الخبر وما وراء الخبر

الحرب على اليمن مستمرة

52

بقلم / جميل أنعم

قدَّم الملك غير المتوج محمد بن سلمان أوراق اعتماده كملك لبني صهيون بالقول أن الحرب مستمرة على اليمن في 26 أكتوبر 2017م، تماماً كما قدم جده عبد العزيز بن سعود أوراق اعتماده كملك للصهيونية العالمية بمنح فلسطين لليهود المساكين في مؤتمر العقير 1923م للسير البريطاني الصهيوني “برسي كوكس”.. تماماً كما قدم عَمَّهُ فيصل أوراق اعتماده كملك للصهيونية خلع أخيه الملك سعود، وحارب المد الثوري اليمني والمصري والسوري، انتهت بمصر للاعتراف بإسرائيل 1979م واعتدال جمهورية 26 سبتمبر اليمنية والوصاية السعودية.. هذا من الزاوية رقم (1).

ومن الزاوية رقم (2) فإن الحرب السعودية على اليمن، يمن التاريخ والدين والوطنية والقومية والثورية والجغرافيا مستمرة، سواء كان اليمن بنظام ملكي إمامي وطني، أو جمهوري ثوري، أو حتى جمهوري معتدل، حتى جمهورية 21 سبتمبر 2014م.

ومعظم الحروب الأهلية الداخلية والصراعات السياسية والانقلابات والاغتيالات في اليمن كانت بطلب سعودي أمريكي صهيوني، وقبل تأسيس السعودية شن بن سعود عبد العزيز عدوان على عسير اليمنية في صيف 1932م، واحتلها بالكامل، وفي 18 سبتمبر 1932م قامت المملكة السعودية.

وفي إطار توحيد اليمن التاريخي ضم الأمير أحمد حميد الدين نجران إلى اليمن في أبريل 1933م، وفي أكتوبر تم ضم منطقة بدر والتوجه نحو تحرير عسير، وبن سعود يتجه لأساليب الغدر ويطلب التفاوض، وينعقد مؤتمر أبها مارس 1934م وفي المؤتمر يعرض بن سعود أن تكون نجران منطقة محايدة.. وفي نفس الوقت شركة “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا” لاحقا شركة “أرامكو” تقدم قرضا ماليا لشراء السلاح لبن سعود الذي يشن هجوماً مباغتاً ومن محورين على الشمال وعلى الساحل الغربي واحتلاله حتى قرب تعز، ويتعثر بن سعود في الشمال ويأمر ابنه فيصل بالانسحاب من الساحل الغربي لأن اليمن مقبرة الغزاة كما ورد في مذكرات جون فيلبي.

وفي 15 مايو 1934م تم توقيع معاهدة الطائف “معاهدة الصداقة الإسلامية والأخوة العربية” ونصت المعاهدة على أن الشعبين السعودي واليمني هما من أمةٍ واحدة وإقامة علاقات سلمية وودية بين البلدين ومده المعاهدة عشرون عاماً وبعدها للاستفتاء الشعبي بحق تقرير المصير لنجران وجيزان وعسير.. والإمام أحمد حميد الدين يمدد المعاهدة لمدة عشرون عاماً.. وفي مارس 1973م وبعد زيارة رئيس وزراء الجمهورية العربية اليمنية “الحجري” للسعودية صدر بلاغ سعودي يمني مشترك في 18 مارس، نصَّ على أن الحدود بين البلدين “ثابتة ونهائية”.

والحركة الوطنية اليمنية تعتبر ذلك خيانة لليمن ويتعرض الحجري لمحاولة اغتيال، والجمهورية اليمنية عام 2000م تتنازل نهائياً عن عسير ونجران وجيزان مقابل “حسن الجوار” بموجب “معاهدة جدة” التي رمت بها السعودية عرض الحائط في عدوان مارس 2015م وضم 42 ألف كيلو متر مربع من حضرموت أكتوبر 2017م.

وما بين عدوان 32م و2015م المباشر من السعودية هناك الكثير الكثير من أشكال وأنواع وأصناف العدوان السعودي الغير مباشر على اليمن شمالاً وجنوباً وبأدوات محلية وأهمها نشر التكفير الوهابي والإخواني، لأجل صراع مستمر وحروب لا تنتهي لهدف صهيوني استراتيجي بامتياز.

لذلك الحرب مستمرة على اليمن من الزاوية رقم (3) لاغتيال اسم وشعب وتاريخ اليمن، وتجلى ذلك في دستور أقاليم هادي بستة أوطان وستة شعوب ومقاطعات وحكم ذاتي تنتهي إلى اختفاء اليمن بالشعب والأرض والجغرافيا والوطنية والقومية والتاريخ، وبدلاً من اليمن والشعب اليمني، يظهر شعب ودولة آزال، وشعب ودولة سبأ، وشعب ودولة الجند وعدن وحضرموت.. إلخ.

تماماً كما تم اغتيال الحجاز ونجد بالسعودية، اغتيال شعب الحجاز ونجد بالشعب السعودي منقطع التاريخ والأصل، تماماً كما تم اغتيال الشام وشعب الشام بأربعة شعوب وأوطان، سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، تماماً كما تم ويتم اغتيال فلسطين بإسرائيل، ولاحقا اغتيال ما تبقى من شعب الضفة وغزة بيهودية إسرائيل، لتظهر الخارطة التاريخية والجغرافية للوطن العربي منقطعة عن أصلها وفصلها وبزعامة إسرائيل الصغرى أو الكبرى، تماماً كما ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية على حساب شعب وبلاد الهنود الحمر.

لذلك كله فالحرب على اليمن مستمرة بالسعودي وغيره، لنيل رضى المخلوق بني صهيون أولاً وأخيراً، وكل المبررات والأسباب وغيرها لشن الحروب والعدوان والاحتلال على اليمن من 1933م حتى تاريخه ماهي إلا ذر الرماد في العيون لتمرير الوسائل للوصول للغاية والهدف الصهيوني الأمريكي، مبررات وأسباب تشكل طعم يبتلعها أصحاب المشاريع الصغيرة ومتعطشي السلطة والمال والتوريث.

ومنذ ذرائع الحفاظ على الأمن القومي العربي وخطر الفرس وهلم جراً من الأسطوانات، علمنا أن نهاية الكيان قد دنت ولاحت بالأفق، ولا جديد ولا ضير من إضافة ذريعة حزب الله الجديد على حدود السعودية، نحن في بلد ديمقراطي والشعب يحكم نفسه بنفسه بالصناديق، وغداً، نعم غداً، ولنذهب إلى أحد الاحتمالات المنطقية، إذا فاز أنصار الله بالانتخابات المفترضة بأغلبية ساحقة وباعتراف مراقبين دوليين، وكان لهم اليد الطولى في إدارة البلاد سياسياً واقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً، فهل سيستمر الخطر على الأمن القومي العربي والخطر الفارسي ونموذج حزب الله جديد، أم سينتهي؟!، إذن الشرعية وذرائع الحرب لا تلتقي في نقطة مشتركة على الإطلاق، لأننا في بلد حر وشعب تواق للحرية والكرامة يقرر مكانته السياسية كيفما يشاء، ولسنا في بلد الملك والأمير دستورنا، وأمريكا والسفير شرعيتنا، وبالتالي الحرب مستمرة والذرائع مستمرة، الآن وقديماً وفي أي وقت.

وإذا كانوا لن يقبلوا بحزب الله جديد على حدودهم، فالأحرى لنا ومن حقنا ألّا نقبل بإسرائيل جديدة على حدودنا، وبانحياز الشعب اليمني الأصيل للقرآن الكريم والمسيرة القرآنية المباركة فإن الحرب الصهيونية وبواجهة بن سعود على اليمن ستنتهي هذه المرة بزوال الكيان السعودي قريباً وقريباً جداً جداً، والذي يحاول الغرب إنقاذه بتدويره إلى علمانية بن سلمان والاعتراف العلني بإسرائيل، لذلك لا غرابة ولا عجب من تصريح بن سلمان، فهي امتداد لقواعد جده عبد العزيز وعمَّهِ فيصل بتقديم أوراق الاعتماد للغرب الاستعماري والصهيونية.

والمسيرة القرآنية المباركة بالمجاهدين الصامدين ستقلب السحر على الساحر والحاخام والعم سام، وغداً سترون شعب الحجاز ونجد يسترد هويته وتاريخه الأصيل، تاريخ جدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، قادر يا كريم.