موقع أوروبي: رؤية 2030 مجرد سراب والوضع الاقتصادي قد يعجل بالفوضى في السعودية
ذكر موقع أوروبي أن الوضع في السعودية سيتغير في الأشهر أو في السنوات المقبلة، وأن العديد من الشركات في جميع أنحاء المملكة أصبحت تناضل من أجل الاستمرار في النشاط والوفاء بالتزاماتها المالية، وتشمل هذه الالتزامات التكاليف الثابتة والتشغيلية، كالأجور والإيجارات ومختلف الرسوم التي تشهد ارتفاعا مع الأيام.
وقال موقع يورنيوز في تقرير اقتصادي له إن السلطات السعودية أصبحت تعتبر أنّ العمال الأجانب الذين ينشطون في سوق العمل السعودية مصدرا لزيادة الدخل.
فالتقارير الأخيرة الصادرة عن وزارة العمل في السعودية تؤكد وجود حوالي 12 مليون أجنبي في المملكة، 8 ملايين منهم ينشطون في سوق العمل والباقي يتواجدون هناك كمرافقين.
وأضاف منذ أسابيع قليلة قامت السلطات السعودية بتحصيل الرسوم على المرافقين عند تجديد بطاقات الإقامة الخاصة بهم، حيث سيدفع المرافق حوالي اثنين وعشرين يورو شهريا.
وحسب التقارير الاقتصادية سيرتفع المبلغ إلى حوالي 95 يورو بحلول عام 2020، وهو ما سيسمح بتوفير أكثر من 15 مليار يورو للناتج القومي السعودي.
وتابع هذه الرسوم الجديدة قد تساهم من دون شكّ في زيادة الإيرادات المباشرة، لكنّها ستدمر أيضًا ريادة الأعمال في المملكة والشركات الصغيرة والمتوسطة التي تنشط في إطار ميزانيات وموارد محدودة جدا. وبدلًا من دعم هذا القطاع الذي يناضل، فإنّ هذه الأنظمة الجديدة سوف تضغط عليها فقط بهذا القرار. ولهذا السبب، رد العديد من أصحاب العمل بنقل هذه الرسوم الجديدة إلى موظفيهم وعمالهم. ونتيجةً لذلك، يتعين على الغالبية العظمى من العمال الأجانب دفع هذه الرسوم من دخلهم الخاص. وبدلًا من الدفع، في الأسابيع التي أعقبت تطبيق القانون، فرّ عشرات الآلاف من المملكة، وسيتبع ذلك المزيد. ونتيجةً لذلك، فإنّ سوق العمل آخذٌة في التقلص إلى اليوم، في حين أنّ تكاليف العمل والخدمات آخذة في الارتفاع. كما سترتفع أسعار العديد من الخدمات التي تقدمها الشركات المتأثرة، وهذا ما يؤكد أنّ الاقتصاد في المملكة العربية السعودية يتقلص.
وذكر موقع يورنيوز أن وثيقة برنامج تحقيق التوازن المالي للسعودية أظهرت أنه سيتم مستقبلا إعادة النظر في فرض مقابل مالي على كل عامل وافد في القطاع الخاص تدريجياً، والذي سيعطي دافعاً إضافياً للشركات لتوظيف عدد أكبر من المواطنين. وسيتم إعادة النظر في فرض مقابل مالي على العمالة الوافدة التي تقل عن عدد العاملين السعوديين. كما سيتم فرض مقابل على كل مرافق للعمالة الوافدة في القطاع الخاص.
وأكد أن الضغوطات المتتالية على الشركات الصغيرة والمتوسطة دفعت الكثير منها إلى مغادرة البلاد في وقتٍ تعد فيه القوة الشرائية للسعوديين في أدنى مستوياتها منذ عقود.
وأشار إلى أن البنك التجاري السعودي ذكر في تقرير صدر عام 2016 أن مدينة جدة شهدت في فبراير-شباط عام 2015 انخفاض عمليات السحب النقدي بنسبة 13.3% (على أساسٍ سنوي)، وتراجعت قيمة البيع بنسبة 9.0% سنويًا، وهو أكبر انخفاض منذ العام 2009. انخفاض الدخل المتاح مع ارتفاع أسعار الطاقة والمياه، بالإضافة إلى الآثار السلبية للانخفاضات السنوية المتتالية في السوق المالية السعودية قد يؤثر على حجم الاستهلاك والإنفاق.
وأعتبر أن تدهور الوضع الاقتصادي ليس بالضرورة سبب الغضب الشعبي، فهناك دول تشهد وضعا اقتصاديا مترديا، لكن شعوبها لم تحتج ضد حكوماتها. ولكن هناك أمور أخرى كالأمور العقارية، فالعائلة التي تشتري منزلا بعد سنوات من التوفير والادخار ستتجه إلى الغضب والاحتجاج بمجرد فقدانها لذلك المنزل، فخيبة الأمل والشعور بالفقر والتشرد للشخص ولجميع أفراد عائلته يدفعه إلى العنف، فعندما يفقد الناس كل ما لديهم، يكون رد فعلهم الوحيد هو تفريغ الغضب في الشوارع.
وأوضح أنه من بين المؤشرات التي تنذر بتراجع الاقتصاد السعودي، هناك شائعات بأنّ الحكومة، بعد أن جمدت رسميًا التوظيفات الجديدة في القطاع العام، وهي تنظر بجدية في إنهاء خدمة عشرات الآلاف من موظفي الحكومة، ما ينذر بانتشار الفقر والبطالة على مستوى واسع من الأسر والعائلات. وبما أنّ الطبقة والفقيرة والمتوسطة في السعودية تتركز أساسا في المدن، فهي بالتالي قادرة، على التحرك بفاعلية، على خلاف الفقراء في بلدان العالم الثالث الأخرى. وكما أظهر الفقراء التونسيون والمصريون في ثورات بلدانهم، يتمتع الفقراء السعوديون ببنية تحتية متينة للاتصالات، وهم على اتصالٍ جيدٍ جغرافيًا، وبالتالي يمكنهم بسهولة التنظيم والتعبئة.
وقال الموقع الأوروبي إن هناك عاملٌ مهمٌ آخر، وهو المال في السياسة السعودية، حيث كانت القيادة السعودية تستخدمه دائمًا كأداة لتوسيع النفوذ وتعزيز الاستقرار، من خلال الإنفاق الداخلي على عقود العمل والبناء. وبالتالي، فإنّ تراجع السيولة سيزيد من زعزعة الاستقرار في المملكة في المستقبل القريب.
وتحت عنوان”مشروع رؤية 2030 مجرد سراب”، ذكر الموقع أن بعض الخبراء اعتبروا أنّ مشروع “رؤية السعودية 2030“، تدخل في إطار تكتيكات العلاقات العامة للمملكة، والمشروع ليس إلاّ مغامرة لولي العهد، الأمير الشاب محمد بن سلمان، وهي لا تقل خطورة عن مغامرته السابقة في اليمن، وأنّ الإحصائيات التي تحدثت عن أن الاحتياطي النفطي لدى المملكة 716 مليار برميل أسطورية، وأن الإصلاحات التي أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في “رؤية السعودية 2030“، وإنشاء صندوق استثمار عالمي بقيمة 2 تريليون دولار، فضلا عن بيع أسهم في شركة النفط السعودية الحكومية “أرامكو“، سيطاح بها جميعا قبل وقت طويل من الموعد النهائي للرؤية في 2030.
وكانت صحيفة “الأندبندنت” البريطانية قد أشارت إلى أنه ومنذ سنوات، تحدث محللو النفط عن أن الاحتياطي النفطي في المملكة أقل بكثير مما تتحدث عنه السعودية، وهو ما اتضح في تسريبات لويكيليكس، التي كشفت أنّ سفارة الولايات المتحدة في الرياض حذرت واشنطن، من أن الاحتياطي النفطي لدى المملكة أقل 40% مما هو متوقع.
وخلال الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي مؤخرًا إلى المملكة، وقعت الحكومة اتفاقات قيمتها 350 مليار دولار على مدى 10 أعوام، وتعامل السعوديون على نطاقٍ واسعٍ على أنّ هذا الاتفاق مهين. كما قدمت الحكومة السعودية مليارات الدولارات إلى مصر في صور مختلفة من الوقود والنقد والمنح الأخرى في حين يتم تجاهل المطالب الشعبية بتبني إصلاحات في مجال الصحة والإسكان والعمل التي تشتد الحاجة إليها.
ولا تسمح السلطات السعودية لمواطنيها بالتغريد خارج السرب والخروج عن الرأي الرسمي، بما في ذلك التعبير عن التعاطف مع قضية لا توافق عليها الحكومة أو بلدٍ لا تحبذها مثل قطر. فقد ثبت مثلا أنّ أي مواطنٍ سعوديٍ يعتبر مذنبا في حال تعاطفه مع الموقف القطري في النزاع الدبلوماسي الأخير، وقد يواجه عقوبة بالسجن. كما يرى موقع “ميدل ايست أي” أنّ السلطات السعودية تساهم بشكل كبير في تهميش الثقافات الفرعية المحلية لكل منطقة في السعودية.
وحسب موقع “ميدل ايست أي” تعتبر العوامل الاجتماعية والاقتصادية للحرب الأهلية في المملكة قائمة في مجتمع يفتقر إلى التعددية الثقافية التي تكون بمثابة جدارٍ دفاعي ضد عسكرة أي اضطراباتٍ سياسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الأداء السياسي والاقتصادي للحكومة ينتج مستوياتٍ غير مسبوقة من الإحباط.
ويظهر ذلك عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي، التي تعد الوسيلة الوحيدة للتعبير السياسي المتاحة في البلاد. وقد تعمل أيضًا كوسيلة للاتصال والتعبئة.
ويذكر موقع يورنيوز أنه لن يحتاج الأمر سوى بضعة آلاف ينقلون غضبهم من المنصات الاجتماعية إلى الشوارع، مع رد قوات الأمن بالعدوان والعنف، لكي ينزلق الأمر إلى ما يمكن وصفه بالمراحل الأولى لحربٍ أهلية.
ويعتبر موقع “ميدل ايست أي” أن الاستراتيجية الكفيلة بالحفاظ على تماسك المملكة العربية السعودية تكمن في الانفتاح السياسي وإنشاء هيئة تشريعية مفتوحة وشفافة وفعالة ومنتخبة للتوزيع السياسي العادل للمسؤولية للتخفيف الضغوطات الداخلية التي تواجهها الحكومة. إضافة إلى حرية التعبير ونشر الشعور بالثقة وتخفيف العداء تجاه الحكومة.