الخبر وما وراء الخبر

لا تملأوا الأكواب بالماء

125

هاشم أحمد شرف الدين

يحكى أنه حدثت مجاعة بقرية، فطلب الوالي من أهل القرية طلبًا غريبًا كمحاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع، وأخبرهم بأنه سيضع قِدرًا كبيرًا في وسط القرية، وأن على كل رجل وامرأة أن يضع في القِدر كوبًا من اللبن بشرط أن يضع كلُ واحد الكوبَ لوحده من غير أن يشاهده أحد.

هُرع الناسُ لتلبية طلب الوالي، كلٌ منهم تخفى بالليل وسكب ما في الكوب الذي يخصه، وفي الصباح فتح الوالي القدر، فماذا شاهد؟

شاهد القدر و قد امتلأ بالماء..

أين اللبن؟! ولماذا وضع كلُ واحد من الرعية الماءَ بدلاً من اللبن؟

الإجابة أن كل واحد من الرعية قال في نفسه: “إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية”. وكلٌ منهم اعتمد على غيره، وكلٌ منهم فكَّر بالطريقة نفسها التي فكر بها أخوه، و ظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن، والنتيجة التي حدثت أن الجوع عمَّ هذه القرية ومات الكثيرون منهم ولم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات، بسبب سلوكهم هذا ونفسياتهم تلك..

وأنت عزيزي:

هل تصدق أنك قد تملأ الأكواب بالماء في أشد الأوقات التي يُحتاج منك أن تملأها باللبن؟

فعندما تترك وطنك عرضة للغزو ولا تتحرك لجبهات القتال ظنا منك بأن هناك مقاتلين كثر غيرك، وأن وجودك لن يكون مهما، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

وعندما تحرم وطنك وقت المعركة من مالك ظناً منك أن الدولة ستتكفل به من ميزانيتها، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

وعندما لا تشارك في دعم المجهود الحربي ظنا منك بأن مالك القليل لن يقدم أو يؤخر في ذلك، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

عندما يصلك نداء المستشفيات للتبرع بالدم ثم لا تتوجه للتبرع ظنا منك أن غيرك سيتبرع وفيهم الكفاية، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

وعندما لا تسهم في أي من أعمال التكافل الاجتماعي ظنا منك بأن الجمعيات الخيرية تؤدي المطلوب، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

عندما لا تخرج في المسيرات المناهضة للعدوان والوقفات والفعاليات ظنا أن الغالبية ستحضر وتشارك ولن يضيف تواجدك شيئا، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

عندما لا تشارك بفعالية في حملات التغريد المناهضة للعدوان على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” ظنا منك بأنك مجرد رقم وحيد لن يقدم أو يؤخر، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

وعندما لا تتقن عملك في مواجهة العدوان بحجة أنه لن يظهر وسط الأعمال الكثيرة التي سيقوم بها غيرك من الناس، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

وعندما لا تخلص نيتك في مواجهة العدوان، ظناً منك أن كل الآخرين قد أخلصوا نيتهم، وأن ذلك لن يؤثر، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

عندما لا تهتم، فأنت تملأ الأكواب بالماء..

قم بواجبك ولا تعتمد على الآخرين في أي شيء، ولا تراهن إلا على أهليتك أنت..

والآن ..

هل ستهتم حين أذكرك بدعم التعبئة العامة بمبلغ مائة ريال، عبر الاتصال أو الإرسال على رقم الهاتف (2121)؟