تفاصيل تطهير عزلة الزراري من عناصر داعش ومقتل القيادي المصري الذي أعدم الشيخ الشرعبي
إبراهيم السراجي
أظهَرَ تسجيلٌ لتنظيم داعش الإجرامي في تعز، حجْمَ العِلاقةِ بين قوى العدوان والتنظيمات الإجرامية وسيرها في الاتجاه ذاته بل واستخدام التنظيم وَرسم تحَـرّكاته الجغرافية بما يخدم أَهْدَاف العدوان.
التسجيلُ الأولُ يعودُ إلى الرابع من فبراير الجاري، في قرية الزراري بمديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز، التي شهدت قيام عناصر داعش بقيادة المدعو “أبو هاجر المصري” مصري الجنسية بإعدام شيخ عُزلة الزراري، الشيخ إدريس الشرعبي، أمام عدد من أفراد أسرته، بإطلاق الرصاص على سيارته أثناء عودته من مناسبة اجتماعية وأَسْر أحد مرافقيه وأحد أطفاله؛ بحُجّة أنه يتعاوَنُ مع أنصار الله، وهي الذريعةُ التي يستخدمُها العدوانُ لتهديد القبائل اليمنية، حيث تُلقي الطائراتُ منشوراتٍ يُكتَبُ عليها تهديداتٌ صريحةٌ للقبائل بأنه سيتم استهدافُهم بحُجَّة التعاون مع أنصار الله.
ويظهر -من خلال الأحداث التي ينقلها التسجيل- أنه تم تصويره بكاميرا تابعة لعناصر داعش، حيث يظهر مواطنٌ يُدعى “وليد” على وجهه آثارُ اعتداءات ودماء على متن سيارة مكشوفة، إلى جانبه جثة الشيخ إدريس الشرعبي ملطخة بالدماء بعد إعدامه وكذلك أحد أطفاله الذي بدا خائفاً من أن يلقى مصير والده، فيما يقفُ إلى جانب السيارة قائدُ عناصر داعش في المنطقة “أبو هاجر المصري” يرافقُه عددٌ من مسلحي التنظيم وهو يقومُ بالتحقيق مع ذلك المواطن.
وفي التحقيق يوجّه زعيمُ داعش بلهجة مصرية أسئلةً لذلك المواطن عن علاقته بالشيخ الشرعبي الذي يصفُه بأنه كان عميلاً لـ “صعدة”، وأنه رفض أوامرَ التنظيم بعد الدخول إلى مناطقهم.
زعيمُ داعش المصري يظهَرُ في التحقيق وكأنه صاحبُ الأرض وليس أجنبياً ويبرر إعدامَه للشيخ الشرعبي؛ بسبب دخول الأخير لمناطق داعش التي هي في الأصل قريةُ الشيخ الشرعبي!، ويتحدثُ بطريقة ملؤُها الثقةُ عن المناطق التي يسيطرون عليها دون أية خشية من أن يتعرّضوا للقصف من قبل طيران العدوان أَوْ الطائرات الأمريكية بدون طيار التي تزعُمُ واشنطن أنها تنفّذُ عملياتٍ ضد داعش والقاعدة.
كما لم يجد المجرمُ المصري أيَّ حَرَجٍ في تهديد أبناء المنطقة بالإعدام على خلفية ما يقولون على غرار ما فعلوه في الشيخ الشرعبي.
ولم تمر سوى ساعات قليلة على الجريمة التي صدمت أبناءَ المنطقة، الذين بدورهم تداعوا لحِماية قراهم وأنفسهم وحملوا السلاح وانطلقوا في معركة حاسمة ضد عناصر التنظيم الإجرامي تساندُهم القواتُ الأمنية.
ووفقاً لمصادرَ محليةٍ فإن أبناءَ المنطقة من القبائل والقوات الأمنية خاضوا معركةً بطوليةً واقتحموا جميعَ الأوكار التي يتواجد فيها عناصر تنظيم داعش الإجرامي، والذي لوحظ أن بينهم عدداً كبيراً من المصريين الذين دخلوا اليمن بتسهيلات وتواطُؤٍ من قبل تحالف العدوان، على غرار ما حدث في سوريا.
وأضافت المصادرُ أن أبناءَ المنطقة تمكنوا من تطهير كُلّ الأوكار التي يتواجد بها عناصر داعش، وقتلوا عدداً كبيراً منهم، وأسروا عدداً آخرَ، فيما فر مَن نجا منهم إلى مناطقَ أُخْرَى.
وكان مما بعث الارتياحَ في نفوس أبناء المنطقة أنه كان من بين قتلى تنظيم داعش الإجرامي المدعو “أبو هاجر المصري” الذي قام بقتل الشيخ إدريس الشرعبي وظهر في التسجيل المصور وهو يحقّقُ مع أحد المواطنين ومعه عددٌ من عناصر التنظيم بعدَ ما أبرحوه ضرباً وجعلوا الدماءَ تسيلُ من رأسه.
ويكشفُ الشيخُ علي القرشي عن معلوماتٍ هامة تتعلق بعلاقة تنظيم داعش الإجرامي بقوى العدوان، موضحاً في اتصالٍ مع صحيفة المسيرة، أن عناصرَ داعش في المنطقة سبق وهدّدت الشيخ الشرعبي عدة مرات؛ بسبب موقفه الرافض للعدوان الأمريكي السعودي على اليمن.
كما كشف الشيخ القرشي أن مجاميعَ القاعدة في عُزلة الزراري كان يقودُها المدعو “أبو عبدالله” مصري الجنسية، الذي أصيب في المواجهات، ويجري تعقبه وكذلك اثنين من أبنائه أحدهما “أبو هاجر” الذي نفّذ عملية تصفية الشيخ الشرعبي.
وأشار الشيخ القرشي، إلى أن المصري أبوعبدالله وأبناءه كانوا ممن شاركوا ضمن تنظيم داعش في إسقاط المناطق في شبوة وأبين، وخلال العدوان تواجد في مدينة تعز إلى جانب المرتزقة وقام بتجنيد عدد من الشباب لينفذوا عدةَ عمليات اغتيال وسطْوِ مسلح، بينها الحادثة المشهورة لسرقة مصرف الكريمي في تعز.
وأضاف أن المجرمَ المصري أبو عبدالله انتقل هو ومجاميعه إلى عزلة الزراري وكان على تواصل مع قيادة المرتزقة في مأرب التي وعدته بإرسال تعزيزات إليه وأسلحة، تمهيداً لتفجير الوضع في مديرية شرعب الرونة وما جاورها من المناطق التي استطاعت القبائلُ التوصُّلَ لاتّفاق يقضي بتجنيبها ويلاتِ الحرب.
ولفت الشيخُ القرشي إلى أن حادثةَ تصفية الشيخ إدريس الشرعبي مثّلت شرارةَ التحَـرّك من قبل أبناء قبائل المنطقة ومعهم القوات الأمنية التي تمكّنت من تطهير مناطقهم وقتل عدد كبير من عناصر داعش، بمن فيهم المصريون، مشيراً إلى أنه تم العثورُ على عبوات وأحزمة ناسفة في أوكار تلك العناصر.