دعوة الحزمي لوقف الحرب والحوار والمصالحة.. خلفياتها وعوامل نجاحها
بقلم / صلاح القرشي
لم يكن مفاجئا لأي متابع قيام الشيخ محمد الحزمي بمبادرة تحريك المياه الراكدة من خلال دعوته الى المصالحة مع قطبي سلطة صنعاء وفي اليمن عموما بصورة علنية , وقال انه حان الوقت الى حقن دماء اليمنيين واواوا.
تداعيات الازمة القطرية مع السعودية وحلفائها ، وإطالة الحرب بدون النجاح بحسمها من قبل أي طرف لصالحه ، وتقاطع المصالح وتغير في التموضعات لبعض أطراف الحرب ، كان لابد من حدوث تغيير في مواقف حزب الاصلاح.
قبل أن يدعو الشيخ الحزمي تناولت أنا قبل أكثر من أسبوع في مقال لي نشرته على صفحتي كان جزءا من عنوان المقال (الاصلاح في فوهة المدفع ) ، ومن يقرأه جيدا سيتوقع بحدوث تغيير في موقف حزب الاصلاح في قادم الأيام ، وانه هذا الحزب سيقدم على اتخاذ خطوات ما من شأنها تغير سياسته تجاه خصومة في الحرب في اليمن ، وهذه الخطوات قد تكون سرية ومن تحت الطاولة أو خطوات علنية.
واليكم ما قلناه قبل أسبوع:
( رغم انه دخل في مرحلة الكمون وتراجع عن المشهد الميداني والسياسي. الى حد كبير ، حزب الاصلاح (الاخوان المسلمين ) في اليمن يواجه خطر ضربه وإضعافه .، كل المؤشرات تقول ان السعودية قد تكون في هذا الوقت قد اتخذت قرار ضرب حزب الاصلاح واجتثاثه أو إضعافه بشدة وتجريده من قوته العسكرية والاقتصادية والسياسية ، واستبداله بتوازن آخر.
هذا ما نستشفه من التصعيد الإعلامي من تصريحات بعض القادة والمسؤولين في المملكة السعودية (مملكة الشيطان ) ضد حزب الاصلاح هذه الايام التي يتهمونه بإعداد خطط لمهاجمة المملكة في الفترة السابقة تحت رعاية واشراف الامارة القطرية ، وذلك من خلال إقامة معسكرات سرية على طول المحافظات المحاذية للسعودية في الجوف ومارب وغيرها.
وقد كشف بعض القادة والمسؤولين السعوديين عن اسماء بعض القيادات الاصلاحية التي كانت تتولى الاشراف على هذه المعسكرات السرية من بينهم الشيخ أمين العكيمي وآخرون.
السعودية ستستمر في سياسة ضرب وإضعاف كل أحزاب الاخوان المسلمين في اليمن وفي كل الدول طالما والنظام القطري المدعوم تركيا لايزال في الحكم ولم تسقطه).
انتهى الاقتباس من المقال السابق.
كيف قوبلت دعوة الشيخ الحزمي في الوسط السياسي في صنعاء. وماهي ردود الافعال تجاهها؟
من أهم المواقف التي رصدناها هي موقف رئيس اللجنة الثورية العليا الاستاذ محمد علي الحوثي. الذي رحب بدعوة الشيخ الحزمي وأبدى موافقة كبيرة على الحوار والمصالحة وحقن دماء اليمنيين، ويبدو أن الاستاذ محمد علي الحوثي يضطلع بدور ريادي في إحداث تقارب ، ويعول عليه كثيرا في هذا الجانب ، وخاصة وإن الاستاذ محمد علي الحوثي وهو أحد القيادات المهمة في حركة انصار الله كان له موقف شجاع وقوي في الإعلان عن تأييده للدولة القطرية في نزاعها أو أزمتها مع السعودية والامارات والبحرين ومصر في بداية حدوث الازمة الخليجية وقيام دول الحصار في فرض مقاطعة شاملة على قطر.
مواقف رئيس اللجنة الثورية العليا ازاء قطر، تكسبه أهمية كبيرة في القيام بدور ناجح في قيادة عملية تقارب ومصالحة أو وقف الحرب مع حزب الاصلاح (الاخوان المسلمين ).
الموقف الثاني الذي رصدناه بيان صادر من قبل الشيخ صادق ابو شوارب عضو اللجنة الثورية العليا وما يتمتع أيضا من رمزية قبلية ، والذي رحب بدعوة الشيخ الحزمي بل أن بيانه أشاد بها ودعا الى وقف الحرب بين الاخوة اليمنيين وحقن دمائهم.
باعتقادي أبو شوارب ينطلق ببيانه وفي رغبته في وقف الحرب ، لانه يعلم ان حزب الاصلاح مكوناته وقواعده وقيادته غير مقتصرة على المناطق الشافعية وإنما نسبة كبيرة من قواعده وقياداته تنتمي الى ( المناطق الزيدية القبلية) ، وان استمرار الحرب هو استمرار نزيف الدم بين أبناء هذه القبائل في جبهات صرواح ونهم والجوف وميدي وغيرها.
محمد اليدومي الامين العام لحزب الاصلاح، والآنسي ، والعلامة الديلمي ، وزيد الشامي ، وحميد الاحمر ، هذه فقط امثلة للقيادات (الزيدية) الكثيرة في حزب الاصلاح والمؤثرة ، بالاضافة الى الجنرال علي محسن الاحمر (الزيدي ) الحليف القوي لحزب الاصلاح ، وكثير من المشايخ الذين ينتمون لقبائل أرحب وهمدان والحيمتين وغيرها.
هذه عوامل قد تدفع بتسريع الوصول الى وقف نزيف الدم ووقف الحرب ، لاسيما وان الخطر السعودي أصبح معلنا ضد الجميع .
وجود نوع من التوازن بين الاحزاب والقوى الثلاثة (مكون انصار الله وحزب المؤتمر وحزب الاصلاح ) مهم لقيادة تسوية سياسية داخلية توقف الحرب ويعول عليهم جميعا بقيامهم بعملية اقناع بقية القوى الجنوبية للانضمام لوقف الحرب والدخول بحوار ينهي الازمة ، وبحيث يكون هناك نوع من تبادل الادوار بينهم.
فمثلا حزب المؤتمر الشعبي العام وما يحتفظ به من علاقات جيدة مع الاماراتيين يستطيع اقناع القوى الجنوبية القريبة والمدعومة من دولة الامارات والوصول الى تفاهم يفضي الى الحوار ووقف الحرب، أكثر بكثير من حزب الاصلاح الذي لا يستطيع ان يلعب هذا الدور بحكم علاقتة السيئة مع الاماراتيين ، لكنه يستطيع لعب دور مؤثر مع بقية القوى المنضوية لشرعية هادي كون الحزب يتميز بثقل وازن فيها ، وهكذا تستطيع هذه القوى الثلاث اذا ما تصالحت واتفقت على القيام بدور كبير ورئيسي وموثر في إحلال السلام الداخلي وإعادة القوة للجبهة الداخلية. ولعب أدوار مهمة وفرض شروطهم على القوى الخارجية المحتلة واجبارها على تقبل الامر الواقع ، وحتى لو استمرت في عدوانها على اليمن ستكون أضعف مما كانت عليه منذ بداية الحرب وحتى الآن ، لان الخارطة السياسية الداخلية للقوى الداخلية ستكون قد تغيرت وتموضعت بغير مصلحتها.
بيني وبينكم يجب ايضا أن نضيف عامل الحشد المليوني الكبير المتوقع والمزمع اقامته في ميدان السبعين في الـ24/8 من قبل المؤتمر الشعبي العام ، اربك الجميع و كل الاطراف لما له من تداعيات مؤثرة قد يفرضها هذا التجمع ، لذلك شاهدنا جميعهم يستبقون هذا الحشد بتصريحات ومبادرات ، فولد الشيخ يصرح بضرورة الاسراع بفك الحصار عن مطار صنعاء ويدعو للبدا في الحوار ؟؟ ، والسعودية توافق على فتح مطار صنعاء ولو كان على مضض وبشروط ؟؟؟ ، والشيخ الحمزي يبادر إلى الدعوة للمصالحة ووقف الحرب ؟؟؟ وهادي يذهب الى الاعلان عن استعداده لدفع مليون ريال سعودي لكل نائب يصل عدن ويشارك ؟؟؟ لانه يشعر أن شرعيته تآكلت ويريد التعويض وسحب شرعية مجلس النواب الموالي لسلطة صنعاء؟؟؟ جميعهم في سباق محموم قبل هذا الحشد؟؟؟؟؟،
أخيرا كلنا أمل بأن تصل هذه القوى الداخلية لقرار وقف الحرب وحقن دماء اليمنيين والمصالحة من خلال البدء بحوار جدي بينهم بعيدا عن الارتهان للخارج وإملاءاته وتدخله وتغليب مصلحة الشعب اليمني ووفقا لثوابتنا الوطنية ، ووفق العدالة والمساواة والمصالحة المشرفة للجميع والتي تحفظ كرامة الجميع ، نعلم أن الاطماع الخارجية ستستمر ولن ترفع بسهولة عن اليمن ولكن كلما تكتلت الاطراف الداخلية وتصالحت ستكون اكثر قوة في مواجهة هذه الاطماع الخارجية والتدخلات العسكرية والسياسية والاقتصادية لها , وخاصة إن استغلت الاطراف الداخلية الخلافات الاقليمية بين دول التحالف التي استجدت الاستغلال الامثل.
قال تعالى: ( ولله ما في السماوات وما في الارض ، وإليه ترجع الامور ).