الخبر وما وراء الخبر

صيادو جزيرة عقبان.. جثث متفحمة على الشاطئ!

1٬014
  • العدوان يمنع انتشال الضحايا ويقصف كل من يقترب منها
  • الجرحى الفقراء في المستشفيات وبعضهم بلا أقدام وعاجزون عن شراء الأدوية
  • الأباتشي شاركت في المجزرة ولاحقت الصيادين الأبرياء إلى داخل الجزيرة

تقرير- أحمد داوود

السخَطُ هذه الأيامَ يعُــمُّ أرجاءَ محافظة الحديدة.. ألا تستدعي جريمة كمقتل الصيادين في جزيرة عقبان التذمر من العدوان السعودي الأمريكي؟.. الحصيلة ليست قليلةً، إنهم أكثر من 200 صياد ما بين شهيد وجريح.

يتحدَّثُ الشيخُ محمد منصر شيخ قبيلة الزرانيق بالحديدة لصحيفة “صدى المسيرة” بقلب مكلوم وحزين، وهو إلى الآن غير مستوعب ما حدث، يتساءل: أيُعقَلُ أن يتم قصف صيادين مدنيين سلميين، منزوعين من السلاح بهذه الطريقة البشعة الإجرامية؟!.. يا الله.. إنه مشهد مذهل لم يسبق أن رأيت مثله في حياتي.. هكذا يقول الشيخ منصر.

يوم الجمعة الماضية كان الصيادون في طريقهم إلى الصيد كالمعتاد، حملوا أمتعتهم وقواربهم، وكانوا في قمة استمتاعهم بهدوء البحر وبألوان الشمس الذهبية التي تسطع في عرض البحر.. فجأة تتوقف قهقهة الصيادين، وتتحول فرحتهم إلى كابوس حقيقي.. ماذا حدث يا الله.. إنها طائرات العدوان السعودي الأمريكي أقبلت وهي تحمل الشر بكل تفاصيله وبدأت في مباشرة هؤلاء الصيادين والقصف عليهم.

كانت الغارة الأولى كما يقول الشيخ، عنيفة ومفاجئة للصيادين، استشهد على الفور 70 صياداً، فيمَ هرع بقية الصيادين لإسعاف الجرحى، لكن الطيران عاود من جديد، وبدأ في التوحش، ليباشر البقية بالقصف العنيف ويخلف العشرات من الشهداء والجرحى.

إنها الإبادة الجماعية والجريمة المنظمة، يتقنها هؤلاء الأوغاد الذين لا يعرفون الإنسانية ولا الدين- كما يقول الشيخ منصر-، ويواصل وبأسى كبير: لم يتوقف الطيران عند هذا الحد، وحين هرب البعضُ إلى داخل جزيرة عقبان، تدخلت طائرات الأباتشي وبدأت في القصف على الجزيرة، واستهداف كُـلَّ من تجده أمامها..

هل هذا الجنون.. بالفعل إنه الجنون الحقيقي الذي لا نظير له في التأريخ المعاصر.

يتساءل الشيخ منصر: هل هؤلاء بشر؟ هل لديهم إنسانية.. أم أنهم كائنات متوحشة.. والله لم أجد في حياتي أبشعَ من هذا المنظر ولا أفدح منه.. والله إن التأريخ سيحاكمهم ويلعنهم لعناً كبيراً.

يتوقع الشيخ منصر برهة، ثم يواصل حديثه، بأسى:” هؤلاء فقراء، مساكين، يعملون في الصيد، لديهم منازل متواضعة جداً بعيداً عن الأحياء السكنية، في الصحراء، بيوت متواضعة جداً.. لا أدري ما الجريمة التي ارتكبوها حتى يتم معاقبتهم بهذا الشكل العنيف.. وقصفهم بهذه الطريقة الهستيرية من قبل الطيران، هؤلاء تجردوا من القيم النبيلة، ومن تعاليم الإسلام، ومبادئ القرآن ومن كُـلّ شيء.

في الحديدة، الآن الغضب يتأجج بشكل أكبر، لقد عرف الناس حقيقة العدوان، يدركون جيداً أن الواجب يحتم عليهم مواجهة هذه الغطرسة والقتال ضد المعتدين.. هكذا يختم الشيخ منصر حديثه لصحيفة “صدى المسيرة”.

الكثيرُ من الجرحى حالتُهم سيئة الآن، وهم في مستشفيات متواضعة بالحديدة، والبعضُ بانتظار نقله إلى صنعاء وإلى مستشفيات أفضل.. لكن الأوضاعَ المالية لهؤلاء متعبة للغاية، هم لا يملكون شيئاً سوى مهنة الصيد لإعالة أسرهم الفقيرة.. هكذا يقول أحد أسر الضحايا.

جزيرة عقبان التي تقع في الشمال الغربي لجزيرة كمران لا يوجد لهؤلاء الشهداء سوى العمل في البحر والصيد، وإلى هذا الجزيرة يأتي الصيادون من مناطق متفرقة من الحديدة، ومنطقة بيت الفقيه لوحدها استشهد منهم 43 صياداً، فيما استشهد من قبيلة الزرانيق 115 صياداً.

يقول المواطنون في الحديدة إن ما يقارب 11 جثةً ما زال مرمية في الساحل حتى الآن، لم يتمكن المواطنون من أخذها والسبب في ذلك أن الطيرانَ يحوم بشكل مستمر ويقصف كُـلّ من يحاول الاقتراب.

تجب محاسبة المعتدين

أقارب وأسر الصيادين لم يجدوا سوى التعبير عن حُزنهم الكبير بتنظيم وقفة احتجاجية في منطقة الطائف بالدريهمي يوم الثلاثاء الماضي للتعبير عن امتعاضهم الشديد.

رفع المشاركون صوراً للشهداء ولافتات منددة ومستنكرة بجرائم العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني الغاشم على الصيادين والمطالبة بالتحقيق فيها.

وفي الوقفة التي حضرها مَشَايخ وأعيان المنطقة وممثلو منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المختلفة والحقوقيون والناشطون، وقف المشاركون دقيقة حداد وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء جراء العدوان الغاشم.

وألقيت خلال الوقفة كلمات عن المجلس المحلي بالمديرية وعن الاتحاد التعاوني السمكي وعن شباب المنطقة وعن أسر الشهداء، أكدت جميعها رفض أبناء منطقة الطائف للعدوان الذي تقوم به دول تحالف العدوان السعودي على اليمن.

وأكدوا أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً وسيقف أبناء الوطن صفاً واحداً؛ للذود عن كرامة اليمنيين والنيل ممن يحاول الإساءة أو المساس بأمن واستقرار الوطن.

وقد صدر عن الوقفة بيان أكد فيه المشاركون ضرورة محاسبة المعتدين وتقديمهم للمحاكمة العادلة لينالوا جزاءهم العادل.. منددين بالعدوان السعودي الأمريكي الصهيوني على الشعب اليمني واستمرار دول تحالف العدوان في ارتكاب المجازر والجرائم في مختلف المحافظات وآخرها مجزرة جزيرة عقبان التي راح ضحيتها أكثر من 200 شهيد وجريح من الصيادين والمسعفين.

تعطيل للحياة

الاتحادُ التعاوني السمكي بمحافظة الحديدة أدان هذه المجزرة بحق الصيادين في جزيرة عقبان بالمحافظة، مؤكداً أن العدوان يرتكب أبشع صور الإجرام ويتسبب في تعطيل الحياة وتوقيف مصادر الدخل للعديد من أبناء اليمن والصيادين الذين يبحثون عن لقمة عيشهم.

مجزرة عقبان2 مجزرة عقبان3
ودعا البيان، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية، إلى القيام بدورها في إيقاف جرائم العدوان السعودي واستهدافه للأبرياء وقتل الأطفال والنساء ورفع الحصار الجائر المفروض على اليمن.

من جانبه أطلق المركز القانوني للحقوق والتنمية نداء استغاثة للمنظمات الإنسانية وخاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ للتحرك العاجل لانتشال جثث ضحايا المجزرة المروعة لتحالف العدوان السعودي التي استهدفت الصيادين بجزيرة عقبان بالحديدة وراح ضحيتها ما يقارب 204 شهداء وجرح العشرات.

وأكد المركز في بلاغ صحفي أن عشرات الناشطين والأطباء أفادوا أن جثث الضحايا لا زالت منتشرة في المنطقة ولم تتمكن فرق الاسعاف من انتشالها نتيجة استمرار الغارات التي تشنها قوات تحالف العدوان على القوارب التي تقوم بعملية انتشال الجثث.. مشيراً إلى أن عشرات الجرحى من الصيادين توفوا متأثرين بإصابتهم في المنطقة لعدم تمكن الفرق الطبية من إسعافهم؛ بسبب استهداف الغارات لقوارب المسعفين.

وقال المركز: ”إن أكثر من 70 جثة لم يتم انتشالها حتى لحظة كتابة الخبر نتيجة استمرار قوات العدوان في قصف قوارب الاسعاف والقوارب التي تحاول القيام بعملية انتشال الجثث ونقلها إلى مدينة الحديدة”.

وأضاف “لم تصل إلى سواحل الحديدة سوى بضع وأربعين جثة“.. مُشيراً إلى أن المسعفين وشهود عيان وناشطين حقوقيين أكدوا أن عشرات الجثث ما زالت في الجزيرة نظراً لعجز قوارب المسعفين من الوصول إليها نتيجة للقصف المستمر من قبل طائرات وبوارج التحالف لأي قارب يحاول الاقتراب من الجزيرة..

وطبقاً للبلاغ فإن المركز القانوني للحقوق والتنمية رصد استهداف العدوان لعدد من قوارب الصيد التي حاولت الإنقاذ وَانتشال الجثث وكذا استهدف العدوان قوارب الصيادين قبالة الجزيرة قبل يومين، في واحدة من أبشع جرائم الإبَادَة التي يرتكبها العدوان السعودي وتضاف إلى سلسلة جرائم الحرب ضد الإنسانية التي يتعرض لها الشعب اليمني على مدى 8 أشهر.

المؤتمر الشعبي العام من جهته أدان وبشدة المجزرة التي ارتكبها العدوان السعودي في جزيرتي عقبان وكدمان في البحر الأحمر والتي أسفرت عن استشهاد وجرح أكثر من 200 من الصيادين والمسعفين.
وأكد مصدر مسئول في المؤتمر الشعبي العام أن هذه المجزرة ستضاف إلى قائمة المجازر والجرائم التي يرتكبها العدوان السعودي بحق الشعب اليمني منذ أكثر من سبعة أشهر، مستهدفاً المواطنين والمدارس والمستشفيات وتدمير البُنى التحتية، في خرق واضح لكافة الاتفاقات والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني.
وقال: إن جريمة الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها العدوان السعودي بحق المدنيين الأبرياء في جزيرتي عقبان وكدمان تأتي في ظل استمرار الصمت الدولي الذي زاد العدوان إيغالاً وتوحشاً في سفك الدم اليمني.
كما أدانت الهيئة العامة للمصائد السمكية في البحر الأحمر الجريمة البشعة التي ارتكبها طيران العدوان السعودي باستهدافه الصيادين والمدنيين بجزيرة عقبان مديرية اللحية بمحافظة الحديدة- غرب اليمن.
واعتبرت الهيئة استهدافَ طيران العدوان للصيادين الذين يجوبون مياه البحار بحثاً عن رزقهم، يمثل استهدافاً لحياة المواطن ومحاربته في عيشته ورزق أُسرته.
وأشار البيان إلى أن القطاعَ السمكي بمحافظة الحديدة يمثل ركيزة أساسية يعتمد عليها معظم السكان.. مؤكداً ان العدوان السعودي والحصار الذي يفرضه على المطارات والمنافذ ساهما في حرمان الوطن من عائدات الصادرات السمكية التي تمثل نسبة كبيرة بين الصادرات اليمنية لما لها من دور كبير في رفد خزينة الدولة.
ولفت البيان إلى أن الجريمة المقترفة بحق الصيادين في جزيرة عقبان وغيرها من الجرائم والمجازر الشنيعة التي يرتكبها العدوان، تتنافى مع كُـلّ القيم والمبادئ الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية.
وطالب البيان الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، سُرعة وقف هذه المجازر التي يرتكبها العدوان السعودي بحق اليمنيين وإيقاف الحصار الجائر على المنافذ البرية والبحرية والجوية والتحقيق في تلك الجرائم ومعاقبة مرتكبيها وفق القوانين الدولية والإنسانية.

* المسيرة