هكذا أحتفى اليمنيون باسبوع الشهيد
اعداد /فؤاد الجنيد
الشهداء منحة من نور، وفيض من عبق، ونسمات من الفردوس الخالد، والشهيد ذلك الإنسان الكامل الذي ارتقى ماضيا في زفاف ملكي إلى الفوز الاكيد.
أرواح الشهداء كسرت قيود الطواغيت، ودموع اليتامى غسلت أجساد أبائهم الموسّمة بالدماء، والأمهات ما زلن ينتظرن شرف اللقاء ذات إنتصار..
الشهداء هم لحظة التسامي فوق الغرائز العمياء، حينما يثبتون في مواجهة الموت، ويجعلون من عظامهم جسورا ليعبر الآخرون إلى الحرية، وهم الشمس المشرقة عندما يحل ظلام الحرمان والذل والإنبطاح..
لماذا إسبوع الشهيد..؟؟
لسان حال كل اليمنيين:
نحن لسنا أولئك الذين يطوون صفحة شهدائهم بعد أن دافعوا عن حياض أرواحنا ونالوا شرف الشهادة، ولسنا أولئك الذين يبيعون أوطانهم بما حملت إرضاء لأئمة الكفر والظلال، و من هذا المنطلق، لا يمكن أن نغطي آثار شهدائنا، أو ندفن أفكارهم كما دفنت أجسادهم في تلك الرياض، ففي قواميسنا تبجيل لتلك الدماء الطاهرة، ومن الحب لهم أن ننشر أفكارهم، وننفذ وصاياهم؛ فالأمة التي تنسى عظماءها لا تستحقهم. علينا أن نستذكر كل شهيد في هذا الوطن الشامخ كذكرى أيام ولاداتهم واستشهادهم، وأن لا ننسى بأن الجلادين الذين قتلوهم لم يكن هدفهم سوى أن يمحوا أثرهم من هذه الدنيا، وبسكوتنا وعدم احيائنا لهذه المناسبة سنكون قد حققنا أهداف أعداء الوطن، ولكن بفضل الله تعالى سيبقى الشعب وفيا دائما لهؤلاء الأبطال، وسيبقى على العهد ماض، وفي نفس الطريق يحث الخطى..
استقبلت العاصمة صنعاء ومثلها باقي محافظات ومدن اليمن إسبوع الشهيد إستقبالا يليق بمكانة الشهداء وعظمتهم، وتضحياتهم في سبيل الكرامة والعزة والشموخ لهذا الوطن العزيز. ولإن المناسبة حية في الوجدان والضمائر، وعميقة في العقول والقلوب، كان لا بد من إحيائها عملياً بالسلوك والقيم، وبترجمة رسائل الشهداء التي ستكون وقوداً للمضي على ذات الدرب المقدس، والتنقيب في أحشائها عن ما يغذي الصمود والانتصار، من وقائع الحياة اليومية التي أفردت ساعاتها وأيامها لأسر وأهالي الشهداء الفخورين بما قدمه شهداؤهم للدين والوطن.
إستعدادات مؤسسة الشهداء
قامت مؤسسة الشهداء في كل المحافظات اليمنية بالعديد من النشاطات والأعمال الخاصة بأسر الشهداء ومنها تجهيز وتوزيع سلال غذائية لأسر الشهداء والإهتمام والعناية والمتابعة لروضات الشهداء وعمل الأضرحة وطبع الصور من خلال القسم الفني بالمؤسسة، وكذا إستخدام التشجير وتزيين الأضرحة وريها بشبكه التقطير المائي ولأول مرة. ، كما يعمل الجانب النسائي في المؤسسة على إقامة ورش تأهيلية وتدريبية لأسر الشهداء، ودورات تأهيلية وتدريبية أخرى تتناول تحفيظ القرآن وتجويده والخياطة والتطريز والاسعافات الأولية ومحو الأمية. وهناك العديد من الفعاليات المركزية والفرعية التي تجسد في تفاصيلها عظمة الشهادة ومنزلة الشهداء وأثر الجهاد والتضحية في حياة الأمة وعزتها وكرامتها.
جهود جبارة كللت النجاح
عمل فريق العمل الفني في مؤسسة الشهداء ليل نهار علىإخراج معارض الصور إلى النور في قالب نادر يعكس إحترافية القائمين على هذا المعرض، وكذا تقسيم المعارض في عموم محافظات الوطن إلى طواريد مختلفة توزعت حسب معايير تشمل تأريخ ومكان الإستشهاد، وكذلك الجهة التي ينتمي إليها الشهيد وظيفيا ومهنيا، وشهداء القوات المسلحة والأمن. وفي بوابة المعارض تم عمل مجسم حي لروضة رمزية إشارة إلى رياض الشهداء في كل مدن ومحافظات الجمهورية. وفي نهاية الطواريد من كل معرض عرضت صورا لشهداء عظماء كان لهم حضورا لافتا وتأثيرا كبيرا في مسيرة الجهاد والاستبسال أمثال الملصي والمداني والمنصوري، وفي جبهة الفكر والإعلام الخيواني وجدبان، وفي جبهة التشريع السياسي الدكتور أحمد شرف الدين وهناك العديد من الشخصيات البارزة والعظيمة في مسيرة المسيرة القرآنية.
للقطاع النسائي حضور
بمناسبة إسبوع الشهيد ووفاء وعرفانا للشهداء الأحرار وتعظيما وإجلالا واكبارا لتضحياتهم العظيمة، قام الجانب النسائي لمؤسسة الشهداء بتدشين الزيارات للمعارض، -وحسب القطاع النسائي- فأن المعارض تستقبل الزوار بشكل يومي، على أن تكون الفترة الصباحية للرجال، والفترة المسائية للنساء. وقد شهد المعرض في أيامه الأولى إقبالا واسعا خصوصا أمهات وزوجات وأخوات الشهداء، وكل المؤمنات اللاتي يرفلن في ثوب الشموخ والعزة.
شوارع المدن تحتفي بأسبوع الشهيد
اللوحات الضوئية والمجسمات الإعلانية في شوارع المدن خلست محتواها واستبدلته بعبارات تجسد عظمة الشهادة ومنزلة الشهداء وأثر الجهاد والتضحية في حياة الأمة وكرامتها، إضافة الى صور الشهداء الكرام في اللوحات الرئيسية للشوارع، كما تزينت المؤسسات والمكاتب الحكومية بشعارات الذكرى وعظمة المناسبة.
أمهات الشهداء مدارس ومتارس
لم تكن المرأة اليمنية المؤمنة في معزل المتفرجين مما يجري في زوايا البلاد العصية، فقد كانت ومازالت مثالاً يحتذى به في الشجاعة والإيمان والصبر والثبات، فإلى جانب مشاركتها الواضحة في رفد الجبهات بأبنائها وما تجود به من إنفاقها، تبعث أيضا برسائل قوية وذات معنى عميق يصيب العدوان في مقتل الضعف والخيبة والسقوط، ويجعله مرتبكا ضعيفا أمام عظمة وبسالة هؤلاء الأمهات الماجدات. وفي كل محافظات اليمن أكثر من نموذج لأمهات قدمن الشهيد والشهيدين وأكثر من فلذات اكبادهن تقربا خالصا لله وفي سبيله والمستضعفين من النساء والرجال والولدان، ومع كل هذا تقول هؤلاء الأمهات العظيمات أنهن مازلن مقصرات مع الله، ويرغبن في تقديم المزيد.
الجامعات اليمنية تحتفي بأسبوع الشهيد
دشنت الجامعات اليمنية فعاليات لإحياء ذكرى أسبوع الشهيد من خلال برنامج واسع يشمل زيارات ميدانية تستهدف أسر الشهداء، وكذا تكريم أسر الشهداء من طلاب الجامعات ومنحهم دروع الإستحقاق، ومنحهم مبالغ مالية في إحتفائيات تكريمية بحضور رسمي، بالإضافة إلى جدولة خاصة بزيارة رياض الشهداء، ناهيك عن البرنامج الثقافي الذي يشمل ندوات خاصة بهذه المناسبة وتغطية إعلامية واسعة لهذه الذكرى من خلال فريق إعلامي لعمل لقاءات واستطلاعات وريبورتاجات متلفزة تعكس عظمة الجهاد ومنزلة الشهداء، وتجسد ثمار الإستشهاد في مسيرة الثبات والنصر.
طلاب اليمن يحيون ذكرى إسبوع الشهيد
قام طلاب المدارس اليمنية بعدة أنشطة وفعاليات بمناسبة إسبوع الشهيد أبرزها الزيارات الميدانية لأسر الشهداء وتوزيع سلات غذائية وهدايا، إضافة إلى قيام مكاتب التربية والتعليم في المحافظات والمديريات بمتابعة أولاد الشهداء في المدارس الحكومية والخاصة واعفائهم من الرسوم الدراسية. وستقوم المدارس بتدشين الفصل الدراسي الثاني بحزمة من النشاطات المتزامنة مع هذه المناسبة من خلال الإذاعات المدرسية والمجلات الحائطية والمعارض والمجسمات.
شهداؤنا عظماؤنا
وتبقى الذكرى السنوية للشهيد محطة مهمة نستذكر فيها من خلال حديثنا عن الشهداء العظام: روح العطاء والإيثار والتضحية والصمود والشجاعة والثبات، فكل هذه المعاني والقيم اكتنزنها الشهداء وتحركوا وهم يحملونها، وعبروا من خلال مواقفهم وثباتهم وصمودهم، وفي نهاية المطاف نالوا شرف الشهادة بعد أن جسدوا بذلك كل هذه القيم وترجموها على أرض الواقع موقفًا وعملاً وتضحيةً وعطاءً لا يساويه عطاء. هذه المناسبة وهذه الذكرى هي أيضًا لإحياء روح الجهاد والاستشهاد في مشاعرنا وقلوبنا جميعًا كمؤمنين، والشهداء الأعزاء الذين ببركة تضحياتهم، وتفانيهم في سبيل الله، وصدقهم مع الله، وعطائهم العظيم بكل شيء حتى النفس، تحقق النصر والعزة، ودفع الله عن عباده المستضعفين خطر الإبادة والاستعباد. لهؤلاء الشهداء عظيم الفضل ورفيع المكانة والحق الكبير علينا تجاههم وتجاه أسرهم، وهم مدرسة متكاملة نعرف من خلالهم الإيمان وقيم الإسلام، من عزّة وإباء وصمود وثبات وتضحية وصبر وبذل وعطاء وسخاء وشجاعة، ونعرف من خلالهم أثر الثقة بالله سبحانه وتعالى.