الخبر وما وراء الخبر

كيف يعيش اللاجئون السوريون حياتهم في الدول الأخرى؟

67

يرتبط أكبر عدد من النازحين، من بين 66 مليون نازح في العالم، بسوريا. ومنذ اندلاع الحرب السورية في عام 2011، اُجبر 12 مليون سوري من بين الـ 23 مليون مواطن سوري على ترك ديارهم. وقد قتلت الحرب حوالي 400 ألف شخص. وقد أجبر أكثر من نصف هؤلاء 12 مليون نازح على مغادرة سوريا والهجرة إلى البلدان المجاورة أو البلدان الأوروبية، ونزح البقية داخل سوريا. ووفقاً لتقرير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الذي صدر يوم الجمعة 23 فبراير 2018، فقد تشرد حوالي 5،5 ملايين سوري في بلدان مثل تركيا والعراق ولبنان والأردن ومصر.

وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن وجود 3.3 ملايين لاجئ سوري في تركيا، وهو أكبر عدد من اللاجئين، ويشكّل الأطفال والنساء حوالي 70% من هؤلاء اللاجئين. وطلبت تركيا مساعدة دولية قيمتها 3،5 مليارات دولار لإبقاء اللاجئين في أراضيها. وهناك حوالي 240،000 لاجئ سوري في العراق وأكثر من 117،000 في مصر.

ويقال إن ما يقرب من مليون سوري لجأوا إلى بلدان أوروبية حتى الآن. وفي عام 2014 وحده، كان أكثر من 137،000 سوري قد لجأوا إلى أوروبا. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في ألمانيا والسويد 63 في المئة، وفي هنغاريا والنمسا وهولندا واليونان وبلجيكا 23 في المئة و16 في المئة في بلدان أوروبية أخرى.

وضع اللاجئين السوريين في لبنان…

إن وضع النازحين السوريين في لبنان عسير ومعقد جداً. ووفقاً لتقرير صادر عن المفوضية في 18 يناير 2018، يعيش أكثر من ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر. وارتفع عدد اللاجئين السوريين في لبنان من 000 800 لاجئ إلى أكثر من مليون لاجئ منذ عام 2011، مع احتساب هجرة أو عودة بعضهم. ووفقاً للتقارير الواردة من المؤسسات الدولية، فإن وضع اللاجئين في لبنان يزداد سوءاً. ويضطر معظم هؤلاء اللاجئين إلى العيش بأقل من 4 دولارات في اليوم.

إن انعدام الأمن والعوائق التي تحول دون الإقامة القانونية والرعاية الصحية وتسجيل الزواج والولادة ليست سوى نبذة صغيرة عن مشكلات اللاجئين السوريين في لبنان. وفي الشهر الماضي، حاول عدد من اللاجئين السوريين اجتياز الحدود إلى داخل لبنان للهرب على ارتفاعات بين لبنان وسوريا، فتجمد 15 منهم، من بينهم طفلان، بسبب البرد الشديد. وبسبب المشكلات الداخلية، فإن لبنان تتبع سياسات اللجوء دون مخيمات.

الوضع في لبنان غير مستقر بشكل متزايد بالنسبة للاجئين السوريين، وخاصة أولئك الذين ليس لديهم تصريح إقامة. ونظراً لعدم توفر الحماية القانونية من قبل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، فإن اللاجئين الذين لا يحملون تصاريح معرضون لخطر الاعتقال. كما يعانون من صعوبات كالحصول على الرعاية الطبية والتعليم. وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، نظراً لأزمة اللاجئين السوريين في لبنان التي شاهدناها في عام 2018، فإن الأمر يتطلب 2/7 مليارات دولار لحل أزماتهم التي يواجهونها في لبنان في عام 2018 فقط.

اللاجئون السوريون في الأردن…

يعيش في الأردن أكثر من 665،000 لاجئ سوري. وقد عاش الكثير من هؤلاء الناس في مخيمات خارج المدن. وأفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن أكثر من 93٪ من هؤلاء اللاجئين تحت خط الفقر.

اللاجئون السوريون والتحديات في أوروبا…

منذ بداية الحرب، انتقل نحو مليون لاجئ سوري إلى أوروبا. ومن بين هؤلاء، استقر حوالي 24،000 سوري رسمياً في أوروبا من عام 2011 إلى عام 2016 كطالبي لجوء. ووفقاً لبيانات يوروستات والوكالة الأوروبية للإحصاء ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد غادر أكثر من 500،000 سوري إلى ألمانيا وقدموا طلب اللجوء في الفترة من 2011 إلى 2017، وتستضيف هذه الدولة الوجبة الخامسة لمسلمي سوريا النازحين في العالم. وتأتي بعد المانيا، السويد (أكثر من 110،000 شخص) ومن ثم النمسا (ما يقرب من 50،000).

ونظراً للقيود الصارمة والاختلافات الثقافية بين اللاجئين السوريين والمدن التي هاجروا إليها، قرّر بعض هؤلاء النازحين إما البحث عن سكن مناسب (مثل ألمانيا) أو العودة إلى تركيا. والأحداث الإرهابية التي حدثت في بعض البلدان الأوروبية، تسببت باتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد هؤلاء اللاجئين.

إن اعتقال واحتجاز اللاجئين والنازحين بسبب اللجوء، ممنوع بموجب القانون الدولي، ولكن بسبب التفسيرات الخاطئة للدول الأوروبية، فقد اعتُقل المئات منهم عندما ازدادت عاصفة النزوح. حيث أن الجوع والقضايا الصحية هما مشكلتان رئيسيتان يعاني منهما النازحون، وخاصة في بداية اللجوء إلى البلدان الأوروبية. ووفقاً لتقرير قناة “غوناز” التلفزيونية، تم تسجيل أكثر من مئة حالة اغتصاب في المخيمات خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط من دخول اللاجئين السوريين لهذا البلد.

وقد عانى اللاجئون السوريون من سوء المعاملة في بلدان مثل ألمانيا وفرنسا ومقدونيا والمجر واليونان، على أمل تحسين أوضاعهم، وقد انعكست هذه الحالات أحياناً في وسائل الإعلام، وأعقب ذلك غضب الرأي العام العالمي وردة فعل مفوضية اللاجئين.

إن الأحزاب الاجتماعية المسيحية والديمقراطية المسيحية في ألمانيا تطالب بإعادة اللاجئين السوريين. وتعمل بعض المنظمات الإنسانية الدولية بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على تحسين الحالة النفسية للاجئين وخاصة في أوروبا من خلال إنشاء حملات للعثور على عوائل السوريين في أوروبا عبر نقاط مختلفة وجمعها في مكان واحد. وقد عانت الأسر السورية النازحة من مشكلات جديدة في بعض البلدان المجاورة. حيث أنشأ المتاجرون بالبشر شبكات لاستخدام فتيات هذه الأسر اللواتي يتلقين مبلغاً زهيداً من المال لقضاء حياتهن بالعمل في الدعارة.

وقد تم التعرف على معظم هؤلاء الفتيات من قبل تجار البشر بعد أن كان معظم هؤلاء الفتيات يبحثن عن عمل بسبب البطالة والضغوط المالية. كما أن بعض الأثرياء السعوديين فوق سن الستين كانوا يبحثون عن الزواج من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 14 و20 عاماً من النازحات السوريات على الحدود. كما أفادت تقارير وسائل الإعلام عن إساءة معاملة بعض الفتيات السوريات النازحات ومضايقتهن في تركيا. ويُرغم والدا الفتيات السوريات على تزويج بناتهن في سن مبكرة جداً، مثل 13 سنة، خوفاً من الاغتصاب.

اللاجئون السوريون خارج أوروبا والشرق الأوسط…

يعيش حوالي 100،000 سوري خارج أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، ومعظمهم في أمريكا الشمالية. ويشكّل هؤلاء اللاجئون أقل من 1٪ من النازحين السوريين في جميع أنحاء العالم. ومنذ بداية الأزمة، هاجر نحو 52،000 لاجئ سوري إلى كندا، وانتقل 21،000 لاجئ إلى الولايات المتحدة. كما يوجد في الولايات المتحدة، حوالي 8،000 لاجئ سوري يتمتعون بحالة الحماية المؤقتة “TPS” التي تمنحهم إذناً محدوداً للعيش والعمل في الولايات المتحدة بسبب الحرب أو الكوارث الأخرى في بلدانهم. وينتهي هذا الامتياز من السوريين في 31 آذار / مارس 2018؛ ومن المتوقع أن يقرروا في نهاية كانون الثاني / يناير مستقبلهم.

عودة اللاجئين….

بين عام 2015 ومنتصف عام 2017، عاد حوالي 260،000 لاجئ سوري في الخارج وأكثر من 440،000 نازح داخلياً إلى ديارهم، على الرغم من أن هذا يعود إلى دوافع مختلفة، مثل البحث عن أفراد الأسرة أو عدم النجاح في مغادرة البلاد، وفي بعض الحالات، بسبب تحسّن الوضع الأمني في أجزاء من سوريا.

غير أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ذكرت أن الحالة في سوريا لا تزال غير مستقرة وأن الحالة الاقتصادية غير مناسبة؛ ولم يساعد التقدم المحرز في معظم المناطق على عودة النازحين منها نظراً لانعدام العديد من الخدمات الرئيسية؛ إضافة إلى وجود قيود للحصول على المساعدات.

وواجهت أكثر من نصف المناطق التي أعيد السيطرة عليها، بنية تحتية شديدة التدمير ومشكلات حقيقية في الحصول على المياه والخدمات الصحية. وتشير التقديرات إلى أن 10٪ من الذين عادوا سيهاجرون مرة أخرى كنازحين إلى أجزاء أخرى من سوريا.

اللاجئون السوريون بحاجة الى دعم دولي

يدفع السوريون ثمن الحرب بالمال والروح، الحرب القائمة على السياسات التدخلية للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين؛ ومع ذلك، يوجد في الولايات المتحدة أقل عدد من اللاجئين السوريين حتى الآن، ومع قرار الهجرة الجديد لترامب، اتخذت تدابير أكثر صرامة وقيود مانعة لدخول هؤلاء اللاجئين. وأعربت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة اليوم الجمعة عن قلقها العميق إزاء وضع اللاجئين السوريين، ودعت إلى مواصلة الجهود الدولية لحل الأزمات التي يواجهها اللاجئون.

*الوقت التحليلي