الخبر وما وراء الخبر

قوافل داعم مقاومة العدوان، المجتمع يُسقِطُ مؤشرات الاقتصاد!

37

بقلم / أنس القاضي

كلما اشتد الحصارُ زادَ الانفاقُ الشعبيُّ اليمني، دعماً للجيش واللجان الشعبية للمدافعين عن الوطن والحرية والاستقلال، إنها معادلة اجتماعية يمنية، لا يمكن لخبراء الاقتصاد الخليجي فهمُها أَوْ قياسُها!

لو اعتمدت اليمن، منذُ بداية العدوان على الدعم الرسمي لقوت الجيش واللجان الشعبية، لتوقف هذا الدعم المحدد في الموازنة، مع أزمة السيولة وإفلاس البنك المركزي، ورغم أن اعتمادات وزارة الدفاع التي كانت في الفترة الماضية، وتم الاستفادةُ منه فعلياً وبشكل كبير في مرحلة حكم “اللجنة الثورية” بتوجيه هذه الاعتمادات عسكريا، حيث كانت هذه الاعتمادات قبل ذلك توزع للبيروقراطية العسكرية، إلا أن هذه الموازنة الرسمية، ليست العماد الأساسي الاقتصادي لاحتياجات جبهة مواجهة العدوان.

اقتصادياً ومادياً بالمقارنة مع الموازنة السعودية الموظَّفة في العدوان على بلادنا والخسائر المهولة للاقتصاد السعودي، فصمودُ الجيش واللجان الشعبية بالمقارنة مع الإمْكَانيات اليمنية المحدودة يعتبراً لغزاً محيراً!

أمَّا اجتماعياً فمن حيث مقارنة أنفقته السعودية، بما ينفقه الشعب اليمني على الجبهة، فما يدفعه شعبنا هو أكبر وأغلى لأنهُ آتٍ مع كُلّ قطرة عرق، ومن كُلّ جهد عمل، وكل ممارسة تجارية، وخدمية، فيما الانفاق السعودي آتٍ من فضلة آبار النفط!

وعلى الرغم أن هناك مجهوداً حربياً مضافاً إلى أنشطة تجارية معينة لبرجوازية البلد، إلا أن المجهودَ الشعبي في بلادنا، يأخذ مغزاً اجتماعياً عميقاً لتطلع الشعب للحرية والاستقلال، إذ أن هذا الانفاق مأخوذ من لقمته.

ومهما تفاوت إنفاق كُلّ مواطن عن الآخر ومن منطقة لأُخْـرَى، وهو المرتبط بطبيعة الأرياف ونسبة الأنشطة الزراعية فيها وطبيعتها موسمية أم مستمرة أَوْ منعدمة، حيث توجد أرياف عمالية شبابها يعملون خارجها أَوْ خارج الوطني، وكذلك بالفوارق من حيث الأوضاع الاقتصادية من مدينةٍ لأُخْـرَى، إلا أنه اجتماعي الطابع، طوعي غير إجباري أَوْ قسري، يعبر فيه كُلّ منفقٍ عن انتمائه لهذه المواجهة المفتوحة مع تحالف عدواني يضم أثرى دول العالم، فيما تذيل اليمن بقوائم الدول الأشد فقراً في الكرة الأرضية.

يمكنُ ببساطة حسابُ الخسائر الاقتصادية والإمْكَانيات المادية بين دولتين قبل تفكير إحداها بالحرب على الأُخْـرَى، ولكن هذا ما لم يحسبه السعوديون بشكل صحيح في عدوانهم على اليمن رغم أن الملف الاقتصادي من أول أسلحة العدوان التي ترافقت مع القصف.

فشل وعدم ملامسة وعلمية التحليل السعودي للوضع اليمني اقتصادياً، ولتأثير الاقتصاد على الصمود العسكري، ليس أساسه فقط أن الاقتصاد اليمني متخلف في بُنيته وفي معظمه أنشطة خارج الآليات الرسمية والقنوات الاقتصادية التي يمكن رصدها، بل وأيضاً؛ لأن المجتمع اليمني يحمل من القيم الاجتماعية القبلية والوطنية والدينية والتطلعات النفسية في مواجهة عدو تأريخي، ما يجعله صامداً على الجوع ومنفقاً على الجبهات، كما لم يكن بمخيال أي مركز دراسات أَوْ محلل اقتصادي عسكري للتحالف.

وحتى لا تبتهج الحكومة، الفاسدة فإن حديثنا هذا لا يُعفيها، من النكسات الاقتصادية التي تمر بها البلد، وخَاصَّة في الأمور الخارجة عن التأثير المباشر للعدوان، والتي كان بالمقدور التنبه إليها وإدارتها بشكل علمي وبمسؤولية وطنية، كما أن مسألةَ تشكيل جبهة اقتصادية اجتماعية تعزز صمود المجتمع ما زالت ضرورة، فإذا كان الانفاق الشعبي يسند المقاتلين والمجاهدين الوطنيين، فإن عمومَ الشعب من الكادحين والجياع لا يسندهم أحدٌ، ولا يكفي التكافُلُ الاجتماعي لمساعدتهم، خَاصَّة مع توقف الرواتب وتآكل الطبقة الوسطى، مما يعني ضرورةَ مراجعة السلطة السياسية العليا لوضع هذه الحكومة التي تسمى زيفاً بالإنقاذ الوطني!