1000 يوم!
بقلم / علي المحطوري
ألفية إيمانية يمانية سطرها شعبُنا اليمني صبرًا وصموداً وتضحية وفداء، ليتأكد عمليا وفي القرن الواحد والعشرين أن الثقافة الإيمانية قادرة على مواجهة امبراطوريات الطغيان، وأن الشعوب هي الأقوى حينما تملك مشروعا وقضية، وتقاتل بعقيدة، وتتحرك على هدى وبصيرة، وتكون لها قيادة.
مقابل ذلك هناك ألفية عدوانية انكشفت -وهي المتخمةُ بالمال، والمدججةُ بالسلاح – أن كسب الحرب ليس بالمال ولا الحديد، والعبرةُ من ذلك أن تلك القوى باتت أشد خوفا من المستقبل بعد أن سقطت هيبتُها وتساقطت مكانتُها.
وهذا الشعب اليمني قبل 26 مارس 2015م كان يحكى عنه بأنه من أفقر الشعوب، محكوما من قبل مجموعة من اللصوص أزكم فسادُهم أنوف الأجيال لعقود متوالية، ولم يكن بالحساب المادي مؤهلا لأن يخوض ربع معركة مع أرتيريا أو الصومال أو جيبوتي أو موزمبيق.
وما قبل 26 مارس 2015م كان الحديث العالمي أن اليمن على شفا حفرة من الانهيار الشامل، وأنه مُقدِمٌ على وضع الصوملة أو اللبننة أو العرقنة أو الأفغنة… إلخ من ظواهر الحروب الأهلية التي غرقت فيها بلدان شتى.
وما قبل 26 مارس 2015م بلد بلا رئاسة ولا حكومة ولا جيش..
كان بلدا منظورا إليه أنه على كف عفريت..
ووقع الذي وقع..وحلّق أوغاد العالم بطيرانهم ناشرين الموت والدمار والخراب في كل مكان.
ومر الأسبوع والشهر والسنة، وامتدت المواجهة لألف يوم..
نعم .. ألف يوم … دما ودمعا وألما وأملا..
وها هو اليمن من صعدة إلى البيضاء وباقي محافظات المجلس السياسي الأعلى…أعلى يدا وأصلب عودا، وما كان يُنظر إليه أنه بلد على (كف عفريت) يحقق معجزةً إلهية في انتزاع الحياة من بين أنياب الموت، ويظهر بلدا في (كنف الله)، والآخرون الغارقون في “تحالف الواهمين” باتوا هم الأقرب لأن يخرجوا من التأريخ والجغرافيا بعد أن سقطوا في وحل الجريمة الدولية، مرتكبين من المجازر ما يكفي لأن تحل عليهم لعنة الله والملائكة والشهداء والجرحى والمعذبين والمنكوبين والناس أجمعين.
وقانونُ الله هو الأمضى في كل عصر وحين، وبه لعباد الله يتحقق النصر المبين، وأما القانون الدولي فلا يحمي سوى المغفلين من شاربي بول البعير في نجد وأسيادهم الأمريكان.
فمباركٌ للشعب اليمني ما حظي به من رعاية إلهية مكنته لأن يتجاوز الكثير من التحديات، ويثبت على أرضه، لاجئا إلى ربه وإلى البندقية، خلافا لباقي الشعوب التي تفرقت أيدي سبأ متوزعين طوابير على مكاتب المنظمات الدولية، منقلبين من مواطنين إلى لاجئين.
ماذا بعد؟
عسكريا، لا تزال الحرب قائمةً على أشدها، إنما الأعداء يحاربون يائسين منتحرين، نقيض ما كانوا عليه في بداية العدوان حين انقضوا على اليمن متغطرسين، وما تحقق من عوامل ردع مطلوبٌ تعزيزها بتجنيد رسمي ودعم الصاروخية والبحرية… إلخ.
سياسيا وإداريا، ثمة فتنةٌ أخمدت في مهدها لتزول عقبةٌ كأداء حالت دون فعالية الدولة، والآن الكرة حقاً في مرمى المجلس السياسي الأعلى أن يُسارع إلى انتهاز فرصة تأريخية لم تتهيّأ لأي سلطة من قبل، ليعمل ليلاً ونهاراً لإعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة قدر المستطاع، وهذه مرحلة أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب، وأن توضع آلية عملية لحساب الإنجاز داخل مرافق الدولة، بعيدا عن البيروقراطية القاتلة والمحسوبية المتعفنة، ولْيُدْرس مقترح إعطاء المسؤولين فترة ستة أشهر أو مائة يوم أو ما شابه لينظر في مدى الإنجاز أو يتم التغيير، فالبلد مليء بالكوادر الكفؤة والصادقة والمخلصة، إنها مرحلة العمل والسهر، ليبارك الله الثبات والصمود بالنصر المؤزر والفتح المبين.
وأهم من ذلك كله أن تتعزز الثقة بالله تعالى، وتعم العدالة الاجتماعية بين المواطنين، ويشعر الجميع بالكرامة كثمرة من ثمار التضحية، على أمل رؤية السيادة الوطنية مبسوطة على كامل جغرافيا الجمهورية اليمنية.
الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى، وكشف الله مصير المفقودين ،وخفف على أهلهم ألم الانتظار، وكل التحية للجيش واللجان الشعبية، وعلى السيد القائد سلامُ الله ورحمته وبركاته.