الخبر وما وراء الخبر

ماذا لو لم يدافع (أنصار الله) عن اليمن؟

163

بقلم / طالب الحسني

قبل البدء يجبُ التسليمُ بثلاث نقاط مهمة، حتى لا يفهم من هذه المقالة أننا نلغي الدورَ الكبيرَ والهام للمؤتمر الشعبي العام ولقواعده بالذات في مواجهة العدوان.

  • النقطة الأولى أن كثيراً من القيادات المحسوبة على المؤتمر لا يعبّرون عن قواعد الحزب.
  • الثانية أن الحفاظ على التحالف بين المؤتمر وأنصار الله ضرورةٌ مستقبلية، وأن أي اختراق لهذا التحالف سيدفع ثمنه الجميع.
  • الثالثة أن أنصار الله قوة سياسية عسكرية وطنية لها ثقلها الكبير. ومحاولة البعض شيطنتها اشتباه أجوف.

كتب القيادي المحسوب على المؤتمر عادل الشجاع (يجلس في الأردن حالياً) ماذا لو رفع المؤتمرُ الغطاءَ عن الحوثيين؟، اعتبر أن المؤتمر أخطأ في مواجَهة العدوان وواجه المجتمع الدولي وتحالف مع الحوثيين، وبالتالي فإن المؤتمر -وفق عادل الشجاع- في المكان الخطأ، وأنه خسر الكثير مقابل هذه الشراكة التي يجب أن يوقفها فوراً، يقول عادل الشجاع فإنه في هذه الحالة سيخسر الحوثيين قوتهم.

يجب أن نضعَ عادل الشجاع مجدداً في ظروف 2011 وَ2012، فبيد أنه لم يعد يتذكر، هذه الظروف، أي ظروف المؤتمر الشعبي العام قبل المبادرة الخليجية، انقسام عسكري كبير، وانقسام سياسي، تخلّى الكثير عن صالح، بل أبرز قيادات الحزب، وأبرز أركان النظام، محافظو 16 محافظة يمنية، القيادات العسكرية في الأربع المحاور والمناطق العسكرية، وأفضل من وقف مع صالح التزم الصمت، وفشلت قوات صالح في إخضاع الحصبة ومذبح والستين، الغربي وكثير من الأحياء، ونحن نتحدث هنا عن العاصمة، حتى وصل الوضع العسكري إلى أن صالح لم يكن يستطيع نقل لواء من أية منطقة عسكرية (الإصْلَاح كان يقطع الطرقات والخطوط ويمنع تنقل الألوية العسكرية)، لن أطيل في شرحها فهذه الظروف كانت معروفة.

 

ظروف ما بعد المبادرة الخليجية

هل حفظ هادي مكانة حزب المؤتمر الشعبي العام؟

ما بعدَ المبادرة الخليجية ورغم أن صالح منح حصانة والمؤتمر دخل في شراكة مع الإصْلَاح في حكومة الوفاق، وأعتقد البعض في المؤتمر مخطئين أن هادي سيحفظ لحزب المؤتمر مكانته وبقاءَه في السلطة وفي كُلّ محافظة، ويثبت للمؤتمر هيكلتَه في السلم الوظيفي للدولة مثلما كان الحال سابقاً، وبالتالي ينجو المؤتمر وأعضاءه من الإقصاء من الوظيفة العامة، لكن هذا لم يحصل، لقد تم اقصاء المؤتمر وبدأت عملية إبعاده من المواقع المهمة في السلم الإداري بشكل علني وواضح بل وبدعم من أعتقدوا أنه سيقف معهم، أعني هادي أَوْ (الأيدي الأمينة بحسب توصيف صالح)، كانت اليد العليا للإصْلَاح والموالين لقياداته، في الدوائر المغلقة للحزب، كانت توضع الخطط لإقصاء المؤثر بشكل نهائي؛ للضغط عليهم للتخلي عن صالح، وبدأت بالفعل وتخلّى الكثير مقابل الحفاظ على أماكنهم، ماذا كان يعني ذلك؟ لقد عمل الإصْلَاح على استخدام الوظيفة العامة في العمل السياسي والحزبي وضرب المؤتمر مستغلاً السلطة.

في الوقت الذي كان الإصْلَاح -وبدعم وإيعاز من هادي- يواصلون تأجيج الشارع تحت عناوين شباب الثورة وثورة المُؤَسّسات لإخراج من تبقى من قيادات المؤتمر والمحسوبين عليه في مُؤَسّسات الدولة واستبدلهم بالمحسوبين على الإصْلَاح، وفي المحافظات هوجمت وأحرقت مقرات المؤتمر الشعبي العام ونُهبت من قبل المتظاهرين المدعومين من الإصْلَاح وعلي محسن، وكان اجتثاث الحزب بشكل كامل يجري بطريقة تدريجية.

في الجانب العسكري تم إبعاد كُلّ القيادات العسكرية المحسوبة على صالح والمؤتمر، باستثناء عدد قليل، حتى هؤلاء كانوا مقربين كقيادات من هادي ويجاملونه بينما كانت قلوبهم مع صالح، لكنهم عاجزين عن فعل أي شيءٍ، استسلام كامل، وبالتالي كان حزب المؤتمر يفقد وجوده الفعلي المؤثر.

 

الحوارُ الوطني ومرحلةُ شقّ المؤتمر

في الحوار الوطني اتضح لكل المؤتمريين أن هناك كتلتين للمؤتمر، كتلة مع صالح، وكتلة مع هادي، أي أن هادي بدأ يشقّ المؤتمر ويقسمه من الداخل ويستقطب قياداته مقابل المناصب والمواقع في السلطة، واستطاع هادي أن يضُمَّ إلى صفه كُلَّ أصحاب المنافع والمصالح وتخلى الجميع عن صالح، قيادات عليا في الحزب واللجنة المركزية والفروع، وكانت الخطوة التالية هي إبعاد صالح من رئاسة المؤتمر ويترأّسُه هادي، وعمل الإصْلَاح بكل جهد وليل ونهار؛ لتحقيق هذه الخطوة، كان أيضاً هادي يعمل بهدوء ويستقطب من بقي في المؤتمر بالترغيب والترهيب، وعندما شعر أنه أَصْبَح متمكناً بدأ في السيطرة على مُؤَسّسات حزب المؤتمر الشعبي العام وإغلاق بعضها، الجميعُ يتذكّرُ إغلاق هادي لقناة اليمن اليوم ودخولها بالقوة.

 

إذا من الذي أنقذ الآخر؟

نسأَلُ اليومَ عادل الشجاع والمؤتمر أيضاً، مَن هو المؤتمر الذي منح أنصار الله الغطاءَ -كما يقول- وأخطأ المؤتمر بهذه الشراكة؟ كُلّ قيادات الصف الأول من المؤتمر بمَن فيهم الأمين العام للحزب (بن دغر) كانوا ينسقون مع هادي في الحوار الوطني 2012، أي قبل العدوان بأعوام، لمغادرة جناح صالح والانضواء في المؤتمر الجديد بقيادة هادي، كانت الضغوط تتجهُ ويقودها الإصْلَاح وهادي لمغادرة صالح أولاً الحزب وتسليم رئاسته لهادي وتالياً اليمن، لم يكن هذا مجرد مطالبات فقط، بل عملية استقطاب جرت في كُلّ المحافظات، وكان مؤتمر صالح ينحسر تدريجيا.

أذكّر هنا الشجاع والبعضَ في المؤتمر، هذا كان حاصلاً قبل الشراكة.

كانت تعني السيطرة على رئاسة المؤتمر من القاعدة إلى الهرم ومن ثَم تجفيف تيار صالح، وعزله وكان دون حلفاء في الداخل والخارج، كُلّ شَيء كان يترتب لإبعاد صالح، ولو لم تأتِ ثورة 2014 التي كانت امتداداً لـ2011 وأحداث 2013 لما كان هناك مؤتمر بقيادة صالح، فكل القيادات التي هي اليوم مع العدوان كانت مع هادي.

 

استمرارُ الثورة في 2013 -2014

استمرارُ الثورة والمطالبة بإسقاط حكومة الإصْلَاح وصالح هي مَن أنقذت المؤتمر من الاجتثاث، أولاً لأنها أربكت حساباتِ هادي والإصْلَاح وعملية الاقصاء والاستقطاب داخل المؤتمر، وثانياً لأنها استهدفت خصومَ صالح وخصومَ اليمن أيضاً، الذين كانوا يوجهون هادي (آل الأَحْمَر وعلي محسن الأَحْمَر ومعهم الإصْلَاح وتيار هادي من قيادات المؤتمر)، ولم يتنفس صالح وقليلٌ من حوله، (ومن كان حول صالح في هذه الفترة لم يكونوا الصف الأول في حزبه بل الصف الثاني) إلّا بعد إسقاط أبرز خصومه خلال الثورة ومواجهتهم عسكريًّا، وساعد في ذلك كراهية الشعب اليمني لهادي والإصْلَاح، بالإضَافَة إلى حماس الثورة والتفاف القبائل وانضمام القوى السياسية والانتصار وتجاوز الجميع.

فإذاً مَن الذي أنقذ الآخر؟