الخبر وما وراء الخبر

7/7 هل يعود من عدن؟!

52

بقلم / علي الدرواني

لم تتفقِ السعوديةُ والإماراتُ كطرفَين، رئيسيين في العدوان على اليمن، على شيء كما اتفقت على تسخير المحافظات الجنوبية وأبنائها لخدمة أجندتهما الخَاصَّة، سواء عبر الزج بهم في محارق السعودية وجعلهم كباشَ فداء لجنودها في نجران وجيزان.

او باستخدام جنوب البلاد كقاعدة لمشروعها الاستعماري وهيمنتها على البلاد وثرواتها وسيادتها تحت عنوان “الشرعية” المزعومة ضداً على إرادة الجنوب وشعبه

وبعد قُرابة ثلاث سنوات من احتلال عدن والمناطق الجنوبية من البلاد، بلغت معاناتُها اليومَ حالةً غير مسبوقة على مختلف الأصعدة، وصلت “مرحلةَ الإذلال والمهانة” حَدّ بيان ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي.

وفي ظل الوضع المُذل والمهين، أعلن ما يسمى المجلس الانتقالي -المدعوم إماراتياً- حالة الطوارئ بعدن، في بيان حمل كثيراً من التناقضات، إذ أَكَّــدَ العملَ من أجل إسقاط حكومة بن دغر، فيما أشار إلى مساندته لأَهْدَاف التحالف الذي تأسّس أصلاً من أجل إعَادَة ما يسمى الشرعية وتمكينها من المناطق “المحرَّرة”، كما يزعُمون.

ويظهَرُ التناقُضُ واضحاً حين أعلن مجلس عيدروس رفْضَ أية قوات أَوْ شخصيات سياسية شمالية في أرض الجنوب -حسب تعبيره-؛ ليؤكد لاحقاً القبولَ بأية قوات شمالية تحتَ قيادة ما سمّاه التحالف من أجل تحقيق أَهْدَاف عاصفة العدوان.

الأمرُ الذي أزعج قيادات في مجلسه رفضت مثلَ هذه التصريحات التي وصفتها بأنها تهميشٌ للمقاومة الجنوبية ووضع الوصاية عليها، وأعلنت انسحابها من اللقاء.

المثير للسخرية أن ما يسمى المجلس حاول تبرئة السعودية والإمارات من النتائج الكارثية لعدوانهما المتواصل ودورهما في دعم الجماعات التكفيرية، فيما صبَّ جَامَ غضبِه على ما سمّاه الشرعية، مؤكداً عجزَها عن معالجة أيٍّ من الملفات أَوْ توفير الخدمات الأساسية وتعزيز الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة والنهوض بالاقتصاد والمعيشة، كما اتهمها بتخريج التكفيريين من داخل مكاتبها.

ومقابل هذا الهجوم الحاد، تغافل المجلس عمداً الدورَ التوسعيَّ المشبوه للإمارات في عدن وشبوة وحضرموت وسقطرى، ومؤخراً في المهرة، وتغذيتها للتنظيمات التكفيرية بكل مسمياتها ودعمها بالأموال والسلاح، ومن ذلك ما كشفته مصادر مطلعة عن إبرامِ الإمارات صفقةً مع أحد مشايخ شبوة للتوسط مع القاعدة وتأمين انسحابها من مدخل جبل كور الحوطة المحاذي للبيضاء، مقابل مبلغ عشرة ملايين دولار، وإطلاق سراح عشرين من عناصر وقيادات القاعدة المحتجزين لديها.

وأمام هذا المشهد المتناقض والمعقَّد والدعم الإماراتي السعودي السخي للقاعدة وتفريعاتها، يتساءل مراقبون: لماذا لا تُدفع هذه المبالغ لتحسين الخدمات في الجنوب؟!، وأيّ مستقبلٍ تتجه إليه المحافظات الجنوبية في ظل تعزيز وجود القاعدة، وبسط الدول الغازية لسيطرتها على أهم المواقع والموانئ والجزر جنوب البلاد؟!، وماذا بقي من شعار “إعَادَة الشرعية” الذي رفعته قوى العدوان منذ ما يقارب الثلاثة أعوام؟

وإلى متى ستستمرُّ هذه المغالطاتُ المفضوحة وتسويق الأوهام على حساب الشعب وكرامته وسيادته واستقلاله.