الخبر وما وراء الخبر

عملاء أمريكا .. ذات المصير … تكرار ولا اعتبار

88

بقلم / حمير العزكي

غادر مسعود برزاني المشهد السياسي يجر أذيال الهزيمة والانكسار ويتجرع كؤوسا مريرة من الخيبة والحسرة ، نهاية مخزية لتاريخ حافل بالعمالة المغلفة بالنضال ومسيرة طويلة من كفاح المتاجرة بالقضية ، وتحت مظلة القومية ومصير ومستقبل الامة الكردية ، تحالف مع الشيطان الاكبر وتآمر مع الكيان المحتل الغاصب ضد أبناء وطنه ودينه، مستغلا لكل المتناقضات ومستفيدا من كل الصراعات في تحقيق مصالحه ومصالح حلفائها الغرباء على حساب أخوانه وجيرانه الأقرباء ، ظن لوهلة وفي حين غفلة من الزمن أنه قد نجح في تحقيق ما يريد و ربح المعركة تدفعة نشوة ذلك النجاح الزائفة الى تجاهل ماهو قادم والتغافل عن الاستحقاقات الحتمية داخل قوميته وخارجها في اطار أمته ، فكان الاستفتاء الذي دعى له استفتاءا على زواله لا على استقلاله ، لقد كان مبالغا في إستناده على أمريكا واسرائيل واعتماده المطلق على دعمهما له أوقعه في شراك خسارته المدوية ، وفجأة ودون سابق اشعار يتلاشى أمام عينيه كل ذلك ، ليغادر وهو يرسم مشهدا لطالما تكرر لكل خدام وأذناب أمريكا وإسرائيل ، مشهد مألوف ولكنه اختزله هذه المرة بجملة واحدة ( لم نكن نتوقع ان تتخلى أمريكا عنا بهذه السهولة ) .

ما يهمنا في هذا المشهد التراجيدي وما يخصنا في دراماتيكية أحداثه وشخوصه وما يعنينا من فسيفسائيته المتداخلة الألوان ، هو انسحاب ذلك المشهد على مسرحية ميلودرامية نعيشها بكل إمتداد المأساة وكل أبعاد الملهاة ، فصراعنا مع عملاء وأذناب أمريكا واسرائيل مستمر ، ومعركتنا مع خدامهما وأدواتهما في الداخل والخارج مستعرة ، ومأساتنا و ضحايانا من قتلتها المأجورة منهم والمجرمين بالوكالة تتزايد بوتيرة هيستيرية ، وكل هذا دون اعتبار رغم التوالي والتكرار في علاقات أمريكا مع عملائها كما تعاملهم وحلفائها كما يزعمون .

فمن لم يعتبر من مصير شاه ايران ومصائر من تلاه من ملوك وزعماء المنطقة والعالم، فرادى أو جماعيا كما حدث في العام 2011 م ، لعله يعتبر من مصير البرازاني الذي لم تجف دمعة ندمه بعد ولم يبرد وجع خيبته وحسرته حتى اللحظة، لماذا يستمر النظام السعودي في التغابي والتعامي وتكرار نفس السيناريو الذي اعتمده كل من هلكوا قبله من عملاء امريكا ابتداء بالشاه وانتهاءا بالبرازاني، فنراه مستعديا ومعتديا مباشرة او غير مباشرة على كل محيطه العربي والاسلامي، مستغنيا عن كل محيطه بدعم وتأييد أمريكي، ونراه مؤججا لمشاعر الحقد والكراهية تجاهه من كل شعوب المنطقة بمافيها شعبه مستعيضا عنها بمشاعر الود والألفة مع أمريكا، ثم يؤكد السير على نفس المنوال بحثه الخطى نحو تطبيع العلاقات مع اسرائيل في سبيل ارضاء امريكا قاطعا لكل علاقاته مع اشقائه وجيرانه او مجمدا له دبلوماسيا ومضرما نيرانها تأمريا وتخريبيا، ألا تنبؤ الخطوات المتطابقة على ذات المصير المحتوم !!!

لماذا لا يعتبر من كانوا في مستوى أدنى من العملاء وأقل من الأذناب لأمريكا في الداخل ولم يحظوا حتى بمجرد تفكير الامريكي في مصيرهم فتخلى عنهم دون تردد وسلم أمرهم لعملائه وأذنابه في المنطقة ورغم ذلك لم يعتبر ولم يستنكف على نفسه محاولة الفوز بالقبول والحصول على وظيفة عميل من الدرجة الثانية وتحت وصاية واشراف عملاء الدرجة الأولى والاذناب الأكثر التصاقا بمؤخرة امريكا، لماذا لايعتبر عملاء العملاء وخدام الخدام وأذناب الأذناب من مصائر منهم أهم وأكثر قيمة منهم عند الأمريكي والصهيوني !!!

ولماذا لا يعتبر من كانوا ومازالوا يراهنون على النظام السعودي معتقدين أنه لايمكن لأمريكا بل يستحيل أن تتخلى عنه ، رغم ما يرونه من اضطراب سياسي في الاسرة المالكة، وتغييرات اجتماعية كارثية تحت شعارات اصلاحية تقدمية حضارية، وخسائر ومشاكل اقتصادية مستمرة في التصاعد، بالإضافة الى ما تسببت به حرب النظام السعودي العدوانية والعبثية ومجازره الوحشية وجرائمه الهمجية بحق الشعب اليمني المظلوم بل وبحق الانسانية، من تبعات سياسية واخلاقية وانسانية تجعل من ذلك النظام عبئا ثقيلا تكلفته كبيرة جدا سرعان ما يبادر الأمريكي الى رميه عن ظهره والتخلي عنه وتركه يواجه مصيره دون أي اهتمام بل وبكل مثبتات البراءة منه ، ليواجه المراهنون على النظام السعودي ذات المصير وذات المأل وذات العاقبة .