الخبر وما وراء الخبر

حين تتحول عداوة إيران إلى ايديولوجيا

51

بقلم | عبدالله علي صبري

لم يكن مفاجئاً أن يقول وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن إيران تشكل الخطر الأوحد في المنطقة وربما العالم، ذلك أن خطوات التطبيع مع الكيان الصهيوني تتسارع في السر والعلن، ما يجعل تل أبيب أقرب إلى الرياض من اي عاصمة عربية أو إسلامية أخرى.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخطر الإيراني ظل ينسج في السياسة والإعلام على مدى أربعة عقود تقريباً بالحق وبالباطل، وخلال العقد الأخير اكتست العداوة بإيران الثوب الطائفي، ما جعل الشيعة العرب محل استهداف واتهام بالولاء لإيران الفارسية على حساب الولاء الوطني.

لست هنا في وارد الدفاع عن السياسات الإيرانية في المنطقة، فلإيران الدولة مصالحها في التحرك هنا وهناك، وأمنها القومي تطلب ويتطلب هذا التحرك الذي يراه البعض على الضد من المصالح العربية!

بيد أن جوهر المشكلة أن المشروع العربي يتراجع ويتلاشى يوماً بعد آخر، وهو ما يغري إيران وبقية الدول الإقليمية الكبرى في المنطقة: إسرائيل وتركيا.

وإذا كان الخطر الإسرائيلي ليس بخافٍ على أحد، فإن التدخلات التركية في شؤون كثير من الدول العربية لا تقل عن التدخلات الإيرانية، الأمر الذي يؤكد تهافت المنطق السعودي في النظر إلى إيران باعتبارها الخطر الأوحد.

قد تكون إسرائيل محقة، وهي تشكو من تعاظم النفوذ الإيراني في المنطقة، فهي وقد استراحت إلى حالة العرب الصراعية، تجد نفسها أمام دولة تتصاعد قوتها العسكرية كل يوم بالموازاة مع موقفها المتضامن مع فلسطين ومحور مقاومة إسرائيل، وهذا بالضبط ما يجعلنا متضامنين مع إيران، وإن كانت فارسية أو شيعية، وسنكون مع تركيا أيضاً إن هي اصطفت مع القضية الفلسطينية وقطعت علاقاتها السياسية والديبلوماسية القائمة مع الكيان الصهيوني.

لقد تابعنا خلال الفترة الماضية التحرشات السعودية بإيران، وندرك جيداً أن إسرائيل – ومن خلفها أمريكا- تعملان باتجاه إذكاء الصراع العربي – الإيراني أو السني – الشيعي، بما يخدم أمن إسرائيل وضمان تفوقها في المنطقة، وبما يساعد قوى الهيمنة في الغرب على استنزاف الثروات العربية وفي مقدمها النفط السعودي والخليجي.

وبرغم أننا في اليمن نصطلي بنيران العدوان والحصار السعودي / العربي منذ ثلاث سنوات بينما لم تحرك إيران ساكناً لإيقاف الحرب وإنقاذ الشعب اليمني الذي يتهمه إعلام آل سعود بالرافضية، إلا أننا نرفض دخول البلدين في حرب مباشرة، وإن كان لا بد من حرب شاملة بالمنطقة فلتكن باتجاه إسرائيل !

وإن كان ما يزال لدينا بقية من عقل أو مشروع عروبي، فلنغادر حالة التخندق الطائفي والآيديولوجي، ولنتوحد سنة وشيعة وعرباً وكرداً في مواجهة إسرائيل والخطر المحدق بالقضية الفلسطينية.