الخبر وما وراء الخبر

بلدوزر بن سلمان !

49

بقلم /عباس السيد

خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب أواخر 2015، وصف الأمير السعودي الملياردير الوليد بن طلال ” المرشح ترامب ” بأنه عار على الحزب الجمهوري وعلى أميركا كلها ، داعيا إياه إلى سحب ترشيحه للرئاسة الأميركية . ورد ترامب على الأمير بتغريدة شهيرة قال فيها : ” الأمير البليد الوليد طلال يريد التحكم بالسياسيين الأميركيين بأموال والده ، لكنه لن يستطيع فعل ذلك عندما يتم انتخابي ” .

بعد سنتين ، يبدو أن ترامب نفذ وعده أو انتقامه من الأمير الوليد الذي تم اعتقاله وتجميد أرصدته قبل أيام ضمن حملة بن سلمان المحمومة للانفراد بالسلطة.

وقد جاء اعتقال الوليد بن طلال بعد بضعة أيام من مغادرة ” جارد كوشنر ” كبير مستشاري ترامب وزوج ابنته الذي كان في زيارة سرية للملكة أجرى خلالها مباحثات وصفتها صحيفة ” جيروزاليم بوست ” الإسرائيلة بأنها هامة ، حيث بحث كوشنر مع بن سلمان فرص تدشين علاقات دبلوماسية بين الرياض وتل أبيب.

إذا ، هل تم اعتقال الوليد بن طلال إرضاءً لــ ” ترامب ” ؟ . قد لا يكون الجواب مؤكدا ، لكن المؤكد أن الأمير الوليد يعتبر خصما مشتركأ للرئيس الأميركي ولإبن عمه الذي يسير نحو العرش كالبلدوزر . ومثلما عارض الوليد ترشح ترامب ، عارض والده الأمير ” طلال بن عبدالعزيز آل سعود ” صعود محمد بن سلمان إلى السلطة .

سلك ” محمد بن سلمان ـ MBS ” طريقا وعرا نحو العرش السعودي ، وبات قاب قوسين أو أدنى من التتويج بعد أن جمع معظم أدوات القوة والمال في يديه ، وما كان له أن يقطع كل هذه المسافة في الطريق الوعرة دون حصوله على ” نظام دفع خاص ” للبلدوزر الذي يقوده ، وقد وفرت له الولايات المتحدة وإسرائيل هذا النظام الخاص .

لكن ذلك لن يمر دون ثمن ، ومثلما سيكون لهذا الطريق والضحايا الذين يتساقطون فيه تبعات وآثار، سيكون لـ ” نظام الدفع ” ثمن باهظ ، سيدفعه بن سلمان ومملكته.

الرئيس الأميركي ترامب والذي يعد أول الدائنين أو الداعمين ، لم يتأخر كثيرا بالمطالبة بالثمن ، فبعد عودة جاريد كوشنر من الزيارة السرية للمملكة ، دعا ترامب السعودية إلى إدراج شركة أرامكو، أكبر شركة نفط بالعالم والبالغ قيمتها تريليوني دولار، في بورصة نيويورك . إذ غرد ترامب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، قائلًا: سنقدر للغاية خطوة السعودية إدراج شركة أرامكو في بورصة نيويورك. إنه أمر مهم للولايات المتحدة.

إدراج أرامكو في بورصة نيويورك ، هو قسط ضئيل من أجمالي الدين الأمريكي في رقبة بن سلمان ومملكته . ترامب الذي بارك خطوات بن سلمان التي طالت حتى الأن 11 أميرا و38 مسؤولا ورجل أعمال ، بأعتبارهم كما قال كانوا ” يحلبون ” ثروات المملكة ، سوف ينفرد بالبقرة السعودية وحليبها إلى مالا نهاية ، ذلك هو الثمن لـ ” نظام دفع بلدوزر MBS ” .

إسرائيل ، الشريك الثاني في ” تصميم نظام دفع البلدوز ” سيكون لها نصيبها من حليب السعودية ، وهذا ما بشر به تقرير الـ ” جيروزاليم بوست ” الاثنين الماضي ، حيث أشار إلى أن ” الحوار المفتوح بين السعودية وإسرائيل يعد أهم تحول طرأ في المنطقة “، معتبراً أن الزيارة التي قام بها بن سلمان لتل أبيب في سبتمبر الماضي ” تدل على أن الرغبة السعودية بتحسين العلاقات مع إسرائيل لم تكن في يوم من الأيام أقوى مما هي عليه الآن”.