الخروج من المستنقع بالمجازر!
بقلم / إبراهيم السراجي
شهدت الأَيَّــامُ الأخيرةُ من حرب تموز 2006 التي شنها العدوُّ الصهيوني على لبنان أفظعَ المجازر بحق المدنيين، ففي الساعات الأخيرة شنت الطائراتُ جَامَ غضبِها على المباني، فهدمتها فوق رؤوس ساكنيها، في الوقت الذي كانت الحكومةُ الإسرائيلية والإدَارَةُ الأمريكية قد اتفقتا على إخراج إسرائيل من الورطة باللجوء إلى مجلس الأمن؛ للحصول على قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، والذي قرأه العالم بما في ذلك المسؤولون الإسرائيليون بأنه إقرار بالهزيمة.
يتشابَهُ العدوانُ السعودي على اليمن مع نظيره الإسرائيلي على لبنان إلى حد بعيد، أولاً من حيث وقوف الولايات المتحدة وراء العدوانَين وتوفير الغطاء السياسي والدولي والعسكري للنظام السعودي والعدو الصهيوني، وثانياً من حيث أن العدوانَين يهدفان للقضاء على أي صوت أَوْ توجُّه مناهض للكيان الصهيوني ورافض للهيمنة الأمريكية، وثالثاً من حيث أن الأَهْــدَافَ الميدانية كانت القضاء على قدرات اليمن والمقاومة اللبنانية الصاروخية والعسكرية وإنْ أمكن احتلال البلدين.
كما يتشابه العدوان السعودي على اليمن مع نظيره الصهيوني على لبنان في حرب تموز من حيث استخدام الوحشية والمجازر والحصار في إطار الحرب؛ بهدف إخضاع المستهدفين للإرادة السعودية الأمريكية في اليمن والإرادة السعودية الأمريكية في اليمن، بالإضافة للتشابه في خطأ تقديرات العدو لقدرات اليمن وشعبه وقدرات المقاومة اللبنانية وقواعدها الشعبية والعسكرية.
أمَّا أوجهُ الاختلاف بين العدوانَين فهي أن الدورَ الأمريكي في الحرب على لبنان كان يهدف بدرجة رئيسية لحماية الكيان الصهيوني وتقديم الإدَارَة الأمريكية الأسلحة والمساعدات المجانية للكيان الصهيوني، في ما العدوان السعودي على اليمن يخدم الولايات المتحدة وليس السعودية ويمثل مصدر دخل كبير للأمريكيين من خلال صفقات الأسلحة غير المسبوقة وَالابتزاز الأمريكي للنظام السعودي الذي حقق للولايات المتحدة أرباحاً مجانية، أكبرها الصفقات التي بلغت قيمتها 460 مليار دولار تلك التي تم التوقيع عليها خلال زيارة الرئيس الأمريكي للرياض في مايو الماضي.
أيضاً يختلف العدوان الصهيوني عن نظيره السعودي في أن الأول استمر 34 يوماً فقط أدركت خلالها إسرائيل والإدَارَة الأمريكية أن التورط في الحرب لفترة أطول سيؤدي لنتائج أسوأ، أما العدوان السعودي فيكاد يكمل عامه الثالث؛ ذلك أن غرق النظام السعودي في المستنقع اليمني يمثل مصلحةً مزدوجةً للولايات المتحدة تتمثل في استمرار الابتزاز الأمريكي والحصول على أموال النفط السعودي والخليجي وكذا تدمير مقومات اليمن وإعادته فترة زمنية إلى الوراء تمنعه من تحقيق أَهْــدَاف ثورته وتحقيق الازدهار الذي يُثبِتُ للشعب اليمني فوائدَ التخلص من الهيمنة السعودية والأمريكية، ومنع اليمن من التحول لقوة إقليمية تشارك في محور المقاومة في مواجَهة الكيان الصهيوني.
اليوم وبعد سقوط المؤامرة التي مثّلت الورقة الأخيرة للعدوان؛ لتجنب الهزيمة في اليمن، لجأ عبر طيرانه لارتكاب أبشع المجازر التي خلّفت مئات الشهداء والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال خلال العشرين يوماً التي أعقبت سقوط تلك المؤامرة واحتراق الورقة، وبالتالي يلتقي العدوانُ السعودي على اليمن مع نظيره الإسرائيلي على لبنان من حيث اللجوء لارتكاب المجازر الانتقامية، حيث يجُد النظامُ السعودي نفسَه مع اقتراب نهاية العام الجاري دون تحقيق الأَهْــدَاف أَمَام ضرورة الإقرار بالهزيمة والبحث عن مخرج من مستنقع اليمن، كما فعل الكيان الصهيوني.
يظل ذلك مجرد قراءة قد تُصيبُ وقد تَخيبُ، لكن في كثير من الحروب يلجأ الطرفُ المهزومُ لارتكاب المجازر؛ للبحث عن مخرج من ورطته؛ لجعل الحديث عن حماية المدنيين غطاءً ومبرراً للخروج من الورطة وجعل الحديث يتركز حول ذلك وليس حول هزيمة ذلك الطرف.