، وليسوا ممن يؤيد العدوان
وهؤلاء أقول لهم:
إن ابني الشهيد السعيد إن شاء الله أحمد سلام الله عليه استشهد وقد بلغ سن الرشد بحمد الله، وقد ذهب للقتال في سبيل الله بمحض إرادته ورغبته، ووالله لو اجتمعت كل قوى الأرض على منعه لعجزوا أمام إرادته وهمته، ولضعفوا وسلموا لعزيمته، كما إنه ذهب إليها حاملا وعي الرجال بقضيته وقضية أمته ودينه، ووالله إن كلمة من كلماته ونظرة من نظراته، وردا من ردوده يفوق عقل ألف ألف رجل ويزن أمة كاملة
أما النوع الرابع، وهم الذين كتبت هذا الموضوع بسببهم بشكل رئيسي، وهم نفس النوع الثالث من المنتقدين لاستشهاده (طفلا) حسب زعمهم، لكنهم من مؤيدي العدوان، كما يظهر من مواقفهم وتصريحاتهم وكتاباتهم
وقد تركزت تعليقاتهم على انتقاد كون ابني الشهيد أحمد كان طفلا (حسب زعمهم)، وتمثيلهم التأسف على ذلك، وإظهار أنفسهم مظهر المنتقد لما أسموه تجنيد الأطفال)، على أساس أنه يحب الأطفال والطفولة، بينما هم من مؤيدي العدوان والمصفقين له
فهؤلاء أبشع المعلقين حالا؛ لأنهم استخدموا الطفولة البريئة الجميلة لتغطية عورتهم وحقيقتهم القبيحة والبشعة، وسخروها براءتها وجمالها لتزيين جرائمهم ومنكراتهم في حق الطفولة والأمومة والإنسانية كلها
ولهم خاصة أقول:
إن ابني (الطفل) الشهيد أحمد سلام الله عليه خرج إلى ساحة المعركة للأسباب التالية:
1: دفاعا عن الأطفال الذين يقتلهم أسيادكم الأمريكان والسعوديون والإماراتيون وهم نائمون في أحضان أمهاتهم تحت سقوف بيوتهم، وأنتم تصفقون لهم وتباركون
وتقتلونهم أنتم أيضا بعمالتكم وإحداثياتكم وتخابركم، ورضاكم عنهم وتأييدكم لهم
2: ودفاعا عن الأطفال الذين قتلوا بالعشرات في المساجد وبيوت الله الآمنة بتفجيرات مجرمي أدعياء الإسلام، الذين هم إخوانكم الآن في الجبهات ضد الشعب اليمني، وشركاء قتالكم في صف العدوان ضد اليمن واستقلاله، ورفقاء كفاحكم وقتالكم، وشركاء مشروعكم عقديا وسياسيا
3: دفاعا عن الأطفال الذي شاهدوا ويلات قصفكم للمدن والقرى والمساكن الآمنة والطرق والجسور والمدارس والملاعب والمستشفيات، والذين سلموا من ذلك لكنهم خرجوا منه أيتام الآباء أو الأمهات أو كليهما، والإخوة والأخوات والأعزاء، ورأوا في لحظة كيف أصبحوا أيتاما مشردين بلا أهل ولا مأوى
4: ودفاعا عن بقية أصدقائه الأطفال الذين منهم من رأى بأم عينيه بقية أصدقائه الأطفال وهم ينازعون خروج الروح وتسيل دماؤهم ويلفظون آخر أنفاسهم، وأسعفوهم بأنفسهم، من المساجد التي فجرتموها ومن تحت أنقاض بيوتهم التي قصفتموها فوق رؤوسهم نائمين في أحضان أمهاتهم، وسالت دماء بعضهم الطاهرة في أيدي بعضهم الآخر البريئة وفي ثياب طفولته، وهو يشارك في إسعافهم من تلك المساجد والبيوت، وشاهدوا بأنفسهم هول المنظر وعظم الموقف
5: دفاعا عن الأطفال الجرحى المعوقين جراء جرائمكم وعدوانكم، والذين خلف بعضهم عميانا وعرجا ومحروقين ومشوهين وذوي عاهات مستديمة
6: دفاعا عن ملايين الأطفال الذين تحاصرونهم من الغذاء والدواء.
7: ولأن ما رآه من قبح مشروع أسيادكم وقبح تأييدكم وعمالتكم لهم، وإجرامكم جميعا بحق الطفولة أبلغه مبلغ الرجال، وأناله الوعي والفهم باكرا.
فأصبح رجلا حين بعتم رجولتكم.
وجنديا لله تعالى حينما جندتم أنفسكم لأمريكا وإسرائيل وأدواتهم السعودية والإمارات.
وواعيا للتجارة مع الله وعبدا له تعالى، حينما تعلق أعظم وعيكم بفنون الارتزاق والعمالة والعبودية لأئمة الكفر والفساد في الأرض.
لهذا كله فأنتم ألد أعداء الطفولة
وأقبح المتحدثين عنها
وأكذب المتسترين بحبها
لذلك عليكم أن تخرسوا، وأن تدسوا رؤوسكم في رمال الخزي والعار، وألا تحدثونا عن الطفولة مجددا
يا أشباه الرجال إنما أنتم الأطفال
فلا تتحدثوا عن الأطفال الرجال.
*عضو دار الإفتاء اليمنية