ماذا يعني الانتشار العسكري الأمريكي في مختلف أنحاء العالم؟
تنتشر القوات العسكرية الأمريكية في أكثر من 150 بلداً حول العالم، وتتوزع هذه القوات بين برية وبحرية وجوية وتتفاوت أعدادها وإمكاناتها بحسب مناطق تواجدها، وما تمثله من أهمية بالنسبة للمصالح الأمريكية العليا.
ورغم صعوبة إعطاء أرقام محددة للعسكريين الأمريكيين في الخارج، فإن بيانات متعددة لوزارة الدفاع الأمريكية تشير إلى أن هناك حالياً 150 ألفاً و560 جندياً يخدمون في بلدان أجنبية، لكن هذا العدد لا يشمل بلداناً كثيرة حيث لا تكشف واشنطن عن ذلك، نظراً لما قد يسببه من إحراج لها أو للدولة المضيفة.
والتواجد العسكري الأمريكي يتركز في شرق آسيا خصوصاً في اليابان (حوالي 40 ألف عسكري) وكوريا الجنوبية (28 ألفاً).
أمّا في القارة الأوروبية، فلا تزال ألمانيا تملك أكبر تواجد عسكري أمريكي (أكثر من 34 ألف جندي) وذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة. وفي المراتب التالية تأتي إيطاليا (11700) وبريطانيا (9000) وإسبانيا (2500).
وكان الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” قد وعد بخفض التواجد العسكري الأمريكي حول العالم، كما نفّذ سياسة سحب بعض القوات من أفغانستان والعراق خاصة، لكن التواجد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط يبقى ذو أهمية كبيرة لواشنطن حيث يتواجد حوالي 35 ألف من جنودها في 20 بلداً من بلدان المنطقة.
وهناك خرائط وجداول نشرتها مواقع عالمية للدراسات الإحصائية بينها موقع “Graphiq Search” توضح التوزع العسكري الأمريكي في أنحاء العالم باعتماد أرقام شبه رسمية كما مبين أدناه:
لرؤية الجدول بشكل كامل اضغط على الرابط التالي:
فما هي أهداف هذا التواجد من النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية؟
في الحقيقة هناك إجابة مختصرة عن هذا التساؤل يمكن تلخيصها بأن أمريكا تسعى إلى فرض هيمنتها على الدول التي تتواجد فيها قواتها العسكرية، سواء كانت حكومات هذه الدول تسير في فلكها أو ترفض شعوبها هذا التواجد.
أمّا الإجابة التفصيلية عن التساؤل الآنف الذكر فيمكن الإشارة إليها على النحو التالي:
حصار روسيا والصين
سعت أمريكا إلى نشر قواتها العسكرية في الكثير من الدول الموالية لروسيا والصين “المعسكر الشرقي” بهدف فرض طوق أمني على هاتين الدولتين. ويمكن القول بأن واشنطن قد نجحت عن هذا الطريق في دق أسافين متعددة بين موسكو من جهة ودول مثل جورجيا وأوكرانيا من جهة أخرى.
تشديد الضغط على إيران
على الرغم من فشل أمريكا في فرض إرادتها على الجمهورية الإسلامية في إيران، إلاّ أنها سعت لتشديد الضغط عليها عن طريق نشر قوات عسكرية في العديد من الدول المجاورة. وقد ظهر هذا الأمر بشكل جلي بعد غزو أمريكا وحلفائها لأفغانستان عام 2001 وللعراق عام 2003.
ولا ننسى أن نشير هنا إلى أن أمريكا تملك العديد من القواعد البرية والبحرية والجوية في بلدان متعددة في المنطقة بينها الأردن وتركيا ودول مجلس التعاون.
تأمين انتشار القوات الأمريكية وقت الحاجة
أدت تداعيات “حرب الكويت” عام 1991، والفترة التالية لها إلى تحول كبير في شكل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، في اتجاهين:
الأول: اتساع نطاق التسهيلات العسكرية المقدمة للقوات الأمريكية في قواعد وموانئ ومطارات ومعسكرات ومراكز الغالبية العظمى من دول المنطقة ذات العلاقة بأمريكا، أو حتى بعض الدول التي لا يبدو أنه تربطها علاقات سياسية قوية بها. وتتضمن هذه التسهيلات استخدام هذه الأماكن لعمليات النقل الجوي وخدمات التزود بالوقود وأعمال الصيانة وتخزين الأسلحة إضافة إلى المناورات العسكرية المشتركة.
الثاني: تزايد عدد القواعد العسكرية الرئيسية بشكل غير مسبوق في المنطقة. وتأتي أهمية هذه القواعد من أنها تشكل مراكز عمليات عسكرية شبه متكاملة لدعم عمليات القتال الجوية أو البرية أو البحرية، سواء من خلال تمركز عناصر من تلك القوات فعلياً فيها، أو تجهيز القاعدة لانتشارها وقت الحاجة. ويمكّن ذلك القوات الأمريكية من إدارة عمليات عسكرية رئيسية بشكل سريع في اتجاهات مختلفة.
تشديد الطوق العسكري الأمريكي حول المنطقة
تتمتع القوات الأمريكية بشبكة واسعة من التسهيلات العسكرية التي تتيح لها الحضور أو التحرك “بشكل ما” في أراضي وأجواء ومياه كل دول الشرق الأوسط تقريباً باستثناء إيران.
والأهم هو حجم الوجود العسكري الأمريكي الفعلي المتمثل بوجود أساطيل حربية ضخمة تتمركز بشكل شبه دائم في المياه المحيطة بالمنطقة كالأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط، والأسطول السابع الأمريكي الذي يتمركز في المحيط الهندي وبحر العرب.
وتضم هذه الأساطيل أعداداً كبيرة من القطع البحرية المتنوعة بينها حاملات طائرات مقاتلة من طرازات مختلفة، إضافة إلى قوات بحرية يمكن نشرها وقت الضرورة تبعاً لأهداف تواجدها في المنطقة.
*الوقت التحليلي