اليمنيون لا بواكي لهم
بقلم / هاشم أحمد شرف الدين
لم تكن الصور المؤلمة لجثث الصيادين اليمنيين المائة والخمسين التي وجدت على الشاطئ كافية لتحظى بأدنى اهتمام إعلامي يمني أو عربي أو دولي، رغم تشابه مشاهدها وصورة جثة طفل سوري وجد منكفئا على وجهه على ساحل البحر الأبيض المتوسط. ذلك الطفل الذي هو واحد من اثني عشر سوريا قضوا غرقا في مياه البحر قبالة الساحل التركي بعد ان غرقت الزوارق التي كانوا يستقلونها في رحلتهم للبحث عن دولة ينتقلون للعيش فيها كلاجئين.
في غضون دقائق كانت الصورة قد انتشرت على التلفزيونات العربية والأجنبية بشكل كبير، مع إجماع لوسائل الاعلام على أن “الصورة قاسية وتلخص حال السوريين حول العالم”.
بعض الوسائل فضلت نشر الصورة كما هي، بينما قررت وسائل أخرى تمويه صورة الطفل لما تحمله من وجع.
كتبت أغلب الصحف والمواقع العالمية مركزة على الطفل وصورته.
قالت صحيفة “الاندبندنت”: “إذا لم تغير صورة هذا الطفل موقف أوروبا، فما الذي سيغيره؟”
مواقع التواصل الاجتماعي شهدت تفاعل الملايين من العرب والأجانب في العالم مع الصورة بشكل ملحوظ يشبه غضبا دوليا عارما..
في المقابل لم تحرك صور جثث المائة والخمسين من الصيادين اليمنيين الملقية على الشاطئ ساكنا، لم يلتفت لها أحد، على الرغم من كونها أكثر إيلاما وأشد تحريكا للغضب الإنساني..
فياللمفارقة، كان غرق طفل سوري مع اثني عشر سوريا في البحر خلال رحلة طلب لجوء، أهم لدى هذا العالم مختل المعايير مضطرب الموازين فاقد الضمير من مائة وخمسين يمني قضوا جراء قصف سعودي امريكي اسرائيلي لهم بينما كانوا يمارسون عملهم في جزيرة “عقبان” اليمنية، في واحدة من جرائم عديدة استهدفت تجمعات بشرية مدنية ارتكبها المعتدون ضد الشعب اليمني.
لست بصدد الاعتراف بقصور الإعلام اليمني في إيصال مثل هذه الصور إلى العالم، فأي أداء إعلامي مهما كان فاعلا سيضيع أمام تكالب إعلام العالم ضده.
كما أني لست إزاء عقد مقارنة بين حجم قوتي إعلامنا الوطني وإعلام الأعداء، لكني أمام مقارنة هدفها إبراز التناقض العجيب الذي يستمرئه عالم اليوم الذي يرفع شعارات إنسانية براقة، لكنه يستخدمها حيث تشاء الإدارات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية ويجمدها حيث تشاء..
ومع هذا فإنه ومع كل يوم يمر من العدوان، ومع كل جريمة يرتكبها ضد أبناء اليمن، تنكشف الأقنعة وتتجلى الحقائق، وتقام الحجة على الجميع، وفي مقدمتهم الصامتون الذين يظنون أنهم حكماء حين يقفون على الحياد في أكبر القضايا الأخلاقية حيث الظلم بين، والمظلومية واضحة، والقتلى بالآلاف، والجرحى بعشرات الآلاف، والتدمير الممنهج لا زال يستهدف كل يوم كافة البنى التحتية في اليمن.
تجاهل مجزرة عقبان يعني أن صيادي اليمن الشهداء لا بواكي لهم.. وصمت المسلمين والعالم على مظلومية الشعب اليمني تعني أن الشعب اليمني بكامله لا بواكي له..
لكنه بصموده الأسطوري لسبعة أشهر ونيف أمام قوى الباطل والاستكبار قادر على تحقيق الانتصار بفضل الله تعالى وبالثقة به والتوكل عليه..
فصبرا جميلا والله المستعان..