اتفاق دولي عربي يتخفّى خلف الصراعات في اليمن لمصالح اقتصادية وعسكرية وأمنية ومذهبية
مساعي التحالف العربي الغربي لتقسيم اليمن منذ بدء العدوان باء بالفشل، وأن التدمير والقتل والقصف والحصار والتجويع وما يرافقه من محاولات التفتيت والتقسيم وزرع الفتنة في اليمن واستباحة أراضيه وجزره وموائنه وخيراته يناقض الاهداف المعلنة من قبل المحتلين والمعتدين.
كما ان الاحداث الاخيرة في المحافظات الجنوبية تشير أن تقسيم اليمن أصبح هدفاً بذاته، كما يروج التحالف للجميع في الداخل والخارج ان تقسم اليمن هو الحل الوحيد، لكن يرى المراقبون ان الحل سيكون بصالح قوات التحالف فقط.
وقد أصبحت تقسيم اليمن بجدية في جدول أعمال الولايات المتحدة وجزءا من استراتيجيته للشرق الأوسط، ولكن تنفيذ هذه المهمة قد تم تفويضه للسعوديين والاماراتيين.
ومشروع التقسيم من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة مستمر وفي الحال الحاضر لا يقتصر في العراق بل يشمل كل المنطقة، هذا ما اشار اليه قائد الثورة اليمنية السيد “عبد الملك بدر الدين الحوثي، ان عمليات التقسيم تبدأ بأزمة سياسية ثم يجري إلى تعقيدها بعناوين طائفية ومذهبية وعرقية.
حيث تسعى الإمارات لتقسيم اليمن منذ اليوم الأول لتوليها مسؤولية الملف الأمني في عدن، وسعيها للتقسيم يعود لأبعاد اقتصادية أخرى تريدها عبر تعزيز الحراك الجنوبي، وأن الإمارات ترى في مدينة عدن تهديدًا وجوديًا لها في مجال المدن اللوجستية، نظرًا للموقع الاستراتيجي لميناء هذه المدينة الذي يطل على مضيق باب المندب، حيث يمر 12 % من التجارة العالمية.
الاماراتيون يعتبرون ميناء عدن تهديدًا كبيرًا لميناء دبي، الذي يُعد من أهم الموانئ اللوجستية، ويشكل تهديدًا لهذا القطاع الحيوي في الإمارات، لذلك تحاول الإمارات عبر تدخلها في عدن إيقاف هذا الخطر بكافة الأشكال، وهذا هو مكمن اتهام الإمارات بمحاولة الوقوف وراء تقسيم اليمن عبر دعم الحراك الجنوبي الانفصالي.
اما بالنسبة للسعوديين، انهم ايضاً يرغبون في تقسيم اليمن اكثر من يقية حلفائم لعدة اسباب ومن أهم هذه الاسباب هو الحفاظ على أمن اراضيها من خلال حصار الشماليين اقتصاديا وعسكرياً وسياسياً، وكما تشير المعلومات العسكرية، ان الفار هادي حاضر ان يسلم جميع المعسكرات الى السعودية لامحاء الثورة والقائمين عليه.
حكّام آل سعود يحاولون بـ أي صورة ممكنة لكي يجعلوا مسافة آمنة بينهم وبين الجيش اليمني واللجان الشعبية في الحرب الدائرة بين اليمن وتحالف العدوان بقيادة السعودية، وان هذا الامر اصبح من أهم الامور لدى السعودية خصوصا بعد تطوير الصواريخ اليمنية واستهداف الرياض بصاروخ باليستي محلي الصنع من نوع “بركان2”.
وبعد مرور اكثر من 1000 يوم من العدوان، اليوم نشهد الرئيس المستقيل والمنتهي ولايته الفار عبد ربه منصور هادي يدعم الفدرالية وتقسيم اليمن اكثر من اي وقت خصوصاً بعد الانتصارات الذي حققها الجيش واللجان الشعبية والقوى الوطنية والساسة في جميع الساحات العسكرية والسياسية والاقتصادية، حيث أن منافع ومصالح هذا المشروع يصب في صالح أمريكا واسرائيل والسعودية أكثر من اليمن والشعب واليمني.
واليوم الجميع امام حقيقة ان الشرعية بلا شرعية لا توافقية ولا دستورية لا شمالية ولا جنوبية، ففي ظل الصراع المحتدم بين ادوات العدوان في المحافظات الجنوبية وتردي الأوضاع الأمنية والمعيشية والخدمية ترفرف اعلام القاعدة في عدن وحضرموت بعد ان جندها هادي وعلي محسن الأحمر ودعمتها دول العدوان بالمال والسلاح، ووسط هذا الصراع ضاع ابناء الجنوب وضاعت احلامهم وآمالهم وامنهم واستقرارهم.
وتسعى ايضاً الولايات المتحدة الامريكية ان تحقق الكثير من اهدافها الاستراتيجية والتكتيكية عبر الساحة اليمنية، ولا تتحقق هذه الاهداف الى من خلال تواجدها العسكري في هذه المنطقة، وتتوقف هذه الاهداف في الاهمية الاستراتيجية والجيوسياسية لليمن عبر مضيق باب المندب، حيث ان واشنطن لا ترغب السلام وايقاف الحرب في اليمن، فستكون هناك فرصة لوجود قوات عسكرية اخرى.
وفي لختام…
ان مشروع تقسيم المنطقة بلا شك وريب مشروع أمريكي صهيوني للحفاظ على مصالحهم و تفتيت العالم الإسلامي، وتقسيم اليمن قصة مؤلمة، فيها من الضحايا والالم، والخيبة والخسارة، ما كلف اليمن فوق طاقتها، وهي دائما تتحدث عن الازمات السياسية، وصراع القوى المسلحة، وتقاسم الاحزاب وسقوطها، وتعرية الشخصيات السياسية، والفراغ السياسي، والمأزق الذي يمر به شكل الدولة.