الخبر وما وراء الخبر

الأسواق في ذمار.. تلاعب بالأسعار.. بين ذريعة سعر الدولار.. وجشع الباعة والتجار..

196

ذمار نيوز | تقرير/فؤاد الجنيد 16 جماد أول 1439هـ الموافق 2 فبراير، 2018م

لا يختلف إثنان على أن الحرب اللعينة وتداعياتها الإقتصادية قد ألقت بظلالها على كاهل المواطن اليمني الذي قابلها بصمود إسطوري؛ ووعي نظيف منقطع النظير، وأبى أن يركع أو يستكين رغم كل التحديات والظروف التي تعصف به منذ ثلاثة أعوام. فإلى جانب قوافل الشهداء اليومية التي تسير وعلى جنباتها زغاريد فرح وطقوس عظمة وإباء ومصانع كرامة وشموخ، تبرز الحرب الإقتصادية وتكشر عن أنيابها بالتزامن مع حصار بري وجوي وبحري؛ وارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني؛ ونشاط الطابور الخامس في كبريات المولات والمحلات التجارية ومحلات الصرافة والتحويلات.

أسعار متأرجحة

تشهد الأسعار في مدينة ذمار حالة غير مستقرة من السكون والثبات، وتفاوت ملحوظ بين محل تجاري واخر. فتجد فارقاً فيأسعار المواد الغذائية بين هذه البقالة وتلك..وكذلك الحال في المطاعم الشعبية والحديثة ومحلات الخضار والفواكه ومراكز الإليكترونيات والطاقة البديلة والملابس والإكسسوارات، حتى شملت فوضى الأسعار الصيدليات ومخازن الأدوية في غياب الرقابة على هذه المخالفات التي اقلقت المواطن وجعلته مرتعاً خصباً للإنجراف وراء الشائعات التي تبعث على خوفه وتنال من صموده وتشجع التجار الجشعين على التخزين والإحتكار وخلق الأزمات.

إرتفاع سعر الدولار

ينسب التجار وأصحاب رؤوس الأموال وكذا الباعة المتجولون سبب إرتفاع الأسعار وعدم استقرارها إلى إرتفاع سعر الدولار عالميا، ويقولون أن واردات البلاد من الخارج لا تتم إلا بالعملة الصعبة، وهذا يجعل التجار ورجال الأعمال يبحثون عن هذه العملة وشرائها بالسعر الذي يفرضه أصحاب محلات الصرافة والبنوك الخاصة. أضف إلى ذلك أن عملية نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن قد ساهم في تدهور العملة المحلية نتيجة للطبعات المتكررة للعملة، وكذلك إعطاء بنك عدن الضوء الأخضر لمحلات الصرافة للتلاعب بأسعار العملة الصعبة لغرض الإضرار بالاقتصاد اليمني كورقة أخرى يعول عليها العدوان إلى جانب الورقة السياسية والعسكرية.

إنكسار الإنتاج المحلي

لم تكن المنتجات المحلية بمنأى عن هذه الاضطرابات؛ كون المواد الخام ومكونات الصناعات مستوردة من الخارج؛ وخاضعة لمعايير العملة الصعبة. وفي ظل الحصار الإقتصادي لم تعد الأسواق اليمنية حرة بمنتجاتها واصنافها؛ إذ عمل العدوان علىإدخال منتجات محدودة من المنافذ التي يسيطر عليها ويتحكم في ادارتها ليملأ الأسواق اليمنية بهذه المنتجات وكل ذلك على حساب الإنتاج المحلي الذي تأثر بالتأكيد من الأوضاع الحالية ولم يستطع تلبية حاجة السوق من المتطلبات الأسرية والمجتمعية.

باعة متجولون

من حق كل إنسان ان يسعى للعمل وان يبحث عن فرصة توفر له ولأسرته حياة كريمة. ومن الطبيعي جدا ومع إستمرار مشكلة البطالة وتوقف الرواتب أن تنتشر ظاهرة الباعة المتجولين الذين نراهم في كل مكان سواء في الشارع أو في وسائل المواصلات وحتى على ابواب الشقق والمنازل، ولايمكن لأحد أن ينكر حقهم في البحث عن وسيلة رزق بطريقة مشروعة خاصة أن عدد كبير منهم يحمل مؤهلات علمية واصطدموا بقطار الوضع الإقتصادي وبات عملهم الحالي حاجة ماسة للدخل المالي حتى وصلت تجارتهم الى أرقام كبيرة، ويقبل على شراء بضاعتهم معظم المواطنين من محدودي الدخل لأنها تناسب قدراتهم المالية. وعلى الرغم من فشل الحكومات المتعاقبة على مدى السنوات الماضية في التعامل مع مشكلتهم وإصدار قانون لحمايتهم، يبقى السؤال هنا هل الباعة المتجولين جناة أم ضحايا وهل نتعاطف معهم أم نقف ضدهم..؟

بضائع رديئة

إلى جانب عربات البطاطس والبيض والخضروات والفواكه؛ تنتشر عربات أخرى مليئة بمنتجات غذائية مختلفة بأسعار أقل من سعرها الحقيقي. هذه المنتجات تحمل تأريخ إنتهاء قريب وهذا هو السر في فارق السعر، غير أن الكثيرين يرون أن هناك مخاطر كثيرة وراء هذه المنتجات خصوصا وأن مصدرها غير معروف، ومموليها غامضون، وما يفاقم الأمر هو سوء العرض والتخزين وتعرضها المستمر لأشعة الشمس وذرات الغبار.

إزدحام مروري

يرى الأخ فتح البحري أن مثل هذه البسطات تشكل سببا رئيسيا للإزدحام المروري، ويعلق بقوله: “وعادت حليمة لعادتها القديمة”. لم تكن الشوارع يوماً ملكاً لأحد، ولم تكن مصالح الناس وميسرات حياتهم دمية يستهويها تلاعب المستهترين، ومزاج العابثين. جولة سوق عنس؛ تلك الجغرافيا التي تغذي أربعة مسارات، ويعد شارع رداع فرعها الأبرز والأكثر ارتياداً. اليوم تستوطن هذا الشارع مربعات حديدية وخشبية بعد إجتياح واسع من قبل أصحاب البسطات وغيرهم من الباعة المتجولين الذين ملأوا المكان ابتداء من جولة رداع حتى الجولة التي تليها بعدة أمتار. عند ما تمر بسيارتك او مرتاداً إحدى وسائل النقل، يتوجب عليك أن تنتظر قرابة النصف ساعة حتى تتمكن من مرور ذلك المكان، خصوصاً أمام سوق عنس في شارع رداع الذي لم يتبق منه إلا حوالي المترين، وبصعوبة شديدة تمر بعد عناء وانتظار. إلى جانب ذلك تشاهد وقوف سائقي الباصات والدراجات النارية وسط الزقاق المتبقي من الشارع دون مبالاة أو إحساس وذلك في ظل غياب أي دور للجهات المختصة والمعنية بتنظيم وتسيير حركة المرور، حتى باتت هذه الظاهرة وبشكل متكرر ومستمر عائقاً أمام كل الماريين والمسافرين.

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة:
أين دور الإدارة العامة للمرور من هذا العبث والفوضى.؟، ولماذا لا يتم اعادة خط سير الباصات من الشارع الخلفي لسوق عنس بدلاً عن الزحام في سوق عنس.؟
والسؤال الأهم، أين دور السلطة المحلية ممثلة بالبلدية في التعامل مع أصحاب البسطات الذين يغطون مساحة ثلثي الشارع.؟

هبط الدولار ولم تهبط الأسعار

بعد أن شهد الدولار أعلى ارتفاع له مقابل العملة المحلية، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وشمل الارتفاع كل السلع الغذائية بما في ذلك المنتجات المحلية، حتى الخضار والفواكه تأثرت بموجة الصقيع الباردة وارتفعت أسعارها بالتوازي مع ارتفاع سعر الدولار. دأبت دول العدوان وفي مقدمتها الرياض على اطباق الحصار على الوطن، وممارسة سياسة التجويع والتركيع، لكنها فشلت في ذلك، وتواصلت الضغوط العالمية عليها للكف عن ذلك خصوصا بعد تدهور الريال اليمني بشكل غير متوقع، الأمر الذي جعلها تحاول تحسين جزء من صورتها القبيحة بإيداع ملياري دولار في بنك عدن الخاضع لسيطرة مرتزقتها واوراقها.

استهداف الإقتصاد، ورقة سياسية

حكومة الفنادق اتخذت قرارا ماليا كارثيا بعد تسلمها الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار، والتي أسهمت في تحسن أسعار الصرف ووقف الانهيار المريع للعملة المحلية في ظل مافيا بنك عدن المستمرة في استهداف الإقتصاد اليمني تنفيذا لاجندة العدوان البربري الغاشم. فقد اقرت طبع 600 مليار عملة جديدة في قرار يصفه كل خبراء الاقتصاد والمال بــ “الكارثي” والذي سيؤثر على أسعار الصرف، ويؤشر على عدم جدية مرتزقة الرياض في إتخاذ إصلاحات إقتصادية ومالية جادة -كما يدعون- لمعالجة الوضع الاقتصادي القائم، مؤكدين أن لجوء شلة “بن دغر” كلما احتاجت المال الى الطباعة سيؤدي إلى نتائج كارثية وخيمة على الإقتصاد الوطني، ويدرك الجميع مدى النهب الواضح والابتزاز العلني للقائمين على بنك عدن ومن وراءهم، فحتى الآن لم توضح أوجه انفاق الدفعة السابقة التي طبعتها وتجاوزت 600 مليار ريال.

فساد معلن، وإدارة فاشلة

وصف خبراء إقتصاد هذا القرار بـ “الانتحار” والذي ينم عن فشل وضعف حكومة تدعي الشرعية في اليمن في اداء واجباتها ولجوئها الى الحلول السهلة التي ستدمر الإقتصاد وحياة ومعيشة المواطنين، مؤكدين أن عدم تفعيل تحصيل الإيرادات وضبط الإنفاق واستئناف تصدير النفط والغاز ووضع موازنة عامة للدولة، سيفشل أي دعم خارجي للعملة. وطالب الخبراء التحالف العربي بالتدخل العاجل لمنع الحكومة من المضي في هذا الإجراء الذي اقترحه محافظ البنك المركزي اليمني المقيم في الخارج منصر القعيطي، والذي يرسل توجيهاته عبر “الواتس آب” في حين أن وظائف ونشاط البنك الرئيسي لازال معطلا منذ نقله من العاصمة صنعاء قبل ما يقارب عام ونصف. واشاروا إلى أن هذا “المحافظ الكارثة” قال في حوار صحفي سابق أن حكومته تحتاج إلى طباعة 2 تريليون ريال من العملة المحلية، وهو الأمر الذي سيهوى بالريال اليمني الى الحضيض إذا لم يتم تدارك الأمر واقالة إدارة البنك سريعا.

ماذا بعد..؟؟

تتتابع الأحداث وتتوالى انعكاساتها على المواطن اليمني، وبمرور الوقت يكتشف اليمنيون مزيدا من الأقنعة المتساقطة، ويدركون جيدا حجم المؤامرة وحقيقتها، وهذا يزيدهم صمودا ومواجهة، ويحتم عليهم مزيدا من الوعي والإدراك بخطورة الصمت والحياد في هذه المرحلة، وهدف الطابور الخامس والعاشر في استهداف كل مقومات الحياة اليمنية سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا.