الخبر وما وراء الخبر

فتاوى “هيئة الزنداني” صالحة لكل عدوان واحتلال.. مرتزقة بـ”ثياب العلماء”

888

لعبت الفتاوى دوراً كبيراً في تمكين وتغلغل جماعة الإخوان المسلمين في الوطَن العربي والإسْـــلَامي، والتي تحولت في اليمن إلى “فتاوى سياسية”، ويكمن في هذه الفتاوى تطويع الدين من أجل المصالح الحزبية.

ولطالما حرص حزب الاصلاح “الإخوان المسلمين” في اليمن، على توظيف الفتوى الدينية لخدمة أهداف سياسية، لتبرير ما يفعلونه من أعمال عنف بفتوى دينية، والأمر لا يقتصر على هذا الحد، بل إن فتاوى كثير من ما يطلق عليهم علماء حزب الإصلاح، فتحت الباب أمام العمليات الإجرامية التي ترتكبها الجماعات التكفيرية المرتبطة عضوياً بتنظيم الإخوان المسلمين أو تلك التي تحمل الفكر الوهابي.

في أحايين كثيرة، تكون فتاوى الإخوان وبقية الجماعات التكفيرية، محاولة لصرف الأنظار عن حقيقتهم، ولكن في الفترة الأخيرة، اتبع مشايخ هذه التنظيمات التكفيرية والإجرامية، منهج التكفير، كمنبر يعتلونه كلما ظهر من يخالفهم، حتى أصبحت تداعيات التكفير مبنية على قاعدة واحدة هي “الاختلاف السياسي”.

في اليمن، تسعى التنظيمات التكفيرية الإخوانية أو الوهابية، بكل جهدها لخلق فجوة عميقة بين أبناء الشعب الواحد، فجعلت من منهج التكفير منبراً لتكفير الخصوم السياسيين أو من لا يقفون في صفهم؛ من أجل الحفاظ على الوجود وإبعاد المجتمع اليمني عن مجرى الحقيقة.

منذ عشرات السنين، تعددت نماذج مواقف وأيضاً فتاوى مشايخ حزب الإصلاح المتناقضة، والمتعلقة بما يحدث في اليمن، وهو ما يؤكد “ميكافيلية” حزب الإصلاح، ولذلك نجدُ مشايخ التكفير هم السباقين، وأول من وضع أقدامهم في درب ومبدأ “الغاية تبرر الوسيلة”، لإضفاء صفة المشروعية لجميع السُّبُلِ والوسائل التي يستخدمونها، ومهما كانت قاسيةً أو ظالمة، فهم لا ينظرون لمدى أخلاقية الوسيلة المتبعة لتحقيق أهدافهم، وإنما إلى مدى النتيجة التي ستحققها الوسيلة. فـ”الغاية.. تبرر الوسيلة”.

مشايخ التكفير الذين يمارسون في اليمن المتاجرة بما لديهم من بضاعة منتهية الصلاحية، ربما أن حالات التناقُض والالتباس في المواقف التي يقعون بها، تفسّــر الحالة السياسية والارباك الذي يعيشونه، ولربما أن أبلغَ دليل على تناقُضاتهم في المواقف، هو ما تزخر به ذاكرة اليمنيين، حينما أصدرت قبل خمس سنوات، هيئة علماء الإصلاح، المملوكة لـ”عبدالمجيد الزنداني” فتوى تدعو فيها اليمنيين للجهاد ضد من يتعاون أو يتدخل أمنياً في اليمن.

حينها، فسّر “عبدالمجيد الزنداني”، فتوى العلماء التابعين له، في كونها دعوة للجهاد دفاعاً عن اليمن في حال تعرضه لتدخل عسكري أجنبي.

وقال الزنداني في خطبة له: “متى نزل العدو في ساحتنا، وجاء لاستعمارنا فديننا يوجب الجهاد”.. مؤكداً أن “هذا أمر من الله لا يستطيع أحد أن يلغيَه لا ملك ولا رئيس ولا قائد ولا زعيم ولا عالم ولا أي أحد، هذا حُكم إلهي، الله أمر به”.

في يناير من العام 2010، ربما حاول “الزنداني” ارتداء ثوب الوطنية، لكنه تلقى انتقادات حادة يمنياً وعربياً بوصف ذلك استثماراً للورقة الدينية في تأجيج عواطف العامة الرافضة لأية تدخلات أجنبية، وتوظيفها لأغراض سياسية تلتقي مع مشروعات التطرف والتشدد في العالم الإسْـــلَامي ومنها القاعدة.

ربما أن أصحاب تلك الانتقادات التي وجهت لـ”الزنداني”، احتاجوا لخمس سنوات، كيما يثبتوا بالدليل القاطع بأن “الزنداني” ليس أكثر من مجرد مستثمر، يرى في الدين رأس ماله، ومشاريع التطرف استثماراته، فالوطن الذي دعا للجهاد في سبيله، ضد الغزاة والمحتلين “الأمريكان”، لم يجد “الزنداني” حرجاً، في الوقوف مع “الأمريكان” جنباً لجنب، وفي الصف الذي يشن الحرب على اليمن.

ربما أن الشيء الوحيد الذي لم يتغير لدى “الزنداني”، هي فتوى الجهاد، فقط الذي تغيّر هو أنه أطلقها في يناير (2010) ضد الغزاة المحتلين “الأمريكان”، وفي إبريل (2015) أيّدهم بها ومنحهم مباركته وتأييده، وأصدر فتوى مطولة أكد فيها إعلان تأييده لـ”عاصفة الحزم”، وضمّنها نقاطاً عديدة حول ما يتعلق بالعملية من أحكام شرعية.

وقال بأن عاصفة الحزم “جاءت لإغاثة بلد جار وشعبٍ مكلوم وقيادة شرعية استنجدت لوقف العبَث بأمن ومقدرات اليمن والحفاظ على شرعيته ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية واستقلاله وسيادته”.

ربما لم يكتفِ “الزنداني” بفتوى تأييد العدوان السعودي الأمريكي، إذ عاد بعد أربعة أشهر من العدوان ليصف العدوان على اليمن بأنه “فضل من الله، وإنقاذ لشعبنا”، مجددا تأييده للعدوان الذي قال “الزنداني” إن ما تسمى بـ”هيئة علماء اليمن” التي يرأسها وتتبع حزب الإصلاح، أصدرت بياناً مؤيداً له.

قبل أيام معدودة، وفي الوقت الذي كانت وسائلُ الإعلام المحلية والدولية تتحدث عن أعداد واحصائيات لجنود قوات الغزاة والمحتلين الذين وصلوا اليمن من السودان والسنغال وكولومبيا ودول أخرى لقتل اليمنيين واحتلال بلدهم، أصدرت “هيئة علماء اليمن” التي يرأسها “الزنداني” وتتبع حزبَ الإصلاح، فتوىً تجرّم فيها من يدافعون عن كرامتهم وشرفهم ويقدمون دمائهم الزكية في سبيل وطنهم ضد الغزاة والمحتلين، في حين برأّت فتوى “هيئة الزنداني” كُلّ جرائم العدوان السعودي الأمريكي ومنحت الغزاة والمحتلين صفة الشرعية.

فتوى “هيئة الزنداني” التي أعلنت الجهاد ضد الغزاة والمحتلين قبل خمس سنوات، اليوم تجاهلت تماماً إدانة احتلال البلد من قبل قوات غازية وحشد عشرات من المرتزقة من السودان والمغرب والسنغال وكولومبيا ودول أخرى.

فتوى “هيئة الزنداني” وصفت اللجان الشعبية والجيش اليمني بـ”البغاة والمعتدين”، وحَـرّمت على أي مسلم مناصرتهم بأي حال من الأحوال.

فتوى “هيئة الزنداني”، شرعنة لـ “آل سعود” و”الأمريكان” وبقية قوات الغزاة والمحتلين، قتلَ اليمنيين وتدمير وطنهم، وحلّلت قتلَ الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البُنية التحتية للوطن برُمَّته وإحراق المزارع وقوارب الصَّيْـد والمساجد بالقنابل العنقودية والمحرَّمة دولياً.

ورُبَّـما أن انتفاخَ بطون “هيئة الزنداني” بـ”كبسة العدوان”، جعلهم يتناسون أن قواتِ الاحتلال السعودي الامريكي، تحاصِرُ الشعبَ اليمني برُمَّـــته وتمنَعُ عنه دُخُولَ الغذاء والدواء والوقود وتقتل وتفتك بالآلاف من الأسر، وتفرض حصاراً خانقاً على مئات الآلاف من أبناء محافظة صعدة في المناطق الحدودية.

* صدى المسيرة – عبده عطاء