تعرّف على بوابة اليمن الشرقية التي رفضت الوصاية الاماراتية والسعودية
محافظة المهرة هي محافظة يمنية تقع إلى الشرق من العاصمة صنعاء وتبعد عنها تقريبا 1318 كيلو متر وتحدها من الشمال صحراء الربع الخالي ومن الغرب محافظة حضرموت ومن الجنوب البحر العربي ومن الشرق سلطنة عمان ويبلغ عدد السكان فيها تقريبا 223653 نسمة وتسمى هذه المحافظة بوابة اليمن الشرقية وتمتلك تسع مديريات وتعتبر مديرية “الغيظة” عاصمة هذه المحافظة التي تلامس الحدود الغربية لسلطنة عمان.
تذكر الكثير من الروايات التاريخية بأن نبي الله هود وقومه “ثمود” قد أقاموا في أجزاء من هذه المحافظة ولا تزال بعض الآثار التاريخية الموجودة هناك تدل على هذا الشيء وقبل ثلاثة عقود كانت المهرة تُعد إحدى محافظات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الجنوبية ولكن بعد قيام الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي في عام 1990، أصبحت هذه المحافظة تابعة للجمهورية اليمنية.
إن المجتمع المهري مجتمع مسلم ومسالم وتعد اللغة المهرية هي اللغة الرسمية التي يتحدث بها سكان هذه المحافظة التي تعتبر إحدى اللغات السامية البدائية التي كانت تنتشر خلال القرون الماضية في جنوب شبه الجزيرة العربية ويقال أن هذه اللغة هي لغة قوم “عاد” الذين ذُكروا في القران الكريم وقيل أيضا أن هذه اللغة مشتقة من اللغة الحميرية التي كان يتحدث بها قوم “سبأ” وتأتي اللغة العربية في المرتبة الثانية، فسكان المهرة يجيدون التحدث باللغة العربية وقراءة القرآن الكريم فهم عرب وحماسهم لعروبتهم ودينهم لا يقل عن العرب الآخرين، فخلال السنوات القليلة الماضية قام بعض الأدباء والشعراء المهريين بتأليف الكثير من الكتب باللغة العربية لا تقل جودتها عن مثيلاتها الموجودة في المكتبة العربية.
يعتمد سكان المهرة على الزراعة لتأمين قوت يومهم وذلك على الرغم من شح المياه ويوجد في هذه المحافظة الكثير من المساحات الواسعة الصالحة للزراعة ولكن المياه المتوفرة فيها لا تكفي لري جميع تلك المساحات الزراعية ولذلك فإن سكان المهرة يعتمدون في الدرجة الثانية على العمل في اصطياد الأسماك وتربية المواشي. تجدر الإشارة هنا أن الدراسات العلمية أكدت بأن محافظة المهرة تمتلك الكثير من المواد الخام والثروات الطبيعية كالأسمنت والرخام والمكسرات والمنتجات السمكية ولكن النظام السابق للأسف لم يستغلها بشكل جيد ونظرا إلى وجود ثروة حيوانية كبيرة في هذه المحافظة فإن الصناعة الحيوانية كإنشاء صناعات الألبان ومشتقاته واللحوم سوف تكون واعدة فيها.
كما أن عدة شركات بترولية أكدت بأن هذه المحافظة الشرقية تمتلك مخزوناً كبيراً من النفط والغاز والمعادن الطبيعية ولكن لم يتم استخراج هذه الثروات بشكل صحيح إلى هذه اللحظة وتمتاز هذه المحافظة أيضا بامتلاكها موقع استراتيجي مهم ومطل على البحر العربي والمحيط الهندي وبمناظر خضراء خلابة وساحلية جلبت العديد من السياح الأجانب.
الأطماع الإماراتية والسعودية في المهرة
لقد ظلت هذه البوابة الشرقية المحاذية للجارة الودودة عمان بعيدة كل البعد عن الصراعات السياسية والعسكرية التي شهدتها عدة محافظات يمنية طيلة السنوات الثلاث الماضية ولكن الأوضاع في هذه المحافظة تغيرت وأصبحت إحدى المطامع التي تحاول السلطات الإماراتية الاستيلاء والسيطرة عليها، فخلال الفترة السابقة قامت دولة الإمارات بالاستعانة بمنظمة الهلال الأحمر الإماراتي كغطاء لتوسيع نفوذها داخل هذه المحافظة المسالمة وقامت بشراء ولاءات قبلية وكسب شخصيات سياسية واجتماعية مهمة وقامت بإنشاء معسكرات تدريب في مناطق مختلفة من هذه المحافظة وعملت على استقطاب بعض الشباب المهريين وشكلت ما يسمى بقوات “النخبة المهرية” لحماية مصالحها في تلك المناطق ونظرا إلى رفض محافظ محافظة المهرة الشيخ “محمد عبد الله كده” الحليف الأبرز للسلطنة، الانصياع إلى الضغوطات الإماراتية والانضمام إلى ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقوده “عيدروس الزبيدي” والمدعوم إماراتيا، قامت السلطات الإماراتية بممارسة الكثير من الضغوطات على الفار “عبد ربه منصور هادي” للإطاحة بهذا المحافظ من منصبه وحول هذا السياق أكدت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير نشرته تحت عنوان “عمان تتخوف من نفوذ أبو ظبي في اليمن” في أواخر يوليو 2017، إن مخاوف سلطنة عمان تتمثل في تزايد الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في هذه المحافظة.
يذكر أن السعودية شعرت خلال الفترة السابقة بمخاوف كبيرة من الدور الذي تلعبه الإمارات في المهرة ولهذا فلقد أعلنت السعودية خلال الأيام الماضية، التدخل عسكرياً تحت ذريعة منع “عمليات التهريب وضبط الأمن” وهذا الأمر أثار مخاوف سلطنة عمان وأدى إلى نشوب الكثير من النزاعات بين الجانب الإماراتي والجانب السعودي.
من جهة اُخرى أعلنت بعض وسائل الإعلام اليمنية بأن السعودية بدأت بالتحضير لإنشاء مركز سلفي في مدينة “قشن” المهرية وتأتي هذه التحضيرات في وقت تكثف فيه الرياض أنشطتها الإنسانية داخل هذه المحافظة وتعمل على إنشاء بعض المعسكرات لتدريب أبناء محافظة المهرة لتشكيل مجموعات مسلحة من شأنها القيام بعمليات إرهابية في عدد من المحافظات اليمنية، وأعربت وسائل الإعلام اليمنية بأن السعودية تتخذ من “مكافحة التهريب من عمان إلى المهرة” ستاراً للقيام بأعمالها تلك ومحاولة منها لاستفزاز عمان والإمارات وتصعيد الضغوطات عليهما.
تجدر الإشارة هنا أن السلطة المحلية في المهرة رفضت هذه التدخلات الإماراتية والسعودية رفضاً تاماً وحذرت قوات العدوان من استخدام مطارها كقاعدة عسكرية.