الخبر وما وراء الخبر

صحيفة عطوان تُعلّق على تهديدات محمد عبدالسلام لأبوظبي

200

ذمار نيوز | رأي اليوم 29 أكتوبر، 2017

خصصت صحيفة رأي اليوم التابعة للمحلل السياسي عبدالباري عطوان ، افتتاحية عددها الصادر اليوم الأحد ، بمقال تحدّث عن التصريحات التي أطلقها الناطق الرسمي لأنصارالله محمد عبدالسلام على قناة الجزيرة القطرية ، والتي أعلن فيها العاصمة الإماراتية أبو ظبي كهدف عسكري صريح ومباشر للصواريخ اليمنية.

نص المقال:

ماذا يعني دخول قناة “الجزيرة” خط الازمة اليمنية وفتح قنواتها للحوثيين؟ ما هي القرارات المتوقعة من اجتماع الرياض المشترك المفاجيء لوزراء وقادة جيوش دول التحالف؟ وهل ستضرب صواريخ صعدة ابو ظبي فعلا؟

يبدو ان التصعيدين، العسكري والسياسي سيكونان ابرز تطورات الازمة اليمنية التي تقترب من اكتمال عامها الثالث، وما يدفعنا الى ذكر هذه التوقعات، الاجتماع المشترك الفريد من نوعه الذي ستستضيفه الرياض غدا (الاثنين) ويضم وزراء خارجية وروؤساء اركان جيوش التحالف المنخرطة في الحرب.

مؤشرات هذا التصعيد يمكن حصرها في عدة تطورات تبدو من الصعب القفز فوقها:

الأول: توعد السيد محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم تيار “انصار الله” الحوثي، في مقابلة مع قناة “الجزيرة” باستهداف العاصمة الإماراتية ابو ظبي، بالصواريخ الباليستية، وتصعيد العمليات العسكرية على الشريط الحدودي مع المملكة العربية السعودية.

الثاني: تأكيد الرئيس علي عبد الله صالح ان الحرب يمنية سعودية، وليست حربا بين اطراف داخلية يمنية مثلما يروج البعض، واستناده الى تصريحات قبل أيام معدودة للامير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، قال فيها ان الحرب في اليمن ستستمر لمنع الحوثيين من التحول الى “حزب الله” أخرى جنوب المملكة.

الثالث: خروج متسارع لحزب “الإصلاح” اليمني من معسكر دول التحالف واقترابه بشكل متسارع من المعسكر الآخر، أي المعسكر الحوثي المؤتمري، وينعكس هذا التقارب في تصريحات قياداته الانتقادية للتحالف، ولدولة الامارات العربية المتحدة، التي اقصته وانصاره عن أي دور في الجنوب اليمني الذي تسيطر عليه ميدانيا.

الرابعة: بدء تطبيق الولايات لاستراتيجيتها الجديدة التي تنقل فيها الازمة اليمنية، من موضوع هامشي”، الى موضوع استراتيجي واعتباره ميدانا لمواجهة النفوذ الإيراني وحلفائه الحوثيين، ومواجهة إرهاب “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، وباقي التنظيمات السلفية، حسب بيانات وزارة دفاعها الأخيرة.

اطلاق “انصار الله” صاروخا باليستيا على نجران جنوب المملكة، قالوا انه استهدف مخزنا للأسلحة، بينما قال التحالف انه سقط في مجمع سكني مما أدى الى حدوث حرائق واصابات خفيفة، يؤكد ان القدرات الصاروخية للحوثيين تتطور، وهذا يشير الى امرين: الأول وصول امدادات جديدة من صواريخ متطورة سواء من ايران او لبنان او جهات أخرى، والثاني، تصنيع هذه الصواريخ داخل اليمن بالاستعانة بتكنولوجيا إيرانية.

هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها الحوثيون بضرب ابو ظبي بصواريخ باليستية، ولكن يبدو انهم يكررون هذه التهديدات كخطوة استباقية، لما يمكن ان يتمخض عنه مؤتمر الرياض السياسي والعسكري المشترك عن قرارات وخطوات بزيادة الضغوط عليهم من خلال تكثيف الهجمات العسكرية.

من المؤكد ان الامارات تملك منظومة صاروخية دفاعية قوية عمودها الفقري صواريخ “باتريوت” القادرة على التصدي لاي صواريخ حديثة باليستية، على غرار ما فعلت نظيرتها السعودية سابقا، ولكن مجرد توجيه هذه الصواريخ الى العاصمة الإماراتية الآمنة، يشكل تطورا خطيرا، وصداعا مزمنا.

الرئيس السابق علي عبد الله صالح شخّص الازمة تشخيصا مصيبا ووثيقا، عندما قال ان الحرب بين اليمن والسعودية، موحيا بضرورة تفاوض الجانبين اليمني والسعودي للتوصل الى حلول لها بعيدا عن الحكومة “الشرعية” اليمنية التي تتخذ من الرياض وعدن مقرات لها، ولكن هذه المفاوضات باتت اصعب من أي وقت مضى، لان أمريكا دخلت على الخط بقوة، وقررت تكثيف وجودها وعملياتها العسكرية، ولان السعودية لا تريد هذه المفاوضات ولن تنخرط فيها طالما استمر “انصار الله” وصواريخهم يشكلون خطرا عليها، ويهددون مدنها الجنوبية وامنها واستقرارها.

“حزب الله” يمني يترسخ في شمال اليمن، ويزداد قوة يوما بعد يوم، ويقيم شبكة من التحالفات قوية داخل اليمن وخارجه، وبات يمتلك ذراعا إعلاميا قويا يتجسد في قناة “الجزيرة” التي باتت تفتح له صدر شاشاتها، ولهذا فإن الامر المؤكد ان الحرب ستستمر، مثلما قال الأمير محمد بن سلمان، والأكثر من ذلك انها ستطول، مثلما نعتقد نحن في هذه الصحيفة “راي اليوم”، وستدخل في الأسابيع والاشهر المقبلة مراحل مختلفة حافلة بالمفاجآت والصدمات أيضا.