26 سبتمبر: الثورة المخطوفة في منطقة مخطوفة!
بقلم: علي المحطوري
ليس لأحد أن يحتفل بنجاحه في ابتلاع الثورات وحرف مسار الجمهوريات مثل آل سعود.
لقد أظهروا براعةً يعجز عنها الشيطان في إغواء الشعوب والأنظمة على حد سواء، وإشغالهم بفتن داخلية تبعدهم عن طريق الدولة القوية العادلة ذات القرار الوطني السيادي المستقل، وعن مشروع الأمة ذات الرسالة العالمية الخالدة.
إن الملكية السعودية حوتٌ كبير يكاد أن ينفجر من كثرة ما ابتلع من ثورات وجمهوريات، وهو حوتٌ يعيش في محيط أمريكي هو الآخر متخمٌ بتطلعات شعوب ومصائر أمم أبيدت على مستوى الكرة الأرضية.
ففي الرياض يقبع شيطان رجيم له في كل مرحلة لحافٌ يلتحفُ به، فتارة يعلن غيرتَه على الإسلام لضرب القومية الناصرية وباقي التيارات اليسارية، ولما انهزمت تلك القوى وتلاشت من الساحة، استعادت بعضُ الشعوب هويةً ذات خلفية دينية تحررية نهضوية، فحرك شيطانُ الرياض في مواجهتها نزعةً عروبية كانت إلى وقت قريب كفرا بواحا.
وعلى غرار ما يحكى عن خطف “الطفلة بثينة” من صنعاء لتظهر في الرياض، فذلك مثال بسيط يقرب إلى الأذهان طبيعةَ الدور الموكول به أمريكيا إلى السعودية بما يجعلها آفةً تبتلع كل ما ومن يعترض الهيمنة الأمريكية على المنطقة. فكما خطفت “بثينة” خطفت الجمهورية والثورة منذ قيامهما قبل نصف قرن، ثم اتسعت “شهية الابتلاع” لتطال اليمن فكان العدوان الشامل والغاشم.
وغير اليمن، فقد طالت اليد السعودية معظم العالم العربي والإسلامي هدما وتخريبا وتكفيرا وتمزيقا وتقسيما. وها هو العراق يواجه خطر “انفصال إقليم كردستان” بمؤامرة سيق إليها الأكراد بغواية أن تكون لهم دولة، وهم علموا أو لم يعلموا أنهم في عراق قوي وعادل أقوى شأنا وأعز جانبا من انفصال لن يحقق لهم ما يطمحون، وإنما سيكونون حطبًا “لتصفية حسابات إقليمية”، متورطٌ فيها كل من “السعودية والإمارات وإسرائيل”، ولكل من ذلك الثلاثي الشيطاني هدفٌ يسعى إليه.
فالسعودية ومعها إسرائيل تسعى إلى مناكفة إيران بجيب كردي يشغلها عند الحدود، ومثلهما الإمارات الطامعة أيضا إلى مشاغلة تركيا انتقاما من دعم الأخيرة للإخوان المسلمين ولقطر. وكل ذلك على حساب أمن واستقرار ووحدة العراق.
ومع ظهور حلف ثلاثي مناوئ يتشكل من حكومة بغداد وكل من طهران وأنقرة لمواجهة “مؤامرة انفصال كردستان العراق” يتضح كم كان أردوغان غبيا حين ألقى بكل ثقله وراء مشروع إسقاط الدولة المركزية في سوريا، وها هي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الشريكتان معه في تدمير سوريا ينقلبان عليه بدفع أكراد العراق إلى انفصال تراه أنقرة مؤججا للأكراد لديها أن يسعروا من حربهم الممتدة منذ 30 عاما.
ومع عميق الأسف على ما آلت إليه أوضاع العراق، إلا أننا كيمنيين علينا أن نكون يقظين لمخطط تقسيم يتمثل بمؤامرة الأقاليم الجارية تنفيذها بقوة الطائرات الإف ستة عشر الأمريكية، العاملة بنشاط منقطع النظير في العدوان على اليمن سعيا لتشظيه كنتونات متصارعة إلى يوم الدين.
وبمقدار ما الإمارات متورطة فيما يجري في المحافظات الجنوبية، فالسعودية هي ممر كل مؤامرة خدمة للأجندة الأمريكية والإسرائيلية. وليس صدفة أن يقول وزير خارجية السعودية من على منبر الأمم المتحدة قبل أيام (بأن بلاده لا ترى مبررا لاستمرار “النزاع الفلسطيني الإسرائيلي”)، وترجمةُ ذلك هو بتفجير المزيد من الأزمات والحروب داخل البلدان العربية لتطمئن إسرائيل بالأمن والاستقرار.
والخلاصةُ أن هذه المنطقة ابتليت بما لم تبتل به على مر التاريخ، ولا حل إلا بإسقاط نظام سعودي ملكي تآمري استباح كل روح البلاد وظل يوزع للعبيد أوسمةَ الجمهورية والعروبة والإسلام كشيطان رجيم يمنح الأباليسَ مفتاحَ الجنة.