الخبر وما وراء الخبر

عبدالقوي… اليمن العصي على الكسر

330

بقلم / محمد عايش

واتضح أن الشهيد البطل، واليمني الحر، الذي دفن حياً وهو أسيرٌ في المخا، أحد أبناء قريتي في آنس بمحافظة ذمار.

كان عبد القوي عبده حسين الجبري يقاتل في الحدود ضد العدوان السعودي؛ العدوان الذي لم أعد أنا وحدي، ولا الحوثي، ولا صالح ولا هيكل ولا الاتحاد الأوروبي ولا إيران ولا نصر الله، ولا المنظمات الدولية المرموقة وغير المرموقة؛ من يقولون إنه يحارب ضد اليمنيين لمآربه الخاصة وليس من أجل الشرعية التافهة، والتافهين من أتباعها..

بل حتى الأمريكيين يقولون ذلك:
ستيفن سيش، السفير الأمريكي الأسبق في صنعاء، وأحد سفراء أمريكا في اليمن الذين تحولوا، بعد إنهاء مهامهم كسفراء، إلى موظفين في اللوبي السعودي داخل أمريكا؛ يقول بالنص: إن المملكة منهمكة في فرض منطقة عازلة مع اليمن.
وهي المنطقة التي كتبت عنها قبل أسابيع، المنطقة التي أحرقت الحياة فيها حرفياً وحولت مدنها وقراها (حرض وميدي وما حولهما) إلى خرائب، متعمدةً ارتكاب مجازر جماعية بشعة بقصد تهجير السكان، وهم بمئات الآلاف، وإخلاء المنطقة كي تكون منطقة “عازلة”.
كان عبد القوي هناك من بداية العدوان يدافع عن مئات الآلاف أولئك، وعني وعنكم.
ثم جاءته الأوامر فانتقل إلى المخاء.

المخاء.. هناك حيث الإمارات ترتكب مجازر بشعة أخرى، لم أعد أنا، ولا الحوثي ولا صالح ولا المنظمات الدولية ولا أمريكا ولا قطر، من نقول، إنها مجازر ليست حتى من أجل الشرعية التافهة والتافهين من أتباعها..
بل السعوديون أنفسهم صاروا يقولون إنها معارك ومجازر من أجل أجندات الإمارات ومصالحها لا غير:

الأمير عبد العزيز، نجل الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، كتب الأسبوع قبل الماضي تغريدات يقول فيها إن الإمارات تنفذ في اليمن أجنداتها الخاصة، وتسعى لاحتلال جزر اليمن ومياهه وشواطئه، ثم عقب بتغريدة يشتم فيها بن زايد ويقول إنه لا يساوي نعلا من نعال آل سعود!
كان عبدالقوي هناك يواجه مشاريع الاحتلال الإماراتية، وجرائم داعش الإماراتية.

بصد الغزو عن بلده، ويدفع عني وعنكم أخلاق داعش المتوحشة، حتى وقع في أيدي التوحش، فعذب بالأسيد، ثم دفن حيا، وهو يرفض أمام الكاميرا أن يستجيب لطلبات القتلة بأن يشتم قياداته.
أي عظيم أنت أيها الشاب الذي تلوح اليمن في كل قسمة من قسمات وجهه؟!
أية صلابة.. أية شجاعة.. أية قوة.. أي نبل، وأية نخوة كنت عليها!
لو تعرضت جبال المخاء وكهبوب لما تعرضت له لانهدت، فيما أنت استعصيت حتى لفظت آخر نفس من أنفاسك تحت التراب.
لقد جعلت من حياة الأحياء بعدك نذالة، ومن العيش في ظل فرعنة الصغار الإماراتيين ومرتزقتهم ذلاً ومهانة.
سنحتفي بك يا عبدالقوي ما بقي اليمن، وما تعاقب ليل اليمنيين ونهارهم.

سنردد اسمك، ونرفع صورك، وننحت لك التماثيل..
فيما سيظل قتلتك المنحطون متوارين، هاربين عن الأنظار، متلفعين بالخزي والجبن والعار، طوال ما تبقى من حياتهم.
سيعرف اليمنيون اسمك لأجيال وأجيال، ولن يعرف اسم قتلتك أحد.

ولا يهمنا أن نعرفهم، يكفي فقط أن نعرف أن القتلة هم النخبة الجنوبية الفاسدة التي باعت مواطنيها الجنوبيين للارتزاق في سوق السعودية والإمارات، وبوعي منحط بهيمي لا علاقة حتى للحيوانات به.

لا علاقة للإنسان، لا علاقة لليمنيين، لا علاقة للجنوب، لا علاقة للصبيحة، بهذا الشذوذ المريع عن الآدمية؛ العلاقة كلها هي بالمال السعودي والإماراتي، المال الذي يشتري أحط ما في اليمنيين، وأنذل من في اليمنيين، لينالوا من أنبل ما في اليمن وأكرم ما في اليمنيين.