الخبر وما وراء الخبر

ما هي الشعرة التي قصمت ظهر بعير السفير السعودي في القاهرة ودفعته للعودة الى الرياض غاضبا؟

185

ذمار نيوز-مقالات 19-10-2015

ان يغادر السيد احمد القطان سفير المملكة العربية السعودية القاهرة “غاضبا”، فهذا امر متوقع يعكس مدى تدهور العلاقات بين البلدين على ارضية خلافات جوهرية في اكثر من ملف ساخن في المنطقة.

اصدار السفارة السعودية في القاهرة بيانا يؤكد “عمق العلاقات” بين مصر والسعودية جاء متأخرا، وغير مقنع في الوقت نفسه، لان قنوات الاتصال بين البلدين مسدودة على اعلى المستويات، وكان تأجيل، او الغاء، زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة في طريق عودته من واشنطن الشهر الماضي هو الدليل الابرز في هذا المضمار.

الحكومة المصرية تختلف كثيرا مع سياسات نظيرتها السعودية في ملفين اساسيين: اليمن وسورية، وكان رفضها، اي مصر، ارسال قوات برية للقتال في اليمن في اطار التحالف العربي الذي تتزعمه السعودية، نقطة تباعد اساسية في الملف الاول، مثلما جاء استقبال القاهرة للواء علي المملوك، رئيس جهاز الامن القومي السوري رسالة قوية للسلطات السعودية، تؤكد التقارب مع سورية والنظام الحاكم فيها.

الشعرة التي قصمت ظهر البعير في رأينا، تمثلت في التصريحات التي ادلى بها امس السيد احمد ابو زيد المستشار في الخارجية المصرية، وقال فيها “لا خلاف حول مخرجات مؤتمر جنيف، لكن مسألة بقاء الرئيس بشار الاسد من عدمه هو امر يحسمه الشعب السوري”.

بقاء الرئيس الاسد على رأس السلطة في سورية يشكل خطا احمر بالنسبة للسلطات السعودية، لا يمكن ان تتسامح في تجاوزه، خاصة اذا جاء هذا الاختراق من مصر، الدولة التي قدمت لها مساعدات مالية واقتصادية تزيد عن 20 مليار دولار، وسمعنا السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي يؤكد طوال الوقت على حتمية رحيل الرئيس السوري سلما او حربا، وان لا مكان له في مستقبل سورية.

الخطوط الحمراء السعودية تحولت الى خضراء بالنسبة الى السلطات المصرية، وزادها اخضرارا ترحيب الاخيرة بالتدخل العسكري الروسي في سورية ومساندته، الامر الذي جعل الكيل السعودي يطفح، فيما يبدو، ودفع بالسفير السعودي الى الرحيل غاضبا في حالة “حرد”، ليست جديدة على الدبلوماسية السعودية هذه الايام.

الخطأ الاكبر الذي ارتكبته السعودية في نظر مصر وسلطاتها، هو احتضان العاهل السعودي الجديد، اي الملك سلمان، حركة “الاخوان المسلمين” العدو الاكبر لنظام الرئيس السيسي، وتحالفها، اي السعودية، مع كل من قطر وتركيا الداعمتين الرئيسيتين لهذه الحركة، وهو اي التحالف مع حركة الاخوان المسلمين، انقلاب على السياسية السعودية السابقة التي كان يتبناها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز.

متى سيعود السفير القطان الى سفارته في القاهرة؟ لا احد يستطيع ان يعطي جوابا شافيا في هذا الاطار، لكن متابعة الحملات الشرسة التي يشنها الاعلام المصري، او بعض اوساطه على الاصح، ضد المملكة العربية السعودية وسياساتها، توحي بأن اقامته في الرياض قد تطول.

 

افتتاحية صحيفة رأي اليوم-لندن