الخبر وما وراء الخبر

من على منبر الجزيرة .. أي رسالة مزدوجة أوصلها عبد السلام

102

رسالة محمد بن عبد السلام إلى محمد بن زايد بأن عاصمته وقواعده العسكرية أينما تواجدت باتت في متناول الصواريخ اليمنية وصلت بشكل أكثر إيلاما هذه المرة من سابقتها عبر تويتر، والأكثر استماعا خليجيا وعربيا ودوليا، وبحذاقته المعهوده اقتنص محمد عبد السلام المكان الملائم لإيصال تهديده عبر شاشة يقف أمامها الكثير من المستثمرين الدوليين ولديها من الإمكانيات الكثير لإشاعة الاكتئاب في دولة السعادة المزعومة.

المقابلة التي أجرتها قناة الجزيرة مع محمد عبد السلام الناطق الرسمي لأنصار الله مساء الأحد حظيت باهتمام محلي ودولي لافتين، لكونها المرة الأولى التي تستضيف فيها الجزيرة مسئولا في أنصار الله بهذا الحجم خلال العدوان السعودي الأمريكي على اليمن منذ مارس ألفين وخمسة عشر، وهي نقلة نوعية تؤشر لمتغيرات جمة ومخاض تمر به المنطقة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المكاشفة التي يدلى بها رئيس الوزراء القطري السابق ووزير خارجيتها الحاذق محمد بن جاسم آل ثاني عبر التلفزيون القطري والفايننشال تايمز وتتصل بكشف حقيقة أحداث عاشتها المنطقة ولاتزال تعاني آثارها، ولايبدو أن هذه المكاشفة ستتوقف، في ظل استمرار أزمة خليجية فاجأت المراقبين الإقليميين والدوليين.

أهمية اللقاء تكمن في تناوله قضايا جوهرية تتصل بحقائق العدوان على اليمن، ووجه خلاله الناطق الرسمي لأنصار الله الكثير من الرسائل المهمة إلى الداخل والخارج، وبالأخص إلى الأطراف ممن تمون الدوحة عليهم  وإن كانوا يتواجدون في الرياض ويقاتلون نيابة عن جنودها.

حيث مد يد السلام إلى الأطراف الداخلية المناوئة والتي قال إنها هي مسلوبة الإرادة حتى في مسألة إطلاق سراح أسراها، لافتا إلى تصريحات بن سلمان وإدراج بعض قياداتهم في خانة الإرهاب ليكونوا كباشا لتدخل أمريكي، كافية لإزالة أي غشاوة عن الحقيقة المرة، ومن المعيب أن يبقوا وقودا لحرب يمنية سعودية إماراتية وأمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى.

مؤكدا أن جبهات الداخل ستتوقف في اليوم التالي لتوقف الدعم السعودي الإماراتي المستهين بالدم اليمني، ولا يألم الا لقتلاه على الحدود الشمالية ويسعى لوضع اليمنيين والسودانيين دروعا لهم تحميهم من ضربات الجيش واللجان التي تطالهم رغم كل اجراءاتهم بشكل يومي.

وقال عبد السلام  إن الأوضاع القائمة في اليمن ما قبل مارس ألفين وخمسة عشر لم تكن لتبرر حربا بهذه القساوة وتحالفا بهذا الحجم، وصنع مأساة عالمية بهذا القدر، مشيرا إلى إحاطة جمال بن عمر المبعوث الأممي السابق الأخيرة لمجلس الامن بان الاتفاق السياسي بين الأطراف اليمنية كان قد أنجز ويجري وضع اللمسات الأخيرة عليه، وأتت عاصفة الحزم لتخلط الأوراق.

وقال: تصريحات بن سلمان الأخيرة تفضح أهداف الحرب بشكل أكبر، وأنها لم تكن من أجل إعادة شرعية مزعومة، أو سواد عيون اليمنيين، وإنما أتت لتحقيق أهداف أمريكية إسرائيلية في استعادة الهيمنة على اليمن والسيطرة على باب المندب.

وحول رده على سؤال مذيع الجزيرة حول الدور الإيراني في اليمن، سخر عبد السلام من هذه الاسطوانة المشروخة والهزلية، بالقول السعودية تحاصر اليوم مطار صنعاء وليس مطار مهر آباد وتقصف المناطق اليمنية لا الإيرانية.

وقال بان السعوديين يعطون الإيرانيين حجما أكبر منهم، ويصنعون العدوات من حولهم تحت هذا المبرر، مؤكدا بأن العدوان فرض على اليمنيين تطوير قدراتهم التسليحية محليا في ظل الحصار، ومن غير المعقول إن تتوقع الرياض وابوظبي ان يقتصر الرد اليمني على قصفها بالحجارة.

مضيفا بان القوة الصاروخية اليمنية ماضية في تطوير قدراتها لتنال كافة القواعد والمناطق العسكرية التي تنطلق منها الطائرات التي تغير على حافظات اليمنية بشكل يومي وترتكب أبشع الجرائم بحق المدنيين والقيادة الثورية تقرن الفعل بالقول.

واستطرد: يمضي التطوير في كل المسارات العسكرية بريا جويا وبحريا، بما في ذلك تخريج الدفع العسكرية، حيث تخرج 10 آلاف مجند مؤخرا بينهم الكثير من أبناء المناطق الجنوبية الذين فروا من جحيم الاحتلال الإماراتي.

وحول جدوى بقاء المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ كشف عبد السلام عن أن ولد الشيخ ظل يمارس الخداع على العالم في تقديمه رؤى ومبادراته وهو لم يقدم شيئا منذ تعيينه باستثناء تقديم طلبات سعودية وإماراتية والتحدث إلى مجلس الامن عن وجود مبادرات وحلول.

وفي هذا السياق أعلن استعداد اليمن لحوار يمني سعودي مباشر او حوار يمني سعودي إماراتي، أو يمني خليجي أيا يكن يفضي إلى وقف العداوان ومعالجة المخاوف لدى جميع الأطراف، وتحفظ في الوقت عينه استقلال القرار اليمني وتؤسس لعلاقات حسن جوار لا تبعية كما تريد ذلك الرياض حتى من حلفائها في إشارة إلى الأزمة مع قطر التي تدور في الفلك الأمريكي وارادت الاحتفاظ ببعض الاستقلال في السياسة الخارجية.

وفي الخلاصات فإن لظهور محمد عبد السلام على قناة الجزيرة في هذا التوقيت تداعيات عديدة من نواحي كثيره سياسية و‘علامية سنشهد تفاصيلها في الأيام القليلة المقبلة، من خلال فضح شعارات وذرائع دول العدوان التي تتستر خلفها للاستمرار في العدوان على اليمن.. وتدمير كل ما له علاقة بحياة الشعب اليمني خلال ثلاثة أعوام من العدوان..

وهو عبر منبر الجزيرة الذي كما أسلفنا يصل إلى دائرة كبيرة في المنطقة والعالم أعلن امتلاك أنصار الله رؤية للحل والسلام ومطلب اليمنيين البسيط المتمثل بحقهم في استقلال القرار لا أقل، حيث أكد أن مادونها خرط القتاد.

وفي دلالة التوقيت يأتي اختيار الرجل لظهوره على شاشة الجزيرة في خلافات كبيرة بين الإصلاح ودول العدوان والجنوبيين وكل من رادف العدوان وثبتت لهم الأحداث أن ما يجري هو احتلال بكل المقاييس وقد عبروا عنه هم أنفسهم في هذه الفترة، وهو بعث إليهم برسائل مطمئنة.

وللإنصاف فمنذ اندلاع الأزمة الخليجية تثبت الجزيرة تفوقها بوجه الإعلام السعودي الإماراتي، وتمكنت بوقت قياسي من انتزاع المبادرة والقفز إلى صدارة اهتمام المشاهد العربي من خلال نافذة الأزمة والحصار على قطر الأهون بكثير من الحصار المفروض على اليمن ويدفع إلى مجاعة هي الأكبر عالميا في العصر الحديث.

وهي تضيف لرصيدها نقطة غاية في الأهمية وعالية القيمة ترفع من حجم مشاهديها كما ونوعا، باستضافة قيادي بحجم محمد عبد السلام في أنصار الله التي أعلن بن سلمان قبل أيام انه يخشى تحولها لما أسماه حزب الله اخر على حدود مملكته، ونصب نفسه نتنياهو ثان لمواجهته، في محاولة مفضوحة لتبرير حرب على ليمن بأكمله لإخضاعه مرة أخرى للوصاية السعودية.

وعلى المقلب الآخر تبدوا العناية الإلهية تحوط أنصار الله وتمكنهم من إدارة الحرب، بعقلية أفضل من جنرالات وخبراء تستأجرهم الرياض وأبوظبي وتدفع لهم ملايين الدولارات شهريا، وتجيير كل متغيرات المنطقة لصالحهم، يساعدهم في ذلك صمود شعبي منقطع النظير، وحماقة المحمدين.

ـــ إبراهيم الواعي