دول العدوان تحول الجنوب إلى محطة لتجميع التكفيريين
القول بأن القاعدةَ وداعش يَحكمان الجنوب ويتخذان من عدن عاصمةً لإمَارَاتهم الإجرامية المتطرفة لم تعد مجرد مقولة للتعبير عن تواجد الجماعات الإرهابية في الجنوب، بل نتيجةٌ لممارسة تلك الجماعات لسلطة واقعية على الأرض وفرضها للقوانين التي باتت تنظّم عمل السلطات التابعة للاحتلال.
وتعزيزاً لتلك السلطة كشفت المخابرات السورية عن معلومات هامة تفيد بنقل أول دفعة من الإرهابيين يصل عددهم إلى 500 عنصراً وصلوا أمس الأول إلى عدن ضمن خطة دول العدوان لتعزيز سلطة داعش والقاعدة في الجنوب.
حيث ألقى المتحدثُ الرسمي باسم الجيش السوري كلمةً بثها تلفزيون سوريا وقال فيها إن معلومات المخابرات السورية تفيد بأن “أربع طائرات اثنتان تابعتان للخطوط الجوية التركية وواحدة للطيران القطري والرابعة للطيران الإمَارَاتي تحمل على متنها أكثر من 500 مقاتل من تنظيم داعش كانوا انسحبوا من سوريا إثر الضربات الجوية الروسية”.
وأشار المتحدِّثُ إلى أن الطائرات التي تقل الإرهابيين من سوريا وصلت إلى عدن في السادس عشر من الشهر الجاري، وقد تم تقسيمهم إلى مجموعات فور وصولوهم لمباشرة المهام التي أوكلوا بها.
وأضاف المتحدث أن المعلومات التي توفرت لدى المخابرات تقول إن عملية نقل عناصر داعش من سوريا سوف تستمر خلال الفترة القادمة.
وقد حصلت صدى المسيرة على معلومات متطابقة من مصادر جنوبية تؤكد وصول عناصر داعش عبر عدة طائرات إلى مطار عدن، مشيرة إلى أن القاعدة وداعش تعززان سلطتهما في عدن بشكل كبير ضمن عملية التسليم الكبيرة التي تقضي بتمكين داعش والقاعدة من الجنوب.
ويرى مراقبون أن استقدام دول العدوان وعلى رأسها السعودية للعناصر الإرهابية من سوريا والقوات الأجنبية والمرتزقة من عدة مناطق في العالم كلها تأتي في سياق فشل العدوان في تحقيق أهدافه.
وفي ذات السياق قال ناشطون جنوبيون إن دول العدوان تسعى لتحويل ساحة الجنوب إلى محطة لتجميع العناصر الإرهابية والمرتزقة من مختلف دول العالم وتجهيزهم لاستخدامهم في عمليات تحالف العدوان في مختلف الجبهات لمواجهة الجيش واللجان الشعبية.
بذات الصعيد يحاول تحالفُ العدوان أن يستخدم ورقة الإرهابيين والمرتزقة انطلاقاً من الجنوب لتحقيق ما فشلت السعودية في تحقيقه عسكرياً من جانب، وإعطاء الصراع طابعاً مذهبياً، مستغلة نقطة تحرك عناصر القاعدة وداعش على أساس طائفي وبشعارات متطرفة وممارسات وحشية بهدف خلق ردة فعل مماثلة تحول الصراع إلى مذهبي تحقيقاً لمآرب النظام السعودي الذي فشل على مدى أيام العدوان في تحقيق ذلك رغم توظيفه لرجال الدين الوهابيين واستغلال منابر الحرم المكي.
وتعزيزاً لمخطط سلطات الاحتلال السعودية في عدن بتقديم الجماعات الإرهابية باعتبارها أطرافاً يمنية وسلطة واقعية فقد أصدرَ تنظيم القاعدة تعميماً بمنع الاختلاط في الجامعات ومنع المرأة من ممارسة أيّة سلطة، وهو ما تعاملت معه سلطات مليشيات هادي التابعة للاحتلال بنوع من الامتثال الكامل.
ومنذُ اقتحم عناصر القاعدة إحدى الكليات وقاموا بإخراج الطلاب والطالبات وفرضوا قانونَهم بمنع الاختلاط، وهو ما تم بالفعل منذ عملية الاقتحام إلى اليوم، امتثلت سلطة هادي في الكلية لقرار القاعدة ومنعت الاختلاط بين الطلاب والطالبات.
وما هو أكثرُ من ذلك فقد شكّل محافظ عدن المعيّن من قبل هادي امتثالاً لإملاءات إمَارَاتية مجلساً سمّاه “مجلس حكماء عدن” يوم السبت الماضي مكوناً من 25 شخصية خلت جَميعاً من اسم أية ممثلة عن النساء.
واعتبرت جميلة علي رجاء وهي عضو مؤتمر الحوار وسفيرة سابقة أن خطوة تشكيل مجلس حكماء عدن وخلو المجلس من أية ممثلة عن النساء، مؤشر غير طيب.
حيث كتبت قائلة: “مجلس حكماء بدون حتى حكيمة واحدة؟؟؟ مؤشر غير طيب رغم وجود نساء من عدن يمتلكنها.. أي الحكمة!”.
ويفرض عناصر القاعدة قوانينهم بشكل ملموس في عدن وشملت تلك القوانين إلزام أصحاب المحلات التجارية بطلاء أبواب المحلات باللون الأخضر وحددت مواعيدَ لفتح المحلات وإغلاقها وتفرض عقوبات على من يخالف ذلك بمباركة من وإشراف سلطات الاحتلال.
وبينما تقدم سلطات الاحتلال عناصر داعش والقاعدة باعتبارها مكونات يمنية وترفع عنها صفة “الإرهاب”، حيث أعلنت قناة العربية قبل أيام فشَـلَ المفاوضات لإخراج داعش والقاعدة من عدن ورفضهما تسليم 53 عربة مدرعة دون أن توضحَ من تم منح العناصر الإرهابية تلك العربات التابعة لقوات الاحتلال، لكن النظامَ السعودي أراد من هذه الخطوة منحَ اعتراف بسلطة ووجود الجماعات الإرهابية ولم تكن جادةً في مفاوضات إخراجها أصلاً وإلا لماذا تتحاور حكومة هادي مع داعش والقاعدة وتمتثل لأوامر الرياض بعرقلة أية مفاوضات للحل السياسي في الـيَـمَـن؟؟.
وفي إطار التناقض الذي تديره الرياض تارة بالاعتراف بوجود القاعدة وداعش وأخرى بالتقليل من حجم إرهاب تلك الجماعات نفى محمد الأمير الذي عيّنه هادي مديراً لأمن عدن وجود الجماعات الإرهابية.
وقال في تصريحات صحفية إن هناك أَشْخَــاصاً لهم نشاطٌ متطرف ولكن ليس بالصورة التي يتم تصويرُهم بها، متناسياً تفاوُضَ حكومته المعلَن مع القاعدة وداعش.
أمنياً لم يعد أحد ينكر عمليات القتل والخطف والاغتيالات التي تجري بصورة يمنية وتطال مواطنين وناشطين وقيادات في الحراك الجنوبي.
وقد شهدت عدن يوم الاثنين الماضي عمليتي اغتيال لم تمثل سابقةً في عدن التي سبق وشهدت عمليات اغتيال وصل أحياناً عددها في اليوم إلى ثلاث عمليات وأحياناً إلى أربع.
حيث قام مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة بإطلاق الرصاص على الناشط السياسي صالح دجران في مدينة عدن وأردوه قتيلاً على الفور.
بالتزامن كان مسلحون آخرون يتبعون تنظيم القاعدة يقومون بعملية اغتيال مماثلة طالت ناشطاً في عدن يُدعى أنيس منصور الذي تلقى طلقات نارية في رأسه قضت على حياته.
وفيما ينفي المعيّن من قبل هادي مديراً لأمن عدن وجود الجماعات الإرهابية بصورة تفتقر للمنطق وسط اعتراف دولي بذلك غير أنه لم يفسّر من وراء تنفيذ القوانين التي تفرضها القاعدة في عدن ابتداء من تحكمها بتعيين مجلس حكماء عدن إلى منع الاختلاط وعمليات الاغتيالات والهجمات المسلحة على المعسكرات… إلخ.
تسير التصريحات التي تنفي وجود القاعدة وداعش في عدن في طريق ويسير وجود القاعدة وداعش في عدن وفرض سلطتهما عليها في طريق أشد وضوحاً.
ففي يوم الثلاثاء أي بعد 24 ساعة من عمليتَي الاغتيال التي قامت بها القاعدة بحق ناشطين قام مسلحوها بمهاجمة نقطة تابعة للحراك الجنوبي الذي يتواجَدُ بخجل في عدن.
ونقل موقع عدن الغد عن أحمد الإدريسي القيادي في الحراك الجنوبي أن مسلحين مجهولين هاجموا بالقنابل طقماً عسكرياً تابعاً “للمقاومة الجنوبية” خلال توقُّفه بالقرب من مقرّ البلدية.
وأشار الأدريسي أن الهجومَ أسفر عن إصَابَة أضرار بالطقم دون وقوع خسائر في الأَرواح.