ماذا وراء زيارة بن سلمان الى بريطانيا؟
مع اقتراب موعد الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” إلى العاصمة البريطانية لندن، طالبت الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية بإلغاء هذه الزيارة ووقف العدوان على اليمن.
وتعتقد هذه المنظمات بأن الدعم الغربي لاسيّما الأمريكي والبريطاني والفرنسي ساهم إلى حد بعيد في قتل الشعب اليمني وتدمير البنى التحتية لبلاده طيلة السنوات الثلاث الماضية من العدوان السعودي على اليمن.
ووجهت أربع منظمات حقوقية بريطانية رسالة مفتوحة إلى رئيسة الوزراء “تيريزا ماي” تدعوها إلى إلغاء زيارة بن سلمان بسبب قمعه للمواطنين السعوديين ومواصلة العدوان الوحشي على اليمن والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وأكدت المنظمات الحقوقية إن ولي العهد السعودي مسؤول عن الجرائم المرتكبة ضد الناشطين السعوديين، بما في ذلك السجن والاحتجاز والتعذيب والاختفاء القسري والإعدام، ومسؤول أيضاً عن جرائم الحرب الخطيرة في اليمن التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء بمن فيهم النساء والأطفال.
كما انتقد نشطاء حقوق الإنسان دعم الحكومة البريطانية التسليحي والمادي للتحالف الذي تقوده السعودية، معتبرين أنه السبب الرئيسي في تفاقم الأوضاع الإنسانية والبيئية في اليمن.
زيادة صادرات الأسلحة البريطانية إلى السعودية
منذ بداية عام 2015 وتحديداً بعد شنّ السعودية العدوان على اليمن في 25 آذار/مارس من نفس العام قامت بريطانيا ببيع أسلحة إلى السعودية بأكثر من 3.7 مليار جنيه إسترليني.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة “الإندبندنت” في تقرير أن صادرات الأسلحة البريطانية إلى السعودية تضاعفت خمس مرات في الفترة بين عامي 2015 و 2017، مشيراً إلى أن هذه المبيعات بلغت 4.6 مليار يورو (أكثر من 6 مليارات دولار).
وتضاعفت قيمة الأسلحة البريطانية التي تم بيعها للسعودية إلى نحو 500 في المئة خلال عامي 2015 و2016، رغم التقارير المتكررة عن جرائم الحرب والمجازر التي ترتكب ضد اليمنيين جراء هذا العدوان.
وشملت هذه الصفقات طائرات حربية من طرازي “تايفون” و”تورنيدو” ومروحيات وطائرات بدون طيار وصواريخ حديثة ومتطورة وقنابل دقيقة التوجيه بما فيها العنقودية المحرمة دولياً التي استخدمت في قتل الشعب اليمني وتدمير بناه التحتية بما فيها المستشفيات والمدارس ومستودعات الأغذية والأدوية وشبكات إيصال الكهرباء والمياه الصالحة للشرب ما تسبب بانتشار الأمراض الخطرة خصوصاً الكوليرا التي أودت بحياة أعداد كبيرة من اليمنيين.
ويبدو أن بريطانيا ومنذ خروجها من الاتحاد الأوروبي “بريكست” قد وجدت الفرصة سانحة أمامها لزيادة مبيعاتها من الأسلحة إلى السعودية، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي يرفض بمجمله استمرار العدوان على اليمن ويطالب أعضاءه بالامتناع عن بيع الأسلحة إلى الرياض.
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية كانت في طليعة الدول التي زارتها “تيريزا ماي” بعد انطلاق إجراءات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2017.
أهداف زيارة بن سلمان إلى بريطانيا
– تحسين صورته التي تلطخت كثيراً بسبب العدوان على اليمن وقمع المواطنين السعوديين ودعم الجماعات الإرهابية والتكفيرية في المنطقة والعالم.
– يسعى بن سلمان إلى كسب الدعم الغربي وتهيئة الأرضية للاستيلاء على عرش المملكة فور وفاة والده “الملك سلمان بن عبد العزيز” الذي يعاني من المرض وكبر السن.
– يواجه بن سلمان تحديات داخلية كثيرة في كافة المجالات، ويسعى من خلال زيارته المقررة إلى بريطانيا للظهور بمظهر المقتدر، لاسيّما بعد الانتقادات الشديدة التي وجهت إليه نتيجة فشل سياساته الاقتصادية والجرائم التي ارتكبها ضد دعاة الإصلاح في السعودية وضد الشعب اليمني.
– يعتقد الكثير من المراقبين بأن زيارة بن سلمان إلى بريطانيا تهدف أيضاً إلى مواجهة خطر اندلاع أزمة سياسية حادة داخل الأسرة الحاكمة بسبب الإجراءات التعسفية التي اتخذها ضد الكثير من الأمراء والوزراء واستحواذه على ثرواتهم وممتلكاتهم مقابل إطلاق سراحهم.
– تسعى حكومة “تيريزا ماي” إلى تحقيق قفزة في مجال صناعة الأسلحة في بريطانيا من خلال زيادة مبيعات الأسلحة إلى السعودية ودول أخرى في المنطقة لاسيّما في مجلس التعاون.
– تماشياً مع السياسة الأمريكية تسهم بريطانيا في بقاء الأنظمة الغربية المتحالفة معها في الشرق الأوسط وفي مقدمتها السعودية، وزيارة بن سلمان المزمعة إلى لندن تأتي في هذا السياق.
لكن أهداف هذه الزيارة لا تقتصر على ما تمت الإشارة إليه، بل تستهدف بالدرجة الأولى عقد المزيد من صفقات شراء الأسلحة الجديدة والمتطورة من بريطانيا لمواصلة العدوان على اليمن من ناحية، والاستمرار من ناحية أخرى في سباق التسلح الذي تخوضه السعودية منذ زمن طويل خدمة للمشروع الصهيوأمريكي الذي يستهدف محاربة الجمهورية الإسلامية في إيران ومحور المقاومة في عموم المنطقة لغرض تمزيق الشرق الأوسط والاستحواذ على ثرواته والعبث بمقدراته.